[ ص: 396 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة الفتح 
قوله تعالى : إنا فتحنا لك فتحا مبينا  ليغفر لك الله     . 
لا يخفى ما يسبق إلى الذهن من تنافي هذه العلة ومعلولها ، لأن فتح الله لنبيه لا يظهر كونه علة لغفرانه له . 
والجواب عن هذا من وجهين : 
الأول : وهو اختيار  ابن جرير  لدلالة الكتاب والسنة عليه أن المعنى إن فتح الله لنبيه يدل بدلالة الالتزام على شكر النبي لنعمة الفتح ، فيغفر الله له ما تقدم وما تأخر بسبب شكره بأنواع العبادة على تلك النعمة ، فكأن شكر النبي لازم لنعمة الفتح ، والغفران مرتب على ذلك اللازم . 
أما دلالة الكتاب على هذا ففي قوله تعالى : إذا جاء نصر الله والفتح  ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا  فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا    [ 110 - 3 ] . 
فصرح في هذه السورة الكريمة بأن تسبيحه بحمد ربه واستغفاره لربه شكرا على نعمة الفتح سبب لغفران ذنوبه ، لأنه رتب تسبيحه بحمده واستغفاره بالفاء على مجيء الفتح والنصر ترتيب المعلول على علته ، ثم بين أن ذلك الشكر سبب الغفران بقوله : إنه كان توابا    . 
وأما دلالة السنة ففي قوله صلى الله عليه وسلم لما قال له بعض أصحابه لا تجهد نفسك بالعمل ، فإن الله غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر : أفلا أكون عبدا شكورا   . 
فبين صلى الله عليه وسلم أن اجتهاده في العمل لشكر تلك النعمة وترتب الغفران على الاجتهاد في العمل لا خفاء به . 
 [ ص: 397 ] الوجه الثاني : أن قوله : إنا فتحنا يفهم منه بدلالة الالتزام الجهاد في سبيل الله ، لأنه السبب الأعظم في الفتح ، والجهاد سبب لغفران الذنوب  ، فيكون المعنى : ليغفر لك الله بسبب جهادك المفهوم من ذكر الفتح ، والعلم عند الله تعالى . 
				
						
						
