( 4 ) : الإسلام دين الحجة والبرهان
قال تعالى : ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ( 4 : 174 ) وقال : ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ( 23 : 117 ) قيد الوعيد على الشرك بكونه لا برهان لصاحبه يحتج به عند ربه ، مع العلم بأنه لا يكون إلا كذلك تعظيما لشأن البرهان ، وذلك أنه تعالى يبعث الأمم مع رسلهم وورثتهم الذين يشهدون عليهم ويطالبهم بحضرتهم بالبرهان على ما خالفوهم فيه كما قال : [ ص: 206 ] ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون ( 28 : 75 ) .
وأقام البرهان العقلي على بطلان الشرك بقوله بعد ذكر السماوات والأرض من سورة الأنبياء ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) ( 21 : 220 ) ثم قفى عليه بمطالبة المشركين بالبرهان على ما اتخذوه من الآلهة من دونه مطالبة تعجيز فقال : ( أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم ) ( 21 : 24 ) الآية ، ومثله في سورة النمل : أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ( 27 : 64 ) .
وقال في سياق محاجة إبراهيم لقومه وإقامة البراهين العلمية لهم على بطلان شركهم : ( وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ) ( 6 : 81 ) ثم قال في آخره : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ) ( 6 : 83 ) فالدرجات هنا درجات الحجة والبرهان العقلي على العلم ، ولذلك قدم فيه ذكر الحكمة على العلم ، وتقدم في الكلام على العلم آية رفع الدرجات فيه .
ومما جاء فيه البرهان بلفظ السلطان قوله تعالى : ( الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا ) ( 40 : 35 ) الآية ، وفي معناها من هذه السورة ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) ( 40 : 56 ) الآية ، وفي عدة سور أنه تعالى أرسل موسى إلى فرعون بآياته وسلطان مبين .