أمر الله - جل وعلا - نبيه في هذه الآية الكريمة بخفض جناحه للمؤمنين . وخفض الجناح كناية عن ، ومنه قول الشاعر : لين الجانب والتواضع
وأنت الشهير بخفض الجناح فلا تك في رفعه أجدلا
وبين هذا المعنى في مواضع أخر ; كقوله في " الشعراء " : واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين [ 26 \ 215 ] ، وكقوله : فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر [ 3 \ 159 ] إلى غير ذلك من الآيات .
[ ص: 317 ] ويفهم من دليل خطاب الآية الكريمة - أعني مفهوم مخالفتها - أن غير المؤمنين لا يخفض لهم الجناح ، بل يعاملون بالشدة والغلظة .
وقد بين تعالى هذا المفهوم في مواضع أخر . كقوله تعالى : ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم [ 9 \ 73 و 66 \ 9 ] ، وقوله : أشداء على الكفار رحماء بينهم [ 48 \ 29 ] ، وقوله : أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين [ 5 \ 54 ] ، كما قدمناه في " المائدة " .