جعل - سبحانه - التقوى شرطا في الجعل المذكور مع سبق علمه بأنهم يتقون أو لا يتقون جريا على ما يخاطب به الناس بعضهم بعضا ، والتقوى : اتقاء مخالفة أوامره والوقوع في مناهيه ، والفرقان ما يفرق به بين الحق والباطل ، [ ص: 536 ] والمعنى : أنه يجعل لهم من ثبات القلوب ، وثقوب البصائر ، وحسن الهداية ما يفرقون به بينهما عند الالتباس ، وقيل : الفرقان المخرج من الشبهات ، والنجاة من كل ما يخافونه ، ومنه قول الشاعر :
ما لك من طول الأسى فرقان بعد قطين رحلوا وبانوا
ومنه قول الآخر :وكيف أرجى الخلد والموت طالبي وما لي من كأس المنية فرقان
قال ابن إسحاق : الفرقان الفصل بين الحق والباطل ، وبمثله قال ابن زيد .
وقال السدي ، : الفرقان النجاة .
ويؤيد تفسير الفرقان بالمخرج والنجاة قوله - تعالى - : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ( الطلاق : 2 ) وبه قال مجاهد ، ومالك بن أنس .
ويكفر عنكم سيئاتكم أي يسترها حتى تكون غير ظاهرة ويغفر لكم ما اقترفتم من الذنوب ، وقد قيل : إن المراد بالسيئات : الصغائر ، وبالذنوب التي تغفر : الكبائر ، وقيل : المعنى أنه يغفر لهم ما تقدم من الذنوب وما تأخر والله ذو الفضل العظيم فهو المتفضل على عباده بتكفير السيئات ومغفرة الذنوب .
وقد أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله : يجعل لكم فرقانا قال : هو المخرج .
وأخرج ابن جرير عنه قال : هو النجاة .
وأخرج ابن جرير ، عن عكرمة مثله .
وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس ، قال : هو النصر .


