قوله تعالى : فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون .
في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير معروفان عند العلماء ، والقرآن يشهد لأحدهما :
الأول : أن حواء كانت لا يعيش لها ولد ، فحملت ، فجاءها الشيطان ، فقال لها سمي هذا الولد عبد الحارث فإنه يعيش ، والحارث من أسماء الشيطان ، فسمته عبد الحارث فقال تعالى : فلما آتاهما صالحا [ 7 \ 190 ] أي ولدا إنسانا ذكرا جعلا له شركاء بتسميته عبد الحارث ، وقد جاء بنحو هذا حديث مرفوع وهو معلول كما أوضحه ابن كثير في تفسيره .
الوجه الثاني : أن معنى الآية أنه لما آتى آدم وحواء صالحا كفر به بعد ذلك كثير من ذريتهما ، وأسند فعل الذرية إلى آدم وحواء ; لأنهما أصل لذريتهما كما قال : ولقد خلقناكم ثم صورناكم [ 7 \ 11 ] ، أي بتصويرنا لأبيكم آدم لأنه أصلهم بدليل قوله بعده : ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ، ويدل لهذا الوجه الأخير أنه تعالى قال بعده : [ ص: 47 ] فتعالى الله عما يشركون أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون [ 7 \ 190 ، 191 ] ، وهذا نص قرآني صريح في أن المراد المشركون من بني آدم ، لا آدم وحواء ، واختار هذا الوجه غير واحد لدلالة القرآن عليه ، وممن ذهب إليه ، واختاره الحسن البصري ابن كثير ، والعلم عند الله تعالى .