المسألة الرابعة : اعلم أن من كلمة حق عند سلطان جائر ، وعن أعظم أنواع الأمر بالمعروف - رضي الله عنه : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أبي سعيد الخدري كلمة عدل عند سلطان جائر أفضل الجهاد " ، أخرجه أبو داود ، ، وقال : حديث حسن . والترمذي
وعن - رضي الله عنه : " طارق بن شهاب " ، رواه أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد وضع رجله في الغرز : أي الجهاد أفضل ؟ قال : كلمة حق عند سلطان جائر بإسناد صحيح . النسائي
كما قاله النووي - رحمه الله : واعلم أن الحديث الصحيح قد بين أن أحوال الرعية مع ارتكاب السلطان ما لا ينبغي ثلاث :
الأولى : أن يقدر على نصحه وأمره بالمعروف ، ونهيه عن المنكر ، من غير أن يحصل منه ضرر أكبر من الأول ، فآمره في هذه الحالة مجاهد سالم من الإثم ولو لم ينفع نصحه ، ويجب أن يكون نصحه له بالموعظة الحسنة مع اللطف ; لأن ذلك هو مظنة الفائدة .
الثانية : ألا يقدر على نصحه لبطشه بمن يأمره ، وتأدية نصحه لمنكر أعظم ، وفي هذه الحالة يكون ، وكراهة منكره ، والسخط عليه ، وهذه الحالة هي أضعف الإيمان . الإنكار عليه بالقلوب
الثالثة : أن يكون راضيا بالمنكر الذي يعمله السلطان ، متابعا له عليه ، فهذا شريكه في الإثم ، والحديث المذكور هو ما قدمنا في سورة البقرة عن أم المؤمنين - رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أم سلمة هند بنت أبي أمية " ، أخرجه إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن كره فقد برئ ، ومن أنكر فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع " ، قالوا : [ ص: 467 ] يا رسول الله ألا نقاتلهم ؟ قال : " لا ما أقاموا فيكم الصلاة مسلم في " صحيحه " .
فقوله - صلى الله عليه وسلم : " فمن كره " يعني بقلبه ، ولم يستطع إنكارا بيد ولا لسان " فقد برئ " من الإثم ، وأدى وظيفته ، " ومن أنكر " بحسب طاقته " فقد سلم " من هذه المعصية ، " ومن رضي " بها " وتابع " عليها ، فهو عاص كفاعلها .
ونظيره حديث - رضي الله عنه - عند مسلم : قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أبي سعيد الخدري ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه " وقوله في هذه الآية الكريمة : عليكم أنفسكم ، صيغة إغراء ، يعني : الزموا حفظها ، كما أشار له في " الخلاصة " بقوله : [ الرجز ]
والفعل من أسمائه عليكا وهكذا دونك مع إليكا