ذكر في هذه الآية الكريمة : أن رحمته جل وعلا قريب من عباده المحسنين ، وأوضح في موضع آخر صفات عبيده الذين سيكتبها لهم في قوله : ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة الآية [ 7 \ 156 ] .
ووجه تذكير وصف الرحمة مع أنها مؤنثة في قوله : قريب [ 7 \ 56 ] ولم يقل قريبة ، فيه للعلماء أقوال تزيد على العشرة . نذكر منها إن شاء الله بعضا ، ونترك ما يظهر لنا ضعفه أو بعده عن الظاهر .
منها : أن الرحمة مصدر بمعنى الرحم ، فالتذكير باعتبار المعنى .
ومنها : أن من أساليب اللغة العربية أن القرابة إذا كانت قرابة نسب تعين التأنيث فيها في الأنثى فتقول : هذه المرأة قريبتي أي في النسب ، ولا تقول : قريب مني . وإن كانت قرابة مسافة جاز التذكير والتأنيث ، فتقول : داره قريب وقريبة مني ، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى : وما يدريك لعل الساعة قريب [ 42 \ 17 ] ، وقوله تعالى : وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا [ 33 \ 63 ] ، وقول امرئ القيس : [ الطويل ]
له الويل إن أمسى ولا أم هاشم قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا
ومنها : أن وجه ذلك إضافة الرحمة إلى الله جل وعلا .ومنها : أن قوله : قريب صفة موصوف محذوف أي شيء قريب من [ ص: 33 ] المحسنين .
ومنها : أنها شبهت بفعيل بمعنى مفعول الذي يستوي فيه الذكر والأنثى .
ومنها : أن الأسماء التي على فعيل ربما شبهت بالمصدر الآتي على فعيل ، فأفردت لذلك ; قال بعضهم : ولذلك أفرد الصديق في قوله : أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم [ 24 \ 61 ] ، وقول الشاعر : [ المتقارب ]
وهن صديق لمن لم يشب
ا اهـ والظهير في قوله : والملائكة بعد ذلك ظهير [ 66 \ 4 ] ، إلى غير ذلك من الأوجه .