وقال في صحيحه في الكلام على هذه الآية الكريمة : باب قوله تعالى : البخاري ومنكم من يرد إلى أرذل العمر [ 16 \ 70 ] ، حدثنا ، حدثنا موسى بن إسماعيل هارون بن موسى أبو عبد الله الأعور ، عن شعيب ، عن - رضي الله تعالى عنه - : أنس بن مالك " ، اه . وعن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو : " أعوذ بالله من البخل والكسل ، وأرذل العمر ، وعذاب القبر ، وفتنة الدجال ، وفتنة المحيا والممات علي - رضي الله تعالى عنه - : أن أرذل العمر خمس وسبعون سنة . وعن قتادة : تسعون سنة . والظاهر أنه لا تحديد له بالسنين ، وإنما هو باعتبار تفاوت حال الأشخاص ; فقد يكون ابن خمس وسبعين أضعف بدنا وعقلا ، وأشد خرفا من آخر ابن تسعين سنة ، وظاهر قول زهير في معلقته :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
أن ابن الثمانين بالغ أرذل العمر
، ويدل له قول الآخر :إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
وقوله : " لكيلا يعلم من بعد علم شيئا " [ 16 \ 70 ] ( أي يرد إلى أرذل العمر ، لأجل أن يزول ما كان يعلم من العلم أيام الشباب ، ويبقى لا يدري شيئا ; لذهاب إدراكه بسبب الخوف . ولله في ذلك حكمة .
وقال بعض العلماء : إن العلماء العاملين لا ينالهم هذا الخرف وضياع العلم والعقل من شدة الكبر ، ويستروح لهذا المعنى من بعض التفسيرات ) في قوله : ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية [ 95 \ 5 - 6 ] .