الاسم : هو وهو علم مركب من اسمين ، وذكر محمد الأمين محمد تبرك .
واللقب : آبا بمد الهمزة وتشديد الباء من الإباء .
واسم أبيه : محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد نوح بن محمد بن سيدي أحمد بن المختار من أولاد الطالب أو بك وهذا من أولاد أولاد كرير بن الموافي بن يعقوب بن جاكن الأبر ، جد القبيلة الكبيرة المشهورة المعروفة بالجكنيين . ويعرفون بتجكانت .
نسب القبيلة : ويرجع نسب هذه القبيلة إلى حمير . كما قال الشاعر الموريتاني محمد فال ولد العينين مستدلا بفصاحتهم على عروبتهم :
إنا بنو حسن دلت فصاحتنا أنا إلى العرب الأقحاح ننتسب إن لم تقم بينات أننا عرب
ففي " اللسان " بيان أننا عرب انظر إلى ما لنا من كل قافية
لها تنم شذور الزبرج القشب
يا قائلا طاعنا في أننا عرب قد كذبتك لنا لسن وألوان
وسم العروبة باد في شمائلنا وفي أوائلنا عز وإيمان
آساد حمير والأبطال من مضر حمر السيوف فما ذلوا ولا هانوا
لنا العروبة الفصحى وإنا أحق العالمين بها اضطلاعا
عن الكتب اقتبستموها انتفاعا بما فيها ونرضعها ارتضاعا
الموطن : كان مسقط رأسه رحمه الله عند ماء يسمى ( تنبه ) من أعمال مديرية ( كيفا ) من القطر المسمى بشنقيط وهو دولة موريتانيا الإسلامية الآن .
علما بأن كلمة شنقيط كانت ولا تزال اسما لقرية من أعمال مديرية أصار في أقصى موريتانيا في الشمال الغربي .
: وقبل الحديث عن نشأته يحسن إيجاز نبذة عن البيئة في تلك البلاد . نشأته رحمه الله
تعتبر الحياة الاجتماعية في تلك البلاد بحسب المواطنين قسمين : عرب وعجم والعربية لغة الجميع .
أما العمل : فالعجم أكثر أعمالهم الزراعة والصناعة وسلالتهم من الزنوج .
وأما العرب فقسمان : طلبة وغير الطلبة . والطلبة من يغلب عليهم طلب العلم والتجارة ، وغيرهم من يغلب عليهم التجارة والإغارة . وهم قبائل عدة ، ومن القبائل من يغلب عليها الطلب ، ومنها من يغلب عليها الإغارة والقتال .
وقبيلة الجكنيين خاصة قد جمعت بين طلب العلم ، وفروسية القتال . مع عفة عن أموال الناس ، وفي هذا الجو كان طلب العلم على قدم وساق سواء في حلهم أو ترحالهم ، كما قال بعض مشايخهم العلامة المختار بن بونا :
ونحن ركب من الأشراف منتظم أجل ذا العصر قدرا دون أدنانا
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة بها نبين دين الله تبيانا
وفي هذا الجو وتلك البيئة نشأ رحمه الله كما سمعته يقول : توفي والدي وأنا صغير أقرأ في جزء عم ، وترك لي ثروة من الحيوان والمال ، وكانت سكناي في بيت أخوالي وأمي ابنة عم أبي ، وحفظت القرءان على خالي عبد الله بن محمد المختار بن إبراهيم بن أحمد نوح جد الأب المتقدم .
: حفظ القرءان في بيت أخواله على خاله طلبه للعلم عبد الله كما تقدم ، وعمره عشر سنوات .
قال رحمه الله : ثم تعلمت رسم المصحف العثماني ( المصحف الأم ) عن ابن خالي سيدي محمد بن أحمد بن محمد المختار ، وقرأت عليه التجويد في مقرأ نافع برواية من طريق ورش أبي يعقوب الأزرق وقالون من رواية أبي نشيط ، وأخذت عنه سندا بذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك وعمري ستة عشر سنة .
أنواع الدراسة في القرءان : تعتبر الدراسة في علوم القرءان منهجا متكاملا لا تقتصر على الحفظ والأداء ، بل تتناول معرفة رسم المصحف أي نوع كتابته ما كان موصولا أو مفصولا ، وما رسم فيه المد أو كان يمد بدون وجود حرف المد ، وقد يكون حرفا صغيرا أو نحو ذلك .
ثم ضبط ما فيه من منشأيه في الرسم أو التلاوة . ومن المشهور عندهم في هذا رجز ( محمد بن بوجه ) المشهور المعروف بالبحر ، تعرض فيه لكل كلمة جاءت في القرءان مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات إلى سبع وعشرين مرة أي من الكلمات المشتبهة ، وأفرد كل عدد بفصل فمثلا : كلمة ( أعينهم ) بالرفع جاءت ثلاث مرات قال فيها :
أعينهم بالرفع من غير حضور من بعد كانت وتولت وتدور
أشياع بالعين فهل من مدكر في سبإ من قبل بأنهم ذكر
في سورة القمر خاطب وانصبا وجله وغيبته في سبأ
وفي سورة سبأ تكون تلاوتها بالغيبة والجر كما فعل بأشياعهم وهذه دراسة لا تكاد توجد إلا ما شاء الله ، وهي من المهام العلمية لحفظها رسم القرءان من التغيير والتبديل وهي من آثار تعهد الله بحفظ هذا القرءان المنزل من عنده سبحانه .
ثم قال رحمه الله : وفي أثناء هذه القراءة درست بعض المختصرات في فقه مالك كرجز الشيخ ابن عاشر ، وفي أثنائها أيضا درست دراسة واسعة في الأدب على زوجة خالي أم ولد الخال أي أن ولد خاله يعلمه العلوم الخاصة بالقرآن ، وأمه تعلمه الأدب ، قال : أخذت عنها مبادئ النحو كالأجرومية وتمرينات ودروس واسعة في أنساب العرب وأيامهم ، والسيرة النبوية ، ونظم الغزوات لأحمد البدوي الشنقيطي وهو يزيد على 500 بيت وشروحه لابن أخت المؤلف المعروف بحماد ، ونظر عمود النسب للمؤلف وهو يعد بالآلاف ، وشرحه لابن أخته المذكور على خصوص العدنانيين ، لأنه مات قبل شرح ما يتعلق بالقحطانيين .
هذه دراسة في علوم القرءان والأدب والسير والتاريخ كانت في بيت أخواله على أخواله وأبناء أخواله وزوجات أخواله ، أي كان بيت أخواله المدرسة الأولى إليه . أما بقية الفنون فقال :
أولا : الفقه المالكي ، وهو المذهب السائد في البلاد درست مختصر خليل - بدأ دراسته فيه على الشيخ محمد بن صالح إلى قسم العبادات - ثم درس عليه النصف من ألفية ابن مالك . ثم أخذ بقية الفنون على مشايخ متعددة ، في فنون مختلفة ، وكلهم من الجكنيين ومنهم مشاهير العلماء في البلاد منهم :
[ ص: 483 ] 1 - الشيخ محمد بن صالح المشهور بابن أحمد الأفرم .
2 - والشيخ أحمد الأفرم بن محمد المختار .
3 - والشيخ العلامة أحمد بن عمر .
4 - والفقيه محمد النعمة بن زيدان .
5 - والفقيه الكبير أحمد بن مود .
6 - والعلامة المتبحر في الفنون أحمد فال بن آده .
وغيره من المشايخ الجكنيين .
قال رحمه الله : وقد أخذنا عن هؤلاء المشايخ كل الفنون : النحو ، والصرف ، والأصول ، والبلاغة . وبعض التفسير والحديث .
أما المنطق وآداب البحث والمناظرة فقد حصلناه بالمطالعة .
هذا ما أملاه علي رحمه الله وسجلته عنه .
علما بأن الفن الذي درسه على المشايخ أو مطالعة من الكتب ، لم يقتصر في تحصيله على دراسته ، بل كان دائما يديم النظر ويواصل التحصيل حتى غدا في كل منه كأنه متخصص فيه ، بل وله في كل منه اجتهادات ومباحث مبتكرة ، سنلم بها إن شاء الله عند إيراد المنهج العلمي لدراسته وآثاره العلمية .