( 4 - ) مدح المال والغنى بكونه من نعم الله وجزائه على الإيمان والعمل الصالح
قال تعالى في سورة نوح عليه السلام حكاية عنه : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) ( 71 : 10 - 12 ) وفي معناه ما حكاه عن هود عليه السلام في سورته ( 11 : 52 ) وفي معناه قوله تعالى من سورة الجن ( 72 : 13 - 17 ) والأصل في ذلك كله بيان نعمته على آدم وحواء وذريتهما بهداية الدين في آخر قصته من سورة طه ( 20 : 122 و 123 ) الآيات .
ومن الشواهد على هذه الحقيقة التي غفل عنها المفسرون وغيرهم ، قوله تعالى عطفا على الأمر بمنع المشركين من دخول المسجد الحرام : ( وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء ) ( 9 : 28 ) أي وإن خفتم فقرا يعرض لكم بحرمان مكة مما كان ينفقه فيها المشركون في موسم الحج وغيره ، فسوف يغنيكم الله تعالى بالإسلام وفتوحه وغنائمه . وكذا قوله للذين أعطوا الفداء من أسرى بدر : ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ) ( 8 : 70 ) وكذلك كان ، فقد أغنى الله العرب الفقراء عامة ومن أسلم من أولئك الأسرى بالإسلام ، فجعلهم أغنى الأمم والأقوام .
وقد امتن الله تعالى على نبيه الأعظم بقوله : ( ووجدك عائلا فأغنى ) ( 93 : 8 ) وامتن على قومه بتوفيقهم للتجارة الواسعة برحلة الشتاء والصيف في سورة خاصة بذلك ، وسمى [ ص: 226 ] المال الكثير خيرا بقوله في صفات الإنسان : ( وإنه لحب الخير لشديد ) ( 100 : 8 ) وقال : ( إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) ( 2 : 180 ) الآية .