ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن
قوله : ولا تنكحوا قرأه الجمهور بفتح التاء ، وقرئ في الشواذ بضمها ، قيل : والمعنى : كان المتزوج لها أنكحها من نفسها .
وفي هذه الآية النهي عن ، فقيل : المراد بالمشركات الوثنيات ، وقيل : إنها تعم الكتابيات لأن أهل الكتاب مشركون نكاح المشركات وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله [ التوبة : 30 ] وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية ، فقالت طائفة : إن الله حرم نكاح المشركات فيها ، والكتابيات من الجملة ، ثم جاءت آية المائدة فخصصت الكتابيات من هذا العموم .
وهذا محكي عن ابن عباس ومالك وسفيان بن سعيد وعبد الرحمن بن عمر . والأوزاعي
وذهبت طائفة إلى أن هذه الآية ناسخة لآية المائدة ، وأنه يحرم نكاح الكتابيات والمشركات ، وهذا أحد قولي وبه قال جماعة من أهل العلم . الشافعي ،
ويجاب عن قولهم إن هذه الآية ناسخة لآية المائدة بأن سورة البقرة من أول ما نزل وسورة المائدة من آخر ما نزل .
والقول الأول هو الراجح .
وقد قال به مع من تقدم عثمان بن عفان وطلحة وجابر وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك كما حكاه النحاس والقرطبي .
وقد حكاه ابن المنذر عن المذكورين ، وزاد وقال : لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك . عمر بن الخطاب ،
وقال بعض أهل العلم : إن لفظ المشرك لا يتناول أهل الكتاب لقوله تعالى : ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم [ البقرة : 105 ] . وقال : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين [ البينة : 1 ] وعلى فرض أن لفظ المشركين يعم ، فهذا العموم مخصوص بآية المائدة كما قدمنا .
قوله : ولأمة مؤمنة أي ولرقيقة مؤمنة ، وقيل : المراد بالأمة الحرة لأن الناس كلهم عبيد الله وإماؤه والأول أولى لما سيأتي لأنه الظاهر من اللفظ ولأنه أبلغ ، فإن يستفاد منه تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة بالأولى . تفضيل الأمة الرقيقة المؤمنة على الحرة المشركة
وقوله : ولو أعجبتكم أي ولو أعجبتكم المشركة من جهة كونها ذات جمال أو مال أو شرف ، وهذه الجملة حالية .
قوله : ولا تنكحوا المشركين أي لا تزوجوهم بالمؤمنات حتى يؤمنوا قال القرطبي : وأجمعت الأمة على أن وأجمع القراء على ضم التاء من " تنكحوا " . المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام ،
وقوله : ولعبد الكلام فيه كالكلام في قوله : ولأمة والترجيح كالترجيح .
قوله : أولئك إشارة إلى المشركين والمشركات يدعون إلى النار أي إلى الأعمال الموجبة للنار ، فكان في مصاهرتهم ومعاشرتهم ومصاحبتهم من الخطر العظيم ما لا يجوز للمؤمنين أن يتعرضوا له ويدخلوا فيه والله يدعو إلى الجنة أي إلى الأعمال الموجبة للجنة ، وقيل : المراد أن أولياء الله هم المؤمنون يدعون إلى الجنة .
وقوله : بإذنه أي بأمره ، قاله وقيل : بتيسيره وتوفيقه ، قاله صاحب الكشاف . الزجاج ،
وقد أخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن قال : مقاتل بن حيان أبي مرثد الغنوي استأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عناق أن يتزوجها ، وكانت ذات حظ من الجمال وهي مشركة وأبو مرثد يومئذ مسلم ، فقال : يا رسول الله إنها تعجبني ، فأنزل الله : ولا تنكحوا المشركات . نزلت هذه الآية في
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن في قوله : ابن عباس ولا تنكحوا المشركات قال : استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب ، فقال : والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب [ المائدة : 5 ] .
وقد روي هذا المعنى عنه من طرق .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن في قوله : سعيد بن جبير ولا تنكحوا المشركات يعني أهل الأوثان .
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد نحوه ، وكذلك أخرج عبد الرزاق عن وعبد بن حميد قتادة نحوه أيضا .
وأخرج عن عبد بن حميد النخعي نحوه .
وأخرج ابن أبي شيبة عن وابن أبي حاتم أنه كره نكاح نساء أهل الكتاب ، وتأول : ابن عمر ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن .
[ ص: 145 ] وأخرج عنه قال : حرم الله نكاح المشركات على المسلمين ، ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها البخاري عيسى أو عبد من عباد الله .
وأخرج الواحدي من طريق وابن عساكر عن السدي أبي مالك عن في قوله تعالى : ابن عباس ولأمة مؤمنة خير من مشركة قال : نزلت في وكانت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها ، ثم إنه فزع فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره خبرها ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم له : ما هي يا عبد الله ؟ قال : تصوم وتصلي وتحسن الوضوء ، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، فقال : يا عبد الله هذه مؤمنة ، فقال عبد الله : فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها ، ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا : نكح أمة ، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم ، فأنزل الله فيهم عبد الله بن رواحة ، ولأمة مؤمنة خير من مشركة .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وابن أبي حاتم مثله . السدي
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : مقاتل بن حيان ولأمة مؤمنة قال : بلغنا أنها كانت أمة لحذيفة سوداء ، فأعتقها وتزوجها حذيفة .
وأخرج عن ابن جرير أبي جعفر محمد بن علي قال : النكاح بولي في كتاب الله ، ثم قرأ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا .