nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179nindex.php?page=treesubj&link=28978_30437ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون
" ولقد ذرأنا " أي خلقنا .
وقد تقدم بيان أصل معناه مستوفى ، وهذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها . لجهنم أي للتعذيب بها كثيرا أي خلقا كثيرا من الجن والإنس أي من طائفتي الجن والإنس جعلهم - سبحانه - للنار بعدله وبعمل أهلها يعملون .
وقد علم ما هم عاملون قبل كونهم كما ثبت في الأحاديث الصحيحة ، ثم وصف هؤلاء فقال : لهم قلوب لا يفقهون بها كما يفقه غيرهم بعقولهم ، وجملة لا يفقهون بها في محل رفع على أنها صفة لقلوب ، وجملة لهم قلوب في محل نصب صفة ل " كثيرا " جعل - سبحانه - قلوبهم لما كانت غير فاقهة لما فيه نفعهم وإرشادهم غير فاقهة مطلقا وإن كانت تفقه في غير ما فيه النفع والرشاد فهو كالعدم ، وهكذا معنى ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها فإن الذي انتفى من الأعين هو إبصار ما فيه الهداية بالتفكر والاعتبار ، وإن كانت مبصرة في غير ذلك ، والذي انتفى من الآذان هو سماع المواعظ النافعة ، والشرائع التي اشتملت عليها الكتب المنزلة ، وما جاءت به رسل الله ، وإن كانوا يسمعون غير ذلك ، والإشارة بقوله : أولئك إلى هؤلاء المتصفين بهذه الأوصاف كالأنعام في انتفاء انتفاعهم بهذه المشاعر ، ثم حكم عليهم بأنهم أضل منها ؛ لأنها تدرك بهذه الأمور ما ينفعها ويضرها فتنتفع بما ينفع ، وتجتنب ما يضر ، وهؤلاء لا يميزون بين ما ينفع وما يضر باعتبار ما طلبه الله منهم وكلفهم به ، ثم حكم عليهم بالغفلة الكاملة لما هم عليه من عدم التمييز الذي هو من شأن من له عقل وبصر وسمع .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في قوله : ولقد ذرأنا قال : خلقنا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وأبو الشيخ ، عن
الحسن في الآية قال : خلقنا لجهنم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ،
وابن مردويه ،
وابن النجار ، عن
عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إن الله لما ذرأ لجهنم من ذرأ كان ولد الزنا ممن ذرأ لجهنم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
مجاهد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا لجهنم قال : لقد خلقنا لجهنم لهم قلوب لا يفقهون بها قال : لا يفقهون شيئا من أمور الحياة ولهم أعين لا يبصرون بها
[ ص: 514 ] الهدى ولهم آذان لا يسمعون بها الحق ، ثم جعلهم كالأنعام ، ثم جعلهم شرا من الأنعام ، فقال : بل هم أضل ثم أخبر أنهم الغافلون .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179nindex.php?page=treesubj&link=28978_30437وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
" وَلَقَدْ ذَرَأْنَا " أَيْ خَلَقْنَا .
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ أَصْلِ مَعْنَاهُ مُسْتَوْفًى ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهَا . لِجَهَنَّمَ أَيْ لِلتَّعْذِيبِ بِهَا كَثِيرًا أَيْ خَلَقًا كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَيْ مِنْ طَائِفَتَيِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ جَعَلَهُمْ - سُبْحَانَهُ - لِلنَّارِ بِعَدْلِهِ وَبِعَمَلِ أَهْلِهَا يَعْمَلُونَ .
وَقَدْ عَلِمَ مَا هُمْ عَامِلُونَ قَبْلَ كَوْنِهِمْ كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ، ثُمَّ وَصَفَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ : لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا كَمَا يَفْقَهُ غَيْرُهُمْ بِعُقُولِهِمْ ، وَجُمْلَةُ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لِقُلُوبٍ ، وَجُمْلَةُ لَهُمْ قُلُوبٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ صِفَةً لِ " كَثِيرًا " جَعَلَ - سُبْحَانَهُ - قُلُوبَهُمْ لَمَّا كَانَتْ غَيْرَ فَاقِهَةٍ لِمَا فِيهِ نَفْعُهُمْ وَإِرْشَادُهُمْ غَيْرَ فَاقِهَةٍ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ تَفْقَهُ فِي غَيْرِ مَا فِيهِ النَّفْعُ وَالرَّشَادُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ ، وَهَكَذَا مَعْنَى وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّ الَّذِي انْتَفَى مِنَ الْأَعْيُنِ هُوَ إِبْصَارُ مَا فِيهِ الْهِدَايَةُ بِالتَّفَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُبْصِرَةً فِي غَيْرِ ذَلِكَ ، وَالَّذِي انْتَفَى مِنَ الْآذَانِ هُوَ سَمَاعُ الْمَوَاعِظِ النَّافِعَةِ ، وَالشَّرَائِعِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ ، وَمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُ اللَّهِ ، وَإِنْ كَانُوا يَسْمَعُونَ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : أُولَئِكَ إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ كَالْأَنْعَامِ فِي انْتِفَاءِ انْتِفَاعِهِمْ بِهَذِهِ الْمَشَاعِرِ ، ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ أَضَلُّ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهَا تُدْرِكُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ مَا يَنْفَعُهَا وَيَضُرُّهَا فَتَنْتَفِعُ بِمَا يَنْفَعُ ، وَتَجْتَنِبُ مَا يَضُرُّ ، وَهَؤُلَاءِ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ مَا يَنْفَعُ وَمَا يَضُرُّ بِاعْتِبَارِ مَا طَلَبَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ وَكَلَّفَهُمْ بِهِ ، ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْغَفْلَةِ الْكَامِلَةِ لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ التَّمْيِيزِ الَّذِي هُوَ مِنْ شَأْنِ مَنْ لَهُ عَقْلٌ وَبَصَرٌ وَسَمْعٌ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : وَلَقَدْ ذَرَأْنَا قَالَ : خَلَقْنَا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
الْحَسَنِ فِي الْآيَةِ قَالَ : خَلَقْنَا لِجَهَنَّمَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ ،
وَابْنُ النَّجَّارِ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
إِنَّ اللَّهَ لَمَّا ذَرَأَ لِجَهَنَّمَ مَنْ ذَرَأَ كَانَ وَلَدُ الزِّنَا مِمَّنْ ذَرَأَ لِجَهَنَّمَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ قَالَ : لَقَدْ خَلَقْنَا لِجَهَنَّمَ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا قَالَ : لَا يَفْقَهُونَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْحَيَاةِ وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا
[ ص: 514 ] الْهُدَى وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا الْحَقَّ ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ كَالْأَنْعَامِ ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ شَرًّا مِنَ الْأَنْعَامِ ، فَقَالَ : بَلْ هُمْ أَضَلُّ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمُ الْغَافِلُونَ .