nindex.php?page=treesubj&link=28986قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54فبم تبشرون .
الظاهر أن استفهام نبي الله
إبراهيم - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - للملائكة بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54فبم تبشرون [ 15 \ 54 ] استفهام تعجب من كمال قدرة الله تعالى ، ويدل لذلك أنه تعالى ذكر أن ما وقع له وقع نظيره لامرأته حيث قالت
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72أألد وأنا عجوز وقد بين تعالى أن ذلك الاستفهام لعجبها من ذلك الأمر الخارق للعادة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73قالوا أتعجبين من أمر الله الآية [ 11 \ 73 ] ويدل له أيضا وقوع مثله من نبي الله
زكريا - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - لأنه لما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=38رب هب لي من لدنك ذرية طيبة [ 3 \ 38 ] .
[ ص: 282 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى [ 3 \ 39 ] عجب من كمال قدرة الله تعالى فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر الآية [ 3 \ 40 ] وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54فبم تبشرون قرأه
ابن عامر وأبو عمرو وعاصم وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بفتح النون مخففة وهي نون الرفع ، وقرأه
نافع بكسر النون مخففة وهي نون الوقاية مع حذف ياء المتكلم لدلالة الكسرة عليها ، وقرأه
ابن كثير بالنون المكسورة المشددة مع المد ، فعلى قراءة
ابن كثير لم يحذف نون الرفع ولا المفعول به ، بل نون الرفع مدغمة في نون الوقاية وياء المتكلم هي المفعول به ، وعلى قراءة الجمهور فنون الرفع ثابتة والمفعول به محذوف على حد قول
ابن مالك .
وحذف فضلة أجز إن لم يضر كحذف ما سيق جوابا أو حصر
وعلى قراءة
نافع فنون الرفع محذوفة لاستثقال اجتماعها مع نون الوقاية .
تنبيه
حذف نون الرفع له خمس حالات ثلاث منها يجب فيها حذفها ، وواحدة يجوز فيها حذفها وإثباتها ، وواحدة يقصر فيها حذفها على السماع ، أما الثلاث التي يجب فيها الحذف : فالأولى منها إذا دخل على الفعل عامل جزم ، والثانية إذا دخل عليه عامل نصب ، والثالثة إذا أكد الفعل بنون التوكيد الثقيلة نحو لتبلون ، وأما الحالة التي يجوز فيها الإثبات والحذف فهي ما إذا اجتمعت مع نون الرفع نون الوقاية ، لكون المفعول ياء المتكلم فيجوز الحذف والإثبات ، ومن الحذف قراءة
نافع في هذه الآية فبم تبشرون بالكسر وكذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80قال أتحاجوني في الله [ 6 \ 80 ] . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم [ 16 \ 27 ] بكسر النون مع التخفيف في الجمع أيضا وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=64قل أفغير الله تأمروني أعبد الآية [ 39 \ 64 ] بالكسر مع التخفيف أيضا ، وكلها قرأها بعض القراء بالتشديد لإثبات نون الرفع وإدغامها في نون الوقاية ، وأما الحالة الخامسة المقصورة على السماع فهو حذفها لغير واحد من الأسباب الأربعة المذكورة ، كقول الراجز :
أبيت أسري وتبيت تدلكي وجهك بالعنبر والمسك الذكي
أما بقاء نون الرفع مع الجازم في قوله :
[ ص: 283 ] لولا فوارس من نعم وأسرتهم يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
فهو نادر حملا للم على أختها لا النافية أو ما النافية ، وقيل هو لغة قوم كما صرح به في التسهيل ، وكذلك بقاء النون مع حرف النصب في قوله :
أن تقرآن على أسماء ويحكما مني السلام وألا تشعرا
أحدا فهو لغة قوم حملوا أن المصدرية على أختها ما المصدرية في عدم النصب بها ، كما أشار له في الخلاصة بقوله :
وبعضهم أهمل أن حملا على ما أختها حيث استحقت عملا
ولا ينافي كون استفهام
إبراهيم للتعجب من كمال قدرة الله قول الملائكة له فيما ذكر الله عنهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28986_20003قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون [ 15 \ 56 ] . لأنه دليل على أن استفهامه ليس استفهام منكر ولا قانط ، والعلم عند الله تعالى .
nindex.php?page=treesubj&link=28986قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54فَبِمَ تُبَشِّرُونَ .
الظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِفْهَامَ نَبِيِّ اللَّهِ
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْمَلَائِكَةِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54فَبِمَ تُبَشِّرُونَ [ 15 \ 54 ] اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ مِنْ كَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَنَّ مَا وَقَعَ لَهُ وَقَعَ نَظِيرُهُ لِامْرَأَتِهِ حَيْثُ قَالَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِفْهَامَ لِعَجَبِهَا مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْخَارِقِ لِلْعَادَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الْآيَةَ [ 11 \ 73 ] وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا وُقُوعُ مِثْلِهِ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ
زَكَرِيَّا - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=38رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً [ 3 \ 38 ] .
[ ص: 282 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=39فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى [ 3 \ 39 ] عَجِبَ مِنْ كَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=40رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ الْآيَةَ [ 3 \ 40 ] وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قَرَأَهُ
ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ مُخَفَّفَةً وَهِيَ نُونُ الرَّفْعِ ، وَقَرَأَهُ
نَافِعٌ بِكَسْرِ النُّونِ مُخَفَّفَةً وَهِيَ نُونُ الْوِقَايَةِ مَعَ حَذْفِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ لِدَلَالَةِ الْكَسْرَةِ عَلَيْهَا ، وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ بِالنُّونِ الْمَكْسُورَةِ الْمُشَدَّدَةِ مَعَ الْمَدِّ ، فَعَلَى قِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ لَمْ يَحْذِفْ نُونَ الرَّفْعِ وَلَا الْمَفْعُولَ بِهِ ، بَلْ نُونُ الرَّفْعِ مُدْغَمَةٌ فِي نُونِ الْوِقَايَةِ وَيَاءُ الْمُتَكَلِّمِ هِيَ الْمَفْعُولُ بِهِ ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ فَنُونُ الرَّفْعِ ثَابِتَةٌ وَالْمَفْعُولُ بِهِ مَحْذُوفٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِ
ابْنِ مَالِكٍ .
وَحَذْفُ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضُرَّ كَحَذْفِ مَا سِيقَ جَوَابًا أَوْ حُصِرَ
وَعَلَى قِرَاءَةِ
نَافِعٍ فَنُونُ الرَّفْعِ مَحْذُوفَةٌ لِاسْتِثْقَالِ اجْتِمَاعِهَا مَعَ نُونِ الْوِقَايَةِ .
تَنْبِيهٌ
حَذْفُ نُونِ الرَّفْعِ لَهُ خَمْسُ حَالَاتٍ ثَلَاثٌ مِنْهَا يَجِبُ فِيهَا حَذْفُهَا ، وَوَاحِدَةٌ يَجُوزُ فِيهَا حَذْفُهَا وَإِثْبَاتُهَا ، وَوَاحِدَةٌ يُقْصَرُ فِيهَا حَذْفُهَا عَلَى السَّمَاعِ ، أَمَّا الثَّلَاثُ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْحَذْفُ : فَالْأُولَى مِنْهَا إِذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ عَامِلُ جَزْمٍ ، وَالثَّانِيَةُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ عَامِلُ نَصْبٍ ، وَالثَّالِثَةُ إِذَا أُكِّدَ الْفِعْلُ بِنُونِ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةِ نَحْوَ لَتُبْلَوُنَّ ، وَأَمَّا الْحَالَةُ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْإِثْبَاتُ وَالْحَذْفُ فَهِيَ مَا إِذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ نُونِ الرَّفْعِ نُونُ الْوِقَايَةِ ، لِكَوْنِ الْمَفْعُولِ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ فَيَجُوزُ الْحَذْفُ وَالْإِثْبَاتُ ، وَمِنَ الْحَذْفِ قِرَاءَةُ
نَافِعٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ بِالْكَسْرِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ [ 6 \ 80 ] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=27وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ [ 16 \ 27 ] بِكَسْرِ النُّونِ مَعَ التَّخْفِيفِ فِي الْجَمْعِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=64قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ الْآيَةَ [ 39 \ 64 ] بِالْكَسْرِ مَعَ التَّخْفِيفِ أَيْضًا ، وَكُلُّهَا قَرَأَهَا بَعْضُ الْقُرَّاءِ بِالتَّشْدِيدِ لِإِثْبَاتِ نُونِ الرَّفْعِ وَإِدْغَامِهَا فِي نُونِ الْوِقَايَةِ ، وَأَمَّا الْحَالَةُ الْخَامِسَةُ الْمَقْصُورَةُ عَلَى السَّمَاعِ فَهُوَ حَذْفُهَا لِغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ ، كَقَوْلِ الرَّاجِزِ :
أَبِيتُ أَسْرِي وَتَبِيتُ تُدَلِّكِي وَجْهَكِ بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الذَّكِيِّ
أَمَّا بَقَاءُ نُونِ الرَّفْعِ مَعَ الْجَازِمِ فِي قَوْلِهِ :
[ ص: 283 ] لَوْلَا فَوَارِسُ مِنْ نُعْمٍ وَأُسْرَتِهِمْ يَوْمَ الصُّلَيْفَاءِ لَمْ يُوفُونَ بِالْجَارِ
فَهُوَ نَادِرٌ حَمْلًا لِلَمْ عَلَى أُخْتِهَا لَا النَّافِيَةِ أَوْ مَا النَّافِيَةِ ، وَقِيلَ هُوَ لُغَةُ قَوْمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّسْهِيلِ ، وَكَذَلِكَ بَقَاءُ النُّونِ مَعَ حَرْفِ النَّصْبِ فِي قَوْلِهِ :
أَنْ تَقْرَآنِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا مِنِّي السَّلَامَ وَأَلَّا تُشْعِرَا
أَحَدًا فَهُوَ لُغَةُ قَوْمٍ حَمَلُوا أَنِ الْمَصْدَرِيَّةَ عَلَى أُخْتِهَا مَا الْمَصْدَرِيَّةِ فِي عَدَمِ النَّصْبِ بِهَا ، كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ :
وَبَعْضُهُمْ أَهْمَلَ أَنْ حَمْلًا عَلَى مَا أُخْتِهَا حَيْثُ اسْتَحَقَّتْ عَمَلًا
وَلَا يُنَافِي كَوْنُ اسْتِفْهَامِ
إِبْرَاهِيمَ لِلتَّعَجُّبِ مِنْ كَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55nindex.php?page=treesubj&link=28986_20003قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [ 15 \ 56 ] . لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْتِفْهَامَهُ لَيْسَ اسْتِفْهَامَ مُنْكِرٍ وَلَا قَانِطٍ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .