سورة الحجر
ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين . قوله تعالى :
ذكر في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا عرفوا حقيقة الأمر تمنوا أنهم كانوا في دار الدنيا مسلمين ، وندموا على كفرهم ، وبين هذا المعنى في مواضع أخر ، كقوله : ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين [ 6 \ 27 ] وقوله : حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها [ 6 \ 31 ] ، وقوله : ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا [ 25 \ 27 ] إلى غير ذلك من الآيات ، وأقوال العلماء في هذه الآية راجعة إلى شيء واحد ; لأن من يقول : إن الكافر إذا احتضر وعاين الحقيقة تمنى أنه كان مسلما ، ومن يقول : إنه إذا عاين النار ووقف عليها تمنى أنه كان مسلما ، ومن يقول : إنهم إذا عاينوا إخراج الموحدين من النار تمنوا أنهم كانوا مسلمين ، كل ذلك راجع إلى أن الكفار إذا عاينوا الحقيقة ندموا على الكفر وتمنوا أنهم كانوا مسلمين .
وقرأ نافع وعاصم ربما بتخفيف الباء ، وقرأ الباقون بتشديدها ، والتخفيف لغة أهل الحجاز ، والتثقيل لغة تميم وقيس وربيعة ، ومن الأول قول عدي بن الرعلاء الغساني :
ربما ضربة بسيف صقيل بين بصرى وطعنة نجلاء
والثاني : كثير جدا ، ومنه قول الآخر :ألا ربما أهدت لك العين نظرة قصاراك منها أنها عنك لا تجدي
ألا ربما أهدت لك العين . . . . . . . . .