[ ص: 86 ] nindex.php?page=treesubj&link=25353ما ينبغي تدبره واستحضاره من معاني الفاتحة وغيرها في الصلاة
إذا قمت أيها المسلم إلى الصلاة فوجه كل قلبك فيها إلى استحضار كل ما يتحرك به لسانك من ذكر وتلاوة .
فإذا قلت : " الله أكبر " فحسبك أن تذكر في قلبك أن الله تعالى أعظم من كل عظيم ، وأكبر من كل شيء ، فلا يصح أن يشغلك عن الصلاة له أو فيها شيء دونه ، وكل شيء دونه .
وإذا قرأت ما ورد في ذكر الافتتاح فلا تشغل نفسك بغير معناه وهو ظاهر ، وإذا استعذت بالله تعالى قبل القراءة عملا بعموم قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) ( 16 :98 ) فتصور من معنى صيغة الاستعاذة أنك تلجأ إلى الله تعالى وتعتصم به من وسوسة الشيطان الشاغلة عن الصلاة وما يجب فيها من التدبر لكتابه والخشوع والإخلاص له تعالى .
وإذا قرأت البسملة فاستحضر من معناها :إنني أصلي ( بسم الله ) ولله الذي شرع الصلاة وأقدرني عليها ( الرحمن الرحيم ) ذي الرحمة العامة التي وسعت كل شيء والخاصة بمن شاء من عباده المخلصين .
وإذا قلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ) فاستحضر من معناها أن كل ثناء جميل بالحق فهو لله تعالى استحقاقا وفعلا ، من حيث إنه الرب خالق العالمين ومدبر جميع أمورهم ( الرحمن ) في نفسه ( الرحيم ) بخلقه (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مالك يوم الدين ) ذي الملك والتصرف دون غيره يوم محاسبة الخلق ومجازاتهم بأعمالهم فلا يرجى غيره ، وإذا قلت : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد ) إلخ فتذكر أنك تخاطب هذا الرب العظيم كفاحا بما يجب أن تكون صادقا فيه ، ومعناه نعبدك وحدك دون سواك بدعائك والتوجه إليك (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5وإياك نستعين ) نطلب معونتك وحدك على عبادتك وعلى جميع شئوننا ، بالعلم بما أعطيتنا من الأسباب ، وبالتوكل عليك وحدك عند العجز عنها (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم ) دلنا وأوصلنا بتوفيقك ومعونتك إلى طريق الحق في العلم والعمل ، الذي لا عوج فيه ولا زلل (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين أنعمت عليهم ) بالإيمان الصحيح والعمل الصالح وثمرتهما وهي سعادة الدارين ، وتذكر إجمالا أولئك المنعم عليهم "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " وأن حظك من هذه الهداية لصراطهم إنما يكون بالتأسي والاقتداء بهم في الدنيا ، ومرافقتهم في الآخرة ، وحسن أولئك رفيقا " (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين أنعمت عليهم ) فضلا وإحسانا منك (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غير المغضوب عليهم ) بإيثارهم الباطل على الحق ، وترجيحهم
[ ص: 87 ] الشر على الخير (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7ولا الضالين ) عن طريق الحق والخير بجهلهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=104الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) .
وأنصح لك أيها
nindex.php?page=treesubj&link=18648_18649_18635التالي للقرآن في الصلاة وفي غير الصلاة ، أن تقرأه على مكث وتمهل ، بخشوع وتدبر ، وأن تقف على رءوس الآيات ، وتعطي القراءة حقها من التجويد والنغمات ، مع اجتناب التكلف والتطريب ، واتقاء الاشتغال بالألفاظ عن المعاني ، فإن قراءة آية واحدة مع التدبر والخشوع ، خير لك من قراءة ختمة مع الغفلة ، ومن المجربات : أن
nindex.php?page=treesubj&link=22753_22750تغميض العينين في الصلاة يثير الخواطر ، ولذلك كان مكروها ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=32261_32258_1567رفع الصوت المعتدل في الصلاة الجهرية ولا سيما صلاة الليل يطرد الغفلة ، ويوقظ راقد الخشية ، وإعطاء كل أسلوب حقه من الأداء والصوت يعين على الفهم ، ويستفيض ما غاض بطول الغفلة من شآبيب الدمع .
( راجع بحث تأثير التلاوة في أول تفسير سورة الأعراف في الكلام على الحروف المفردة )
[ ص: 86 ] nindex.php?page=treesubj&link=25353مَا يَنْبَغِي تَدَبُّرُهُ وَاسْتِحْضَارُهُ مِنْ مَعَانِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا فِي الصَّلَاةِ
إِذَا قُمْتَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ إِلَى الصَّلَاةِ فَوَجِّهْ كُلَّ قَلْبِكَ فِيهَا إِلَى اسْتِحْضَارِ كُلِّ مَا يَتَحَرَّكُ بِهِ لِسَانُكَ مِنْ ذِكْرٍ وَتِلَاوَةٍ .
فَإِذَا قُلْتَ : " اللَّهُ أَكْبَرُ " فَحَسِبَكَ أَنْ تَذْكُرَ فِي قَلْبِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْظَمُ مَنْ كُلِّ عَظِيمٍ ، وَأَكْبَرُ مَنْ كُلِّ شَيْءٍ ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْغَلَكَ عَنِ الصَّلَاةِ لَهُ أَوْ فِيهَا شَيْءٌ دُونَهُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ دُونَهُ .
وَإِذَا قَرَأْتَ مَا وَرَدَ فِي ذِكْرِ الِافْتِتَاحِ فَلَا تَشْغَلْ نَفْسَكَ بِغَيْرِ مَعْنَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَإِذَا اسْتَعَذْتَ بِاللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) ( 16 :98 ) فَتَصَوَّرْ مِنْ مَعْنَى صِيغَةِ الِاسْتِعَاذَةِ أَنَّكَ تَلْجَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْتَصِمُ بِهِ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ الشَّاغِلَةِ عَنِ الصَّلَاةِ وَمَا يَجِبُ فِيهَا مِنَ التَّدَبُّرِ لِكِتَابِهِ وَالْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ تَعَالَى .
وَإِذَا قَرَأْتَ الْبَسْمَلَةَ فَاسْتَحْضِرَ مِنْ مَعْنَاهَا :إِنَّنِي أُصَلِّي ( بِسْمِ اللَّهِ ) وَلِلَّهِ الَّذِي شَرَعَ الصَّلَاةَ وَأَقْدَرَنِي عَلَيْهَا ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ذِي الرَّحْمَةِ الْعَامَّةِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وَالْخَاصَّةِ بِمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ الْمُخْلِصِينَ .
وَإِذَا قُلْتَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) فَاسْتَحْضِرْ مِنْ مَعْنَاهَا أَنَّ كُلَّ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ بِالْحَقِّ فَهُوَ لِلَّهِ تَعَالَى اسْتِحْقَاقًا وَفِعْلًا ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ الرَّبُّ خَالِقُ الْعَالَمِينَ وَمُدَبِّرُ جَمِيعِ أُمُورِهِمْ ( الرَّحْمَنِ ) فِي نَفْسِهِ ( الرَّحِيمِ ) بِخَلْقِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) ذِي الْمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ دُونَ غَيْرِهِ يَوْمَ مُحَاسَبَةِ الْخَلْقِ وَمُجَازَاتِهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ فَلَا يُرْجَى غَيْرُهُ ، وَإِذَا قُلْتَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) إِلَخْ فَتَذَكَّرْ أَنَّكَ تُخَاطِبُ هَذَا الرَّبَّ الْعَظِيمَ كِفَاحًا بِمَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ صَادِقًا فِيهِ ، وَمَعْنَاهُ نَعْبُدُكَ وَحْدَكَ دُونَ سِوَاكَ بِدُعَائِكَ وَالتَّوَجُّهِ إِلَيْكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) نَطْلُبُ مَعُونَتَكَ وَحْدَكَ عَلَى عِبَادَتِكَ وَعَلَى جَمِيعِ شُئُونِنَا ، بِالْعِلْمِ بِمَا أَعْطَيْتَنَا مِنَ الْأَسْبَابِ ، وَبِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ وَحْدَكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) دُلَّنَا وَأَوْصِلْنَا بِتَوْفِيقِكَ وَمَعُونَتِكَ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ، الَّذِي لَا عِوَجَ فِيهِ وَلَا زَلَلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) بِالْإِيمَانِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَثَمَرَتِهِمَا وَهِيَ سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ ، وَتَذَكَّرْ إِجْمَالًا أُولَئِكَ الْمُنْعَمَ عَلَيْهِمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=69مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ " وَأَنَّ حَظَّكَ مِنْ هَذِهِ الْهِدَايَةِ لِصِرَاطِهِمْ إِنَّمَا يَكُونُ بِالتَّأَسِّي وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا ، وَمُرَافَقَتِهِمْ فِي الْآخِرَةِ ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا " (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) فَضْلًا وَإِحْسَانًا مِنْكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غَيْرِ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ ) بِإِيثَارِهِمُ الْبَاطِلَ عَلَى الْحَقِّ ، وَتَرْجِيحِهِمُ
[ ص: 87 ] الشَّرَّ عَلَى الْخَيْرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7وَلَا الضَّالِّينَ ) عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ بِجَهْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=104الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) .
وَأَنْصَحُ لَكَ أَيُّهَا
nindex.php?page=treesubj&link=18648_18649_18635التَّالِي لِلْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ، أَنْ تَقْرَأَهُ عَلَى مُكْثٍ وَتَمَهُّلٍ ، بِخُشُوعٍ وَتَدَبُّرٍ ، وَأَنْ تَقِفَ عَلَى رُءُوسِ الْآيَاتِ ، وَتُعْطِيَ الْقِرَاءَةَ حَقَّهَا مِنَ التَّجْوِيدِ وَالنَّغَمَاتِ ، مَعَ اجْتِنَابِ التَّكَلُّفِ وَالتَّطْرِيبِ ، وَاتِّقَاءِ الِاشْتِغَالِ بِالْأَلْفَاظِ عَنِ الْمَعَانِي ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ آيَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ التَّدَبُّرِ وَالْخُشُوعِ ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ قِرَاءَةِ خَتْمَةٍ مَعَ الْغَفْلَةِ ، وَمِنَ الْمُجَرَّبَاتِ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22753_22750تَغْمِيضَ الْعَيْنَيْنِ فِي الصَّلَاةِ يُثِيرُ الْخَوَاطِرَ ، وَلِذَلِكَ كَانَ مَكْرُوهًا ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32261_32258_1567رَفْعَ الصَّوْتِ الْمُعْتَدِلِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَلَا سِيَّمَا صَلَاةُ اللَّيْلِ يَطْرُدُ الْغَفْلَةَ ، وَيُوقِظُ رَاقِدَ الْخَشْيَةِ ، وَإِعْطَاءَ كُلِّ أُسْلُوبٍ حَقَّهُ مِنَ الْأَدَاءِ وَالصَّوْتِ يُعِينُ عَلَى الْفَهْمِ ، وَيَسْتَفِيضُ مَا غَاضَ بِطُولِ الْغَفْلَةِ مِنْ شَآبِيبِ الدَّمْعِ .
( رَاجِعْ بَحْثَ تَأْثِيرِ التِّلَاوَةِ فِي أَوَّلِ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ )