قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79nindex.php?page=treesubj&link=28987_19790_19324ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أن تسخيره الطير في جو السماء ما يمسكها إلا هو ، من آياته الدالة على قدرته ، واستحقاقه لأن يعبد وحده . وأوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير [ 67 \ 19 ] .
تنبيه .
لم يذكر علماء العربية الفعل ( بفتح فسكون ) من صيغ جموع التكسير . قال مقيده - عفا الله عنه - : الذي يظهر لي من استقراء اللغة العربية : أن الفعل ( بفتح فسكون ) جمع تكسير لفاعل وصفا لكثرة وروده في اللغة جمعا له ; كقوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79ألم يروا إلى الطير [ 16 \ 79 ] ، فالطير جمع طائر ، وكالصحب فإنه جمع صاحب . قال
امرؤ القيس :
وقوفا بها صحبي على مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجمل
فقوله " صحبي " ، أي : أصحابي . وكالركب فإنه جمع راكب ; قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=42والركب أسفل منكم [ 8 \ 42 ] ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
أستحدث الركب عن أشياعهم خبرا أم راجع القلب من أطرابه طرب
فالركب جمع راكب . وقد رد عليه ضمير الجماعة في قوله : " عن أشياعهم " ،
[ ص: 420 ] وكالشرب فإنه جمع شارب . ومنه قول
نابغة ذبيان :
كأنه خارجا من جنب صفحته سفود شرب نسوه عند مفتأد
فإنه رد على الشرب ضمير الجماعة في قوله : " نسوه . . " إلخ ، وكالسفر فإنه جمع سافر ; ومنه حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007925أتموا فإنا قوم سفر " ، وقول
الشنفرى :
كأن وغاها حجرتيه وجاله أضاميم من سفر القبائل نزل
وكالرجل جمع راجل ; ومنه قراءة الجمهور :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وأجلب عليهم بخيلك ورجلك [ 17 \ 64 ] ، بسكون الجيم . وأما على قراءة
حفص عن
عاصم بكسر الجيم ، فالظاهر أن كسرة الجيم إتباع لكسرة اللام ، فمعناه معنى قراءة الجمهور . ونحو هذا كثير جدا في كلام العرب ، فلا نطيل به الكلام . والعلم عند الله تعالى .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79nindex.php?page=treesubj&link=28987_19790_19324أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لِآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ، ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : أَنَّ تَسْخِيرَهُ الطَّيْرَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهَا إِلَّا هُوَ ، مِنْ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ ، وَاسْتِحْقَاقِهِ لِأَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ . وَأَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ [ 67 \ 19 ] .
تَنْبِيهٌ .
لَمْ يَذْكُرْ عُلَمَاءُ الْعَرَبِيَّةِ الْفِعْلَ ( بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ) مِنْ صِيَغِ جُمُوعِ التَّكْسِيرِ . قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ - : الَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنِ اسْتِقْرَاءِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ : أَنَّ الْفِعْلَ ( بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ) جَمْعُ تَكْسِيرٍ لِفَاعِلٍ وَصْفًا لِكَثْرَةِ وُرُودِهِ فِي اللُّغَةِ جَمْعًا لَهُ ; كَقَوْلِهِ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ [ 16 \ 79 ] ، فَالطَّيْرُ جَمْعُ طَائِرٍ ، وَكَالصَّحْبِ فَإِنَّهُ جَمْعُ صَاحِبٍ . قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
وُقُوفًا بِهَا صَحْبِي عَلَى مَطِيُّهُمْ يَقُولُونَ لَا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ
فَقَوْلُهُ " صَحْبِي " ، أَيْ : أَصْحَابِي . وَكَالرَّكْبِ فَإِنَّهُ جَمْعُ رَاكِبٍ ; قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=42وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ [ 8 \ 42 ] ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذُو الرُّمَّةِ :
أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عَنْ أَشْيَاعِهِمْ خَبَرَا أَمْ رَاجَعَ الْقَلْبَ مَنْ أَطْرَابِهِ طَرَبُ
فَالرَّكْبُ جَمْعُ رَاكِبٍ . وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ ضَمِيرَ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ : " عَنْ أَشْيَاعِهِمْ " ،
[ ص: 420 ] وَكَالشُّرْبِ فَإِنَّهُ جَمْعُ شَارِبٍ . وَمِنْهُ قَوْلُ
نَابِغَةَ ذُبْيَانَ :
كَأَنَّهُ خَارِجًا مِنْ جَنْبِ صَفْحَتِهِ سَفُّودُ شُرْبٍ نَسُوهُ عِنْدَ مُفْتَأَدِ
فَإِنَّهُ رَدَّ عَلَى الشُّرْبِ ضَمِيرَ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ : " نَسُوهُ . . " إِلَخْ ، وَكَالسَّفَرِ فَإِنَّهُ جَمْعُ سَافِرٍ ; وَمِنْهُ حَدِيثُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007925أَتِمُّوا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفَرٌ " ، وَقَوْلُ
الشَّنْفَرَى :
كَأَنَّ وَغَاهَا حَجْرَتَيْهِ وَجَالَهُ أَضَامِيمُ مِنْ سَفَرِ الْقَبَائِلِ نُزَّلُ
وَكَالرَّجُلِ جَمْعُ رَاجِلٍ ; وَمِنْهُ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ [ 17 \ 64 ] ، بِسُكُونِ الْجِيمِ . وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ
حَفْصٍ عَنْ
عَاصِمٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ كَسْرَةَ الْجِيمِ إِتْبَاعٌ لِكَسْرَةِ اللَّامِ ، فَمَعْنَاهُ مَعْنَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ . وَنَحْوُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، فَلَا نُطِيلُ بِهِ الْكَلَامَ . وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .