ويدل لهذا الوجه قوله فيها في مواضع : كانت من الغابرين [ 29 \ 32 ، 33 ] ، والغابر : الباقي ، أي من الباقين في الهلاك .
وقرأ أبو عمرو ، وابن كثير : إلا امرأتك بالرفع على أنه بدل من أحد ، وعليه فالمعنى : أنه أمر لوطا أن ينهى جميع أهله عن الالتفات إلا امرأته فإنه أوحي إليه أنها هالكة لا محالة ، ولا فائدة في نهيها عن الالتفات لكونها من جملة الهالكين .
وعلى قراءة الجمهور فهو لم يسر بها ، وظاهر قراءة أبي عمرو ، وابن كثير : أنه أسرى بها والتفتت فهلكت .
قال بعض العلماء : لما سمعت هدة العذاب التفتت ، وقالت : واقوماه ، فأدركها حجر فقتلها .
قال مقيده عفا الله عنه : الظاهر أن وجه الجمع بين القراءتين المذكورتين أن السر في أمر لوط بأن يسري بأهله هو النجاة من العذاب الواقع صبحا بقوم لوط ، وامرأة لوط مصيبها ذلك العذاب الذي أصاب قومها لا محالة ، فنتيجة إسراء لوط بأهله لم تدخل فيها امرأته على كلا القولين ، وما لا فائدة فيه كالعدم ، فيستوي معنى أنه تركها ولم يسر بها أصلا ، وأنه أسرى بها وهلكت مع الهالكين .
فمعنى القولين راجع إلى أنها هالكة ، وليس لها نفع في إسراء لوط بأهله ، فلا فرق بين كونها بقيت معهم ، أو خرجت وأصابها ما أصابهم .
فإذا كان الإسراء مع لوط لم ينجها من العذاب ، فهي ومن لم يسر معه سواء ، والعلم عند الله تعالى .
وقوله : فأسر بأهلك [ 11 \ 81 ] ، قرأه نافع وابن كثير : " فاسر " بهمزة وصل ، من سرى يسري ، وقرأه جمهور القراء : فأسر بأهلك بقطع الهمزة ، من أسرى الرباعي على وزن أفعل ، وسرى وأسرى : لغتان وقراءتان صحيحتان سبعيتان ، ومن سرى الثلاثية ، قوله تعالى : والليل إذا يسري [ 89 \ 4 ] ، فإن فتح ياء يسر يدل على أنه مضارع سرى [ ص: 192 ] الثلاثية .
وجمع اللغتين قول نابغة ذبيان :
أسرت عليه من الجوزاء سارية تزجي الشمال عليها جامد البرد
فإنه قال : أسرت ، رباعية في أشهر روايتي البيت ، وقوله : سارية ، اسم فاعل " سرى " الثلاثية ، وجمعهما أيضا قول الآخر :حتى النضيرة ربة الخدر أسرت إليك ولم تكن تسري
عند الصباح يحمد القوم السرى وتنجلي عنهم غيابات الكرى