( ) صد الكنيسة عن الإسلام وبغيه عوجا
إن رجال الكنيسة لم يجدوا ما يصدون به أتباعها عن الإسلام - بعد أن رأوه قد قضى على الوثنية والمجوسية ، وكاد يقضي على النصرانية في الشرق ، ثم امتد نوره إلى الغرب - إلا تأليف الكتب ، ونظم الأشعار والأغاني في ذم الإسلام ونبيه وكتابه بالإفك والبهتان ، وفحش الكلام الذي يدل على أن هؤلاء المتدينين أكذب البشر وأشدهم عداوة للحق والفضيلة ، في سبيل رياستهم التي يتبرأ منها المسيح عليه صلوات الله وسلامه .
وقد كان أتباعهم يصدقون ما يقولون ويكتبون . ويتهيجون بما ينظمون وينشدون ، حتى إذا ما اطلع بعضهم على كتب الإسلام ورأوا المسلمين وعاشروهم فضحوهم أقبح الفضائح ، كما ترى في كتاب ( الإسلام خواطر وسوانح ) للكونت دي كاستري ، وكما ترى في الكتاب الفرنسي الذي ظهر في هذا العهد باسم ( حياة محمد ) للموسيو درمنغام وهذان الكتابان فرنسيان من طائفة الكاثوليك اللاتين ، وقد صرحا كغيرهما بأن كنيستهم هي البادئة بالظلم والعدوان ، والإفك والبهتان ، وبأدب المسلمين في الدفاع .
[ ص: 128 ] ولما ظهرت طائفة البروتستان وغلب مذهبها في شعوب الأنجلوسكسون والجرمان ، وكان الفضل في دعوتهم الإصلاحية لما انعكس على أوربة من نور الإسلام ، لم يتعفف قسوسهم ودعاتهم ( المبشرون ) عن افتراء الكذب ، ولا تجملوا فيه بشيء من النزاهة والأدب ، والذي نراه في هذا العصر من مطاعنهم وافترائهم وسوء أدبهم أشد مما نراه من غيرهم ، ولكن الذين أنصفوا الإسلام من أحرار علمائهم أصرح قولا ، ولعلهم أكثر من اللاتين عددا ، وكذلك الذين اهتدوا به ، وسبب ذلك أن الحرية والاستقلال في تربيتهم أقوى ، وسيكونون هم الذين ينشرون الإسلام في أوربة والولايات المتحدة الأميركانية ، ثم في سائر العالم كما جزم العلامة برنارد شو الإنكليزي في كتابه ( الحياة الزوجية ) .