[ ص: 3 ] 11 - سورة هود عليه السلام
( وهي الحادية عشرة في المصحف ، وآياتها 123 آية ) :
كالتي قبلها ، واستثنى بعضهم منها ثلاث آيات . الأولى : هي مكية حتما فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك 12 إلخ . الثانية : أفمن كان على بينة من ربه 17 إلخ . والثالثة : وأقم الصلاة طرفي النهار 114 إلخ . قيل : إن هذه الثلاث مدنية ، وهو خلاف الظاهر ولا يقوم عليه دليل ، إلا ما روي في سبب نزول الثالثة من حديث أبي اليسر وغيره وسيأتي بيانه في تفسيرها .
وقد نزلت بعد سورة يونس ، وهي في معناها وموضوعها الذي بيناه في تفسيرها ، وهو أصول عقائد الإسلام في الإلهيات والنبوات والبعث والجزاء وعمل الصالحات ، وقد فصل فيها ما أجمل في سورة يونس من قصص الرسل - عليهم السلام - وهي مناسبة لها كل المناسبة ببراعة المطلع في فاتحتها ، والمقطع في خاتمتها ، وتفصيل الدعوة في أثنائها ، فقد افتتحتا بذكر القرآن بعد الر ، ومثلهما في هذا ما بعدهما من السور الأربع إلا الرعد فأولها المر ، وذكر رسالة النبي المبلغ له عن الله - تعالى - وبيان وظيفته فيها ، وهو الإنذار والتبشير ، وختمتا بخطاب الناس بالدعوة إلى ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمره في الأولى بالصبر حتى يحكم الله بينه وبين الكافرين ، وفي الثانية بالانتظار ; أي انتظار هذا الحكم منه - تعالى - مع الاستقامة على عبادته والتوكل عليه .
وذكر في أثناء كل منهما التحدي بالقرآن ، ردا على الذين زعموا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد افتراه ، ولكن هذا الموضوع في الأولى أوفى منه في الثانية ، وكذا محاجة المشركين في أصول الدين كلها ، فقد أجمل في كل منهما ما فصل في الأخرى مع فوائد انفردت بها كل منهما ، فهما باتفاق الموضوع ، واختلاف النظم والأسلوب ، آيتان من آيات الإعجاز ، تخر لتلاوتهما الوجوه للأذقان ، ساجدة للرحمن .