صفة نفسية ، وصفة سلبية ، وصفة معنى ، وصفة معنوية ، وصفة فعلية ، وصفة جامعة ، والصفة الإضافية تتداخل مع الفعلية ; لأن كل صفة فعلية من مادة متعدية إلى المفعول كالخلق والإحياء والإماتة ، فهي صفة إضافية ، وليست كل صفة إضافية فعلية فبينهما عموم وخصوص من وجه ، يجتمعان في نحو الخلق والإحياء والإماتة ، وتتفرد الفعلية في نحو الاستواء ، وتتفرد الإضافية في نحو كونه تعالى كان موجودا قبل كل شيء ، وأنه فوق كل شيء ; لأن القبلية والفوقية من الصفات الإضافية ، وليستا من صفات الأفعال ، ولا يخفى على عالم بالقوانين الكلامية والمنطقية أن إطلاق النفسية على شيء من صفاته جل وعلا أنه لا يجوز ، وأن فيه من الجراءة على الله جل وعلا ما الله عالم به ، وإن كان قصدهم بالنفسية في حق الله الوجود فقط وهو صحيح ; لأن الإطلاق الموهم للمحذور في حقه تعالى لا يجوز ، وإن كان المقصود به صحيحا ; لأن الصفة النفسية في الاصطلاح لا تكون إلا جنسا أو فصلا ، فالجنس كالحيوان بالنسبة إلى الإنسان ، والفصل كالنطق بالنسبة إلى الإنسان ، ولا يخفى أن الجنس في الاصطلاح قدر مشترك بين أفراد مختلفة الحقائق كالحيوان بالنسبة إلى الإنسان والفرس والحمار ، وأن الفصل صفة نفسية لبعض أفراد الجنس ينفصل بها عن غيره من الأفراد المشاركة له في الجنس كالنطق بالنسبة إلى الإنسان ، فإنه صفته النفسية التي تفصله عن الفرس مثلا المشارك له في الجوهرية والجسمية والنمائية والحساسية ، ووصف الله جل وعلا بشيء يراد به اصطلاحا ما بينا لك ; من أعظم الجراءة على الله تعالى كما ترى ; لأنه جل وعلا واحد في ذاته وصفاته وأفعاله ، فليس بينه وبين غيره اشتراك في شيء من ذاته ، ولا من صفاته ، حتى يطلق عليه ما يطلق على الجنس والفصل سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا لأن الجنس قدر مشترك بين حقائق مختلفة .
[ ص: 20 ] والفصل : هو الذي يفصل بعض تلك الحقائق المشتركة في الجنس عن بعض ، سبحان رب السماوات والأرض وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .
وسنبين لك أن جميع الصفات على تقسيمهم لها جاء في القرآن وصف الخالق والمخلوق بها ، وهم في بعض ذلك يقرون بأن الخالق موصوف بها ، وأنها جاء في القرآن أيضا وصف المخلوق بها ، ولكن ، كمنافاة ذات الخالق لذات المخلوق ، ويلزمهم ضرورة فيما أنكروا مثل ما أقروا به ; لأن الكل من باب واحد ، لأن جميع صفات الله جل وعلا من باب واحد ; لأن المتصف بها لا يشبهه شيء من الحوادث . وصف الخالق مناف لوصف المخلوق
فمن ذلك : الصفات السبع ، المعروفة عندهم بصفات المعاني وهي : القدرة ، والإرادة ، والعلم ، والحياة ، والسمع ، والبصر ، والكلام .
فقد قال تعالى في وصف نفسه بالقدرة :
والله على كل شيء قدير [ 2 \ 284 ] و [ 3 \ 29 ] و [ 3 \ 189 ] و [ 5 \ 19 ] و [ 5 \ 40 ] و [ 8 \ 41 ] .
وقال في وصف الحادث بها : إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم [ 5 \ 34 ] فأثبت لنفسه قدرة حقيقية لائقة بجلاله وكماله ، وأثبت لبعض الحوادث قدرة مناسبة لحالهم من الضعف والافتقار والحدوث الفناء ، وبين قدرته ، وقدرة مخلوقه من المنافاة ما بين ذاته وذات مخلوقه .
وقال في وصف نفسه بالإرادة : فعال لما يريد [ 11 \ 107 ] و [ 85 \ 16 ] ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون [ 36 \ 82 ] ، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر [ 2 \ 185 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
وقال في وصف المخلوق بها : تريدون عرض الدنيا الآية [ 8 \ 67 ] ، إن يريدون إلا فرارا [ 33 \ 13 ] ، يريدون ليطفئوا نور الله [ 61 \ 8 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
فله جل وعلا إرادة حقيقية لائقة بكماله وجلاله ، وللمخلوق إرادة أيضا مناسبة لحاله ، وبين إرادة الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق .
وقال في وصف نفسه بالعلم : والله بكل شيء عليم [ 24 \ 35 ] ، لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه الآية [ 4 \ 166 ] [ ص: 21 ] فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين [ 7 \ 7 ] .
وقال في وصف الحادث به : قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم [ 51 \ 28 ] ، وقال : وإنه لذو علم لما علمناه [ 12 \ 68 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
فله جل وعلا علم حقيقي لائق بكماله وجلاله ، وللمخلوق علم مناسب لحاله ، وبين علم الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق .
وقال في وصف نفسه بالحياة : الله لا إله إلا هو الحي القيوم [ 2 \ 55 ] ، هو الحي لا إله إلا هو الآية [ 40 \ 65 ] ، وتوكل على الحي الذي لا يموت الآية [ 25 \ 58 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
وقال في وصف المخلوق بها : وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا [ 19 \ 15 ] ، وجعلنا من الماء كل شيء حي [ 21 \ 30 ] ، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت [ 30 \ 19 ] .
فله جل وعلا حياة حقيقية تليق بجلاله وكماله ، وللمخلوق أيضا حياة مناسبة لحاله ; وبين حياة الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق .
وقال في : وصف نفسه بالسمع والبصر ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، إن الله سميع بصير [ 22 \ 75 ] و [ 31 \ 28 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
وقال في وصف الحادث بهما : إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا [ 76 \ 2 ] ، أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا الآية [ 19 \ 38 ] ونحو ذلك من الآيات .
فله جل وعلا سمع وبصر حقيقيان يليقان بكماله وجلاله ، وللمخلوق سمع وبصر مناسبان لحاله ، وبين سمع الخالق وبصره ، وسمع المخلوق وبصره من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق .
وقال في وصف نفسه بالكلام وكلم الله موسى تكليما [ 4 \ 164 ] ، إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي [ 7 \ 144 ] ، فأجره حتى يسمع كلام الله [ 9 \ 6 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
[ ص: 22 ] وقال في وصف المخلوق به : فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين [ 12 \ 54 ] ، اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم الآية [ 36 \ 65 ] ، قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا [ 19 \ 29 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
; وللمخلوق كلام أيضا مناسب لحاله . وبين كلام الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق . فله جل وعلا كلام حقيقي يليق بكماله وجلاله
وهذه الصفات السبع المذكورة يثبتها كثير ممن يقول بنفي غيرها من صفات المعاني .
والمعتزلة ينفونها ويثبتون أحكامها فيقولون : هو تعالى حي قادر ، مريد عليم ، سميع بصير ، متكلم بذاته لا بقدرة قائمة بذاته ، ولا إرادة قائمة بذاته ، هكذا فرارا منهم من تعدد القديم ! !
ومذهبهم الباطل لا يخفى بطلانه وتناقضه على أدنى عاقل ; لأن من المعلوم أن الوصف الذي منه الاشتقاق إذا عدم فالاشتقاق منه مستحيل فإذا عدم السواد عن جرم مثلا استحال أن تقول هو أسود ، إذ لا يمكن أن يكون أسود ولم يقم به سواد ، وكذلك إذا لم يقم العلم والقدرة بذات ، استحال أن تقول : هي عالمة قادرة لاستحالة اتصافها بذلك ، ولم يقم بها علم ولا قدرة ، قال في " مراقي السعود " : [ الرجز ]
وعند فقد الوصف لا يشتق وأعوز المعتزلي الحق
وأما عندهم : فهي الأوصاف المشتقة من صفات المعاني السبع المذكورة ، وهي كونه تعالى : قادرا ، مريدا ، عالما حيا ، سميعا بصيرا ، متكلما . الصفات المعنويةوالتحقيق أنها عبارة عن كيفية الاتصاف بالمعاني ، وعد المتكلمين لها صفات زائدة على صفات المعاني مبني على ما يسمونه الحال المعنوية ، زاعمين أنها أمر ثبوتي ليس بموجود ، ولا معدوم ; والتحقيق الذي لا شك فيه أن هذا الذي يسمونه الحال المعنوية لا أصل له ، وإنما هو مطلق تخييلات يتخيلونها ; لأن العقل الصحيح حاكم حكما لا يتطرقه شك بأنه لا واسطة بين النقيضين البتة ، فالعقلاء كافة مطبقون على أن النقيضين لا يجتمعان ، ولا يرتفعان ، ولا واسطة بينهما البتة ، فكل ما هو غير موجود ، فإنه معدوم قطعا ، وكل ما هو غير معدوم ، فإنه موجود قطعا ، وهذا مما لا شك فيه كما ترى .
[ ص: 23 ] وقد بينا في اتصاف الخالق والمخلوق بالمعاني المذكورة منافاة صفة الخالق للمخلوق ، وبه تعلم مثله في الاتصاف بالمعنوية المذكورة لو فرضنا أنها صفات زائدة على صفات المعاني ، مع أن التحقيق أنها عبارة عن كيفية الاتصاف بها .
وأما ، والغنى المطلق ، المعروف عندهم بالقيام بالنفس . الصفات السلبية عندهم : فهي خمس ، وهي عندهم : القدم ، والبقاء ، والوحدانية ، والمخالفة للخلق
وضابط الصفة السلبية عندهم : هي التي لا تدل بدلالة المطابقة على معنى وجودي أصلا ، وإنما تدل على سلب ما لا يليق بالله عن الله .
أما الصفة التي تدل على معنى وجودي : فهي المعروفة عندهم بصفة المعنى ، فالقدم مثلا عندهم لا معنى له بالمطابقة ، إلا سلب العدم السابق ، فإن قيل : القدرة مثلا تدل على سلب العجز ، والعلم يدل على سلب الجهل ، والحياة تدل على سلب الموت ، فلم لا يسمون هذه المعاني سلبية أيضا ؟
فالجواب : أن القدرة مثلا تدل بالمطابقة على معنى وجودي قائم بالذات ، وهو الصفة التي يتأتى بها إيجاد الممكنات وإعدامها على وفق الإرادة ، وإنما سلبت العجز بواسطة مقدمة عقلية ، وهي أن العقل يحكم بأن قيام المعنى الوجودي بالذات يلزمه نفي ضده عنها لاستحالة اجتماع الضدين عقلا ، وهكذا في باقي المعاني .
أما القدم عندهم مثلا : فإنه لا يدل على شيء زائد على ما دل عليه الوجود ، إلا سلب العدم السابق ، وهكذا في باقي السلبيات ، فإذا عرفت ذلك فاعلم أن القدم ، والبقاء اللذين يصف المتكلمون بهما الله تعالى زاعمين ، أنه وصف بهما نفسه في قوله تعالى : هو الأول والآخر الآية [ 57 \ 3 ] - جاء في القرآن الكريم وصف الحادث بهما أيضا ، قال في وصف الحادث بالقدم : والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم [ 36 \ 39 ] ، وقال : قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم [ 12 \ 95 ] ، وقال : أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون [ 26 \ 75 ، 76 ] ، وقال في وصف الحادث بالبقاء : وجعلنا ذريته هم الباقين [ 37 \ 77 ] ، وقال : ما عندكم ينفد وما عند الله باق [ 16 \ 96 ] ، وكذلك وصف الحادث بالأولية والآخرية المذكورتين في الآية ، قال : ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين [ 67 \ 16 ، 17 ] ، ووصف نفسه بأنه واحد ، قال : وإلهكم إله واحد [ 2 \ 163 ] ، وقال في وصف الحادث بذلك : يسقى بماء واحد [ ص: 24 ] وقال في وصف نفسه بالغنى : والله هو الغني الحميد [ 35 \ 15 ] ، وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد [ 14 \ 8 ] ، وقال في وصف الحادث بالغنى : ومن كان غنيا فليستعفف الآية [ 4 \ 6 ] ، إن يكونوا فقراء يغنهم الله الآية [ 24 \ 32 ] ، فهو جل وعلا موصوف بتلك الصفات حقيقة على الوجه اللائق بكماله وجلاله ، والحادث موصوف بها أيضا على الوجه المناسب لحدوثه وفنائه ، وعجزه وافتقاره ، وبين صفات الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين الخالق والمخلوق ، كما بيناه في صفات المعاني .
وأما الصفة النفسية عندهم ، فهي واحدة ، وهي : الوجود ، وقد علمت ما في إطلاقها على الله ، ومنهم من جعل الوجود عين الذات فلم يعده صفة ، ، وعلى كل حال ، فلا يخفى أن الخالق موجود ، والمخلوق موجود ، ووجود الخالق ينافي وجود المخلوق ، كما بينا . كأبي الحسن الأشعري
ومنهم من زعم أن القدم والبقاء صفتان نفسيتان ، زاعما أنهما طرفا الوجود الذي هو صفة نفسية في زعمهم .
وأما الصفات الفعلية ، فإن وصف الخالق والمخلوق بها كثير في القرآن ، ومعلوم أن فعل الخالق مناف لفعل المخلوق كمنافاة ذاته لذاته ، فمن ذلك وصفه جل وعلا نفسه بأنه يرزق خلقه ، قال : إن الله هو الرزاق الآية [ 51 \ 58 ] ، وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين [ 34 \ 39 ] ، وقال : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها الآية [ 11 \ 6 ] ، وقال في وصف الحادث بذلك : وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه الآية [ 4 \ 8 ] ، وقال : وعلى المولود له رزقهن الآية [ 2 \ 233 ] ، ووصف نفسه بالعمل ، فقال : أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما الآية [ 36 \ 71 ] ، وقال في وصف الحادث به : إنما تجزون ما كنتم تعملون [ 66 \ 7 ] ووصف نفسه بتعليم خلقه فقال : الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان [ 55 \ 1 - 4 ] .
وقال في وصف الحادث به : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة الآية [ 62 \ 2 ] .
وجمع المثالين في قوله تعالى : تعلمونهن مما علمكم الله [ 5 \ 4 ] ، ووصف [ ص: 25 ] نفسه بأنه ينبئ ، ووصف المخلوق بذلك ، وجمع المثالين في قوله تعالى : وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير [ 66 \ 3 ] ، ووصف نفسه بالإيتاء ، فقال : ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك [ 2 \ 258 ] ، وقال : يؤتي الحكمة من يشاء [ 2 \ 269 ] ، وقال : ويؤت كل ذي فضل فضله [ 11 \ 3 ] ، وقال : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء [ 57 \ 21 ] .
وقال في وصف الحادث بذلك : وآتيتم إحداهن قنطارا [ 4 \ 20 ] ، وآتوا اليتامى أموالهم [ 4 \ 2 ] ، وآتوا النساء صدقاتهن نحلة [ 4 \ 4 ] ، وأمثال هذا كثيرة جدا في القرآن العظيم .
ومعلوم أن ; وما وصف به المخلوق منها فهو ثابت له أيضا ، على الوجه المناسب لحاله ، وبين وصف الخالق والمخلوق من المنافاة ما بين ذات الخالق والمخلوق . ما وصف به الله من هذه الأفعال فهو ثابت له حقيقة على الوجه اللائق بكماله وجلاله
وأما الصفات الجامعة ، كالعظم والكبر والعلو ، والملك والتكبر والجبروت ، ونحو ذلك . فإنها أيضا يكثر جدا وصف الخالق والمخلوق بها في القرآن الكريم .
ومعلوم أن ، كمنافاة ذات الخالق لذات المخلوق . قال في وصف نفسه جل وعلا بالعلو والعظم والكبر : ما وصف به الخالق منها مناف لما وصف به المخلوق ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم [ 2 \ 255 ] ، إن الله كان عليا كبيرا [ 4 \ 34 ] ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال [ 13 \ 9 ] .
وقال في وصف الحادث بالعظم : فكان كل فرق كالطود العظيم [ 26 \ 63 ] ، إنكم لتقولون قولا عظيما [ 17 \ 40 ] ، ولها عرش عظيم [ 27 \ 23 ] ، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم [ 9 \ 129 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقال في وصف الحادث بالكبر : لهم مغفرة وأجر كبير [ 67 \ 12 ] ، وقال : إن قتلهم كان خطئا كبيرا [ 17 \ 31 ] ، وقال : إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير [ 8 \ 73 ] ، وقال : وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله [ 2 \ 143 ] ، وقال : وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين [ 2 \ 45 ] .
[ ص: 26 ] وقال في وصف الحادث بالعلو : ورفعناه مكانا عليا [ 19 \ 57 ] ، وجعلنا لهم لسان صدق عليا [ 19 \ 50 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وقال في وصف نفسه بالملك : يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس الآية [ 59 \ 23 ] ، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس الآية [ 59 \ 23 ] ، وقال : في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
وقال في وصف الحادث به : وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان الآية [ 12 \ 43 ] ، وقال الملك ائتوني به [ 12 \ 50 ] ، وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا [ 18 \ 79 ] ، أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه [ 2 \ 247 ] ، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء [ 3 \ 26 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وقال في وصف نفسه بالعزة : فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم [ 2 \ 209 ] ، يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم [ 62 \ 1 ] ، أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب [ 38 \ 9 ] .
وقال في وصف الحادث بالعزة : قالت امرأة العزيز الآية [ 12 \ 51 ] ، فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب [ 38 \ 23 ] .
وقال في وصف نفسه جل وعلا بأنه جبار متكبر هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر [ 59 \ 23 ] .
وقال في وصف الحادث بهما : كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار [ 40 \ 35 ] ، أليس في جهنم مثوى للمتكبرين [ 39 \ 60 ] ، وإذا بطشتم بطشتم جبارين [ 26 \ 130 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وقال في وصف نفسه بالقوة : إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين [ 51 \ 58 ] ، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز [ 22 \ 40 ] .
وقال في وصف الحادث بها : الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة الآية [ 41 \ 15 ] ، ويزدكم قوة إلى قوتكم الآية [ 11 \ 52 ] ، إن خير من استأجرت القوي الأمين [ 28 \ 26 ] ، الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة الآية [ 30 \ 54 ] [ ص: 27 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وأمثال هذا من الصفات الجامعة كثيرة في القرآن ، ومعلوم أنه جل وعلا متصف بهذه الصفات المذكورة حقيقة على الوجه اللائق بكماله ، وجلاله . وإن ما وصف به المخلوق منها مخالف لما وصف به الخالق ، كمخالفة ذات الخالق جل وعلا لذوات الحوادث ، ولا إشكال في شيء من ذلك ، وكذلك الصفات التي اختلف فيها المتكلمون ; هل هي من صفات المعاني أو من صفات الأفعال ، وإن كان الحق الذي لا يخفى على من أنار الله بصيرته أنها صفات معان أثبتها الله - جل وعلا - لنفسه ، كالرأفة والرحمة .
قال في وصفه - جل وعلا - بهما :
فإن ربكم لرءوف رحيم [ 16 \ 47 ] ، وقال في وصف نبينا صلى الله عليه وسلم بهما : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم [ 9 \ 128 ] ، وقال في وصف نفسه بالحلم : ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم [ 22 \ 59 ] .
وقال في وصف الحادث به : فبشرناه بغلام حليم [ 37 \ 101 ] ، إن إبراهيم لأواه حليم [ 9 \ 114 ] .
وقال في وصف نفسه بالمغفرة : إن الله غفور رحيم [ 2 \ 182 ] و [ 5 \ 34 ] و [ 5 \ 39 ] و [ 5 \ 98 ] و [ 8 \ 69 ] و [ 9 \ 5 ] و [ 9 \ 99 ] و [ 9 \ 102 ] و [ 24 \ 62 ] و [ 29 \ 14 ] و [ 60 \ 12 ] و [ 73 \ 20 ] . لهم مغفرة وأجر عظيم [ 49 \ 3 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
وقال في وصف الحادث بها : ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور [ 42 \ 43 ] ، قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله الآية [ 45 \ 14 ] ، قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى [ 2 \ 263 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
أيضا فقال : ووصف نفسه جل وعلا بالرضى ووصف الحادث به رضي الله عنهم ورضوا عنه [ 5 \ 119 ] ، ، فقال : ووصف نفسه جل وعلا بالمحبة ، ووصف الحادث بها فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم [ 5 \ 54 ] ، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله [ 3 \ 31 ] .
[ ص: 28 ] ووصف نفسه بأنه يغضب إن انتهكت حرماته فقال : قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه الآية [ 5 \ 60 ] ، ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه الآية [ 4 \ 93 ] .
وقال في وصف الحادث بالغضب ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا وأمثال هذا كثير جدا .
والمقصود عندنا ذكر أمثلة كثيرة من ذلك ، مع إيضاح أن كل ما اتصف به جل وعلا من تلك الصفات بالغ من غايات الكمال والعلو والشرف ما يقطع علائق جميع أوهام المشابهة بين صفاته جل وعلا ، وبين صفات خلقه ، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .