[ ص: 577 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=28980_30881إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=51قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=54وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50إن تصبك حسنة أي حسنة كانت بأي سبب اتفق ، كما يفيده وقوعها في حيز الشرط ، وكذلك القول في المصيبة ، وتدخل الحسنة والمصيبة الكائنة في القتال كما يفيده السياق دخولا أوليا ، فمن جملة ما تصدق عليه الحسنة : الغنيمة والظفر ، ومن جملة ما تصدق عليه المصيبة الخيبة والانهزام ، وهذا ذكر نوع آخر من
nindex.php?page=treesubj&link=30563خبث ضمائر المنافقين وسوء أفعالهم ، والإخبار بعظيم عداوتهم لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وللمؤمنين ، فإن المساءة بالحسنة ، والفرح بالمصيبة من أعظم ما يدل على أنهم في العداوة قد بلغوا إلى الغاية ، ومعنى ( يتولوا ) رجعوا إلى أهلهم عن مقامات الاجتماع ومواطن التحدث حال كونهم فرحين بالمصيبة التي أصابت المؤمنين ، ومعنى قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50قد أخذنا أمرنا من قبل أي احتطنا لأنفسنا وأخذنا بالحزم ، فلم نخرج إلى القتال كما خرج المؤمنون حتى نالهم ما نالهم من المصيبة .
ثم لما قالوا هذا القول أمر الله رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يجيب عليهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=51لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا أي في اللوح المحفوظ ، أو في كتابه المنزل علينا ، وفائدة هذا الجواب أن الإنسان إذا علم أن
nindex.php?page=treesubj&link=30455ما قدره الله كائن ، وأن كل ما ناله من خير أو شر إنما هو بقدر الله وقضائه هانت عليه المصائب ، ولم يجد مرارة شماتة الأعداء وتشفي الحسدة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=51هو مولانا أي ناصرنا وجاعل العاقبة لنا ومظهر دينه على جميع الأديان ،
nindex.php?page=treesubj&link=28679والتوكل على الله تفويض الأمور إليه ، والمعنى : أن من حق المؤمنين أن يجعلوا توكلهم مختصا بالله سبحانه لا يتوكلون على غيره .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف " يصيبنا " بتشديد الياء .
وقرأ
أعين قاضي
الري " يصيبنا " بنون مشددة ، وهو لحن لأن الخبر لا يؤكد ، ورد بمثل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15هل يذهبن كيده ما يغيظ [ الحج : 15 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : معناه لا يصيبنا إلا ما اختصنا الله من النصرة عليكم أو الشهادة .
وعلى هذا القول يكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين تكريرا لغرض التأكيد ، والأول أولى حتى يكون كل واحد من الجوابين اللذين أمر الله سبحانه رسوله بأن يجيب عليهم بهما مفيدا لفائدة غير فائدة الآخر ، والتأسيس خير من التأكيد ، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخصلتين الحسنيين : إما النصرة أو الشهادة ، وكلاهما مما يحسن لدينا ، والحسنى تأنيث الأحسن ، ومعنى الاستفهام التقريع والتوبيخ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52ونحن نتربص بكم إحدى المساءتين لكم : إما
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أي قارعة نازلة من السماء فيسحتكم بعذابه ، أو بعذاب لكم بأيدينا أي بإظهار الله لنا عليكم بالقتل والأسر والنهب والسبي .
والفاء في ( فتربصوا ) فصيحة ، والأمر للتهديد كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=49ذق إنك أنت العزيز الكريم [ الدخان : 49 ] أي تربصوا بنا ما ذكرنا من عاقبتنا فنحن معكم متربصون ما هو عاقبتكم فستنظرون عند ذلك ما يسرنا ويسوءكم .
وقرأ
البزي وابن فليح " هل تربصون " بإظهار اللام وتشديد التاء .
وقرأ الكوفيون بإدغام اللام في التاء .
وقرأ الباقون بإظهار اللام وتخفيف التاء .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم هذا الأمر معناه الشرط والجزاء ، لأن الله سبحانه لا يأمرهم بما لا يتقبله منهم ، والتقدير : إن أنفقتم طائعين أو مكرهين فلن يتقبل منكم ، وقيل : هو أمر في معنى الخبر : أي أنفقتم طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ، فهو كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80استغفر لهم أو لا تستغفر لهم [ التوبة : 80 ] وفيه الإشعار بتساوي الأمرين في عدم القبول . وانتصاب طوعا أو كرها على الحال فهما مصدران في موقع المشتقين : أي أنفقوا طائعين في غير أمر من الله ورسوله أو مكرهين بأمر منهما .
وسمي الأمر منهما إكراها لأنهم منافقون لا يأتمرون بالأمر ، فكانوا بأمرهم الذي لا يأتمرون به كالمكرهين على الإنفاق ، أو طائعين من غير إكراه من رؤسائكم أو مكرهين منهم ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53إنكم كنتم قوما فاسقين تعليل لعدم قبول إنفاقهم .
والفسق : التمرد والعتو ، وقد سبق بيانه لغة وشرعا .
ثم بين سبحانه السبب المانع من قبول نفقاتهم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=54وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله أي كفرهم بالله وبرسوله جعل المانع من القبول ثلاثة أمور : الأول : الكفر ، الثاني : أنهم لا يصلون في حال من الأحوال إلا في حال الكسل والتثاقل ، لأنهم لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا ، فصلاتهم ليست إلا رياء للناس وتظاهرا بالإسلام الذي يبطنون خلافه ، والثالث : أنهم لا ينفقون أموالهم إلا وهم كارهون ، ولا ينفقونها طوعا لأنهم يعدون إنفاقها وضعا لها في مضيعة لعدم إيمانهم بما وعد الله ورسوله .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم الإعجاب بالشيء : أن يسر به سرورا راض به ، متعجب من حسنه ، قيل : مع نوع من الافتخار واعتقاد أنه ليس لغيره ما يساويه ، والمعنى : لا تستحسن ما معهم من الأموال والأولاد
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا بما يحصل معهم من الغم والحزن عند أن يغنمها المسلمون ،
[ ص: 578 ] ويأخذوها قسرا من أيديهم مع كونها زينة حياتهم وقرة أعينهم ، وكذا في الآخرة يعذبهم بعذاب النار بسبب عدم الشكر لربهم الذي أعطاهم ذلك ، وترك ما يجب عليهم من الزكاة فيها ، والتصدق بما يحق التصدق به ، وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والمعنى : فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا ، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة لأنهم منافقون ، فهم ينفقون كارهين فيعذبون بما ينفقون .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وتزهق أنفسهم وهم كافرون الزهوق : الخروج بصعوبة ، والمعنى : أن الله يريد أن تزهق أنفسهم وتخرج أرواحهم حال كفرهم لعدم قبولهم لما جاءت به الأنبياء وأرسلت به الرسل ، وتصميمهم على الكفر وتماديهم في الضلالة .
ثم ذكر الله سبحانه نوعا آخر من
nindex.php?page=treesubj&link=28842قبائح المنافقين فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ويحلفون بالله إنهم لمنكم أي من جملتكم في دين الإسلام والانقياد لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولكتاب الله سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وما هم منكم في ذلك إلا بمجرد ظواهرهم دون بواطنهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ولكنهم قوم يفرقون أي يخافون أن ينزل بهم ما نزل بالمشركين من القتل والسبي ، فيظهرون لكم الإسلام تقية منهم لا عن حقيقة .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57لو يجدون ملجأ يلتجئون إليه ويحفظون نفوسهم فيه منكم من حصن أو غيره
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57أو مغارات جمع مغارة ، من غار يغير .
قال
الأخفش : ويجوز أن يكون من أغار يغير ، والمغارات : الغيران والسراديب ، وهي المواضع التي يستتر فيها ، ومنه غار الماء وغارت العين ، والمعنى : لو وجدوا أمكنة يغيبون فيها أشخاصهم هربا منكم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57أو مدخلا من الدخول : أي مكانا يدخلون فيه من الأمكنة التي ليست مغارات .
قال
النحاس : الأصل فيه متدخل قلبت التاء دالا ، وقيل : أصله مدتخل .
وقرأ
أبي " متدخلا " وروي عنه أنه قرأ " مندخلا " بالنون .
وقرأ
الحسن وابن أبي إسحاق وابن محيصن " أو مدخلا " بفتح الميم وإسكان الدال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ويقرأ " أو مدخلا " بضم الميم وإسكان الدال .
وقرأ الباقون بتشديد الدال مع ضم الميم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57لولوا إليه أي لالتجئوا إليه وأدخلوا أنفسهم فيه والحال أن
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57وهم يجمحون أي يسرعون إسراعا لا يردهم شيء ، من جمح الفرس : إذا لم يرده اللجام ، ومنه قول الشاعر :
سبوح جموح وإحضارها كمعمعة السعف الموقد
والمعنى : لو وجدوا شيئا من هذه الأشياء المذكورة لولوا إليه مسرعين هربا من المسلمين .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : جعل المنافقون الذين تخلفوا بالمدينة يخبرون عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أخبار السوء يقولون : إن
محمدا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا ، فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه ، فساءهم ذلك فأنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50إن تصبك حسنة تسؤهم الآية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16061سنيد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50إن تصبك حسنة تسؤهم يقول : إن يصبك في سفرك هذه الغزوة تبوك حسنة تسؤهم ، قال :
الجد وأصحابه ، يعني
الجد بن قيس .
وأخرج
أبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=51قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا قال : إلا ما قضى الله لنا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين قال : فتح أو شهادة .
وأخرج
ابن المنذر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52أو بأيدينا قال : القتل بالسيوف .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : قال
الجد بن قيس إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن ولكن أعينك بمالي ، قال : ففيه نزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قل أنفقوا طوعا أو كرها الآية .
وأخرج
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
قتادة ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فلا تعجبك أموالهم قال : هذه من تقاديم الكلام ، يقول : لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا ، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة .
وأخرج
ابن المنذر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وتزهق أنفسهم وهم كافرون قال : تزهق أنفسهم في الحياة الدنيا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وهم كافرون قال : هذه آية فيها تقديم وتأخير .
وأخرج
أبو حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
الضحاك ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فلا تعجبك يقول : لا يغرنك وتزهق قال : تخرج أنفسهم ، قال في الدنيا وهم كافرون .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57لو يجدون ملجأ الآية قال : الملجأ الحرز في الجبال ، والمغارات : الغيران ، والمدخل : السرب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57وهم يجمحون قال : يسرعون .
[ ص: 577 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50nindex.php?page=treesubj&link=28980_30881إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=51قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=54وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ أَيُّ حَسَنَةٍ كَانَتْ بِأَيِّ سَبَبٍ اتَّفَقَ ، كَمَا يُفِيدُهُ وُقُوعُهَا فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْمُصِيبَةِ ، وَتَدْخُلُ الْحَسَنَةُ وَالْمُصِيبَةُ الْكَائِنَةُ فِي الْقِتَالِ كَمَا يُفِيدُهُ السِّيَاقُ دُخُولًا أَوَّلِيًّا ، فَمِنْ جُمْلَةِ مَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الْحَسَنَةُ : الْغَنِيمَةُ وَالظَّفَرُ ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةُ الْخَيْبَةُ وَالِانْهِزَامُ ، وَهَذَا ذِكْرُ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30563خُبْثِ ضَمَائِرِ الْمُنَافِقِينَ وَسُوءِ أَفْعَالِهِمْ ، وَالْإِخْبَارِ بِعَظِيمِ عَدَاوَتِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَلِلْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنَّ الْمُسَاءَةَ بِالْحَسَنَةِ ، وَالْفَرَحَ بِالْمُصِيبَةِ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ فِي الْعَدَاوَةِ قَدْ بَلَغُوا إِلَى الْغَايَةِ ، وَمَعْنَى ( يَتَوَلَّوْا ) رَجَعُوا إِلَى أَهْلِهِمْ عَنْ مَقَامَاتِ الِاجْتِمَاعِ وَمُوَاطِنِ التَّحَدُّثِ حَالَ كَوْنِهِمْ فَرِحِينَ بِالْمُصِيبَةِ الَّتِي أَصَابَتِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ أَيِ احْتَطْنَا لِأَنْفُسِنَا وَأَخَذْنَا بِالْحَزْمِ ، فَلَمْ نَخْرُجْ إِلَى الْقِتَالِ كَمَا خَرَجَ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى نَالَهُمْ مَا نَالَهُمْ مِنَ الْمُصِيبَةِ .
ثُمَّ لَمَّا قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=51لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا أَيْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ ، أَوْ فِي كِتَابِهِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْنَا ، وَفَائِدَةُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30455مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ كَائِنٌ ، وَأَنَّ كُلَّ مَا نَالَهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ إِنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ هَانَتْ عَلَيْهِ الْمَصَائِبُ ، وَلَمْ يَجِدْ مَرَارَةَ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَتَشَفِّي الْحَسَدَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=51هُوَ مَوْلَانَا أَيْ نَاصِرُنَا وَجَاعِلُ الْعَاقِبَةِ لَنَا وَمُظْهِرٌ دِينَهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28679وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ تَفْوِيضُ الْأُمُورِ إِلَيْهِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَجْعَلُوا تَوَكُّلَهُمْ مُخْتَصًّا بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ لَا يَتَوَكَّلُونَ عَلَى غَيْرِهِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ " يُصَيِّبَنَا " بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ .
وَقَرَأَ
أَعْيَنُ قَاضِي
الرَّيِّ " يُصِيبَنَّا " بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ ، وَهُوَ لَحْنٌ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَا يُؤَكَّدُ ، وَرُدَّ بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=15هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ [ الْحَجِّ : 15 ] .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : مَعْنَاهُ لَا يُصِيبُنَا إِلَّا مَا اخْتَصَّنَا اللَّهُ مِنَ النُّصْرَةِ عَلَيْكُمْ أَوِ الشَّهَادَةِ .
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ تَكْرِيرًا لِغَرَضِ التَّأْكِيدِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى حَتَّى يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْجَوَابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِهِمَا مُفِيدًا لِفَائِدَةٍ غَيْرِ فَائِدَةِ الْآخَرِ ، وَالتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنَ التَّأْكِيدِ ، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ هَلْ تَنْتَظِرُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْخَصْلَتَيْنِ الْحُسْنَيَيْنِ : إِمَّا النُّصْرَةُ أَوِ الشَّهَادَةُ ، وَكِلَاهُمَا مِمَّا يَحْسُنُ لَدَيْنَا ، وَالْحُسْنَى تَأْنِيثُ الْأَحْسَنِ ، وَمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيعُ وَالتَّوْبِيخُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ إِحْدَى الْمَسَاءَتَيْنِ لَكُمْ : إِمَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَيْ قَارِعَةٍ نَازِلَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابِهِ ، أَوْ بِعَذَابٍ لَكُمْ بِأَيْدِينَا أَيْ بِإِظْهَارِ اللَّهِ لَنَا عَلَيْكُمْ بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَالنَّهْبِ وَالسَّبْيِ .
وَالْفَاءُ فِي ( فَتَرَبَّصُوا ) فَصِيحَةٌ ، وَالْأَمْرُ لِلتَّهْدِيدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=49ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [ الدُّخَانِ : 49 ] أَيْ تَرَبَّصُوا بِنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ عَاقِبَتِنَا فَنَحْنُ مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ مَا هُوَ عَاقِبَتُكُمْ فَسَتَنْظُرُونَ عِنْدَ ذَلِكَ مَا يَسُرُّنَا وَيَسُوءُكُمْ .
وَقَرَأَ
الْبَزِّيُّ وَابْنُ فُلَيْحٍ " هَلْ تَرَبَّصُونَ " بِإِظْهَارِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ .
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي التَّاءِ .
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِإِظْهَارِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ التَّاءِ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ هَذَا الْأَمْرُ مَعْنَاهُ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ ، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَأْمُرُهُمْ بِمَا لَا يَتَقَبَّلُهُ مِنْهُمْ ، وَالتَّقْدِيرُ : إِنْ أَنْفَقْتُمْ طَائِعِينَ أَوْ مُكْرَهِينَ فَلَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ، وَقِيلَ : هُوَ أَمْرٌ فِي مَعْنَى الْخَبَرِ : أَيْ أَنْفَقْتُمْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ [ التَّوْبَةِ : 80 ] وَفِيهِ الْإِشْعَارُ بِتَسَاوِي الْأَمْرَيْنِ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ . وَانْتِصَابُ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا عَلَى الْحَالِ فَهُمَا مَصْدَرَانِ فِي مَوْقِعِ الْمُشْتَقَّيْنِ : أَيْ أَنْفِقُوا طَائِعِينَ فِي غَيْرِ أَمْرٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْ مُكْرَهِينَ بِأَمْرٍ مِنْهُمَا .
وَسُمِّيَ الْأَمْرُ مِنْهُمَا إِكْرَاهًا لِأَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ لَا يَأْتَمِرُونَ بِالْأَمْرِ ، فَكَانُوا بِأَمْرِهِمُ الَّذِي لَا يَأْتَمِرُونَ بِهِ كَالْمُكْرَهِينَ عَلَى الْإِنْفَاقِ ، أَوْ طَائِعِينَ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ مِنْ رُؤَسَائِكُمْ أَوْ مُكْرَهِينَ مِنْهُمْ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ قَبُولِ إِنْفَاقِهِمْ .
وَالْفِسْقُ : التَّمَرُّدُ وَالْعُتُوُّ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ لُغَةً وَشَرْعًا .
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ السَّبَبَ الْمَانِعَ مِنْ قَبُولِ نَفَقَاتِهِمْ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=54وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ أَيْ كُفْرُهُمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ جَعَلَ الْمَانِعَ مِنَ الْقَبُولِ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ : الْأَوَّلُ : الْكُفْرُ ، الثَّانِي : أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي حَالِ الْكَسَلِ وَالتَّثَاقُلِ ، لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجُونَ ثَوَابًا وَلَا يَخَافُونَ عِقَابًا ، فَصَلَاتُهُمْ لَيْسَتْ إِلَّا رِيَاءً لِلنَّاسِ وَتَظَاهُرًا بِالْإِسْلَامِ الَّذِي يُبْطِنُونَ خِلَافَهُ ، وَالثَّالِثُ : أَنَّهُمْ لَا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ، وَلَا يُنْفِقُونَهَا طَوْعًا لِأَنَّهُمْ يَعُدُّونَ إِنْفَاقَهَا وَضْعًا لَهَا فِي مَضْيَعَةٍ لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ الْإِعْجَابُ بِالشَّيْءِ : أَنْ يُسَرَّ بِهِ سُرُورًا رَاضٍ بِهِ ، مُتَعَجِّبٌ مِنْ حُسْنِهِ ، قِيلَ : مَعَ نَوْعٍ مِنَ الِافْتِخَارِ وَاعْتِقَادِ أَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ مَا يُسَاوِيهِ ، وَالْمَعْنَى : لَا تَسْتَحْسِنْ مَا مَعَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِمَا يَحْصُلُ مَعَهُمْ مِنَ الْغَمِّ وَالْحُزْنِ عِنْدَ أَنْ يَغْنَمَهَا الْمُسْلِمُونَ ،
[ ص: 578 ] وَيَأْخُذُوهَا قَسْرًا مِنْ أَيْدِيهِمْ مَعَ كَوْنِهَا زِينَةَ حَيَاتِهِمْ وَقُرَّةَ أَعْيُنِهِمْ ، وَكَذَا فِي الْآخِرَةِ يُعَذِّبُهُمْ بِعَذَابِ النَّارِ بِسَبَبِ عَدَمِ الشُّكْرِ لِرَبِّهِمُ الَّذِي أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ ، وَتَرْكِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ فِيهَا ، وَالتَّصَدُّقِ بِمَا يَحِقُّ التَّصَدُّقُ بِهِ ، وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَالْمَعْنَى : فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ ، فَهُمْ يُنْفِقُونَ كَارِهِينَ فَيُعَذَّبُونَ بِمَا يُنْفِقُونَ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ الزُّهُوقُ : الْخُرُوجُ بِصُعُوبَةٍ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ أَنْ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَتَخْرُجَ أَرْوَاحُهُمْ حَالَ كُفْرِهِمْ لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَأُرْسِلَتْ بِهِ الرُّسُلُ ، وَتَصْمِيمِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَتَمَادِيهِمْ فِي الضَّلَالَةِ .
ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَوْعًا آخَرَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28842قَبَائِحِ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ أَيْ مِنْ جُمْلَتِكُمْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَلِكِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَمَا هُمْ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ إِلَّا بِمُجَرَّدِ ظَوَاهِرِهِمْ دُونَ بَوَاطِنِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ أَيْ يَخَافُونَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نَزَلْ بِالْمُشْرِكِينَ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ ، فَيُظْهِرُونَ لَكُمُ الْإِسْلَامَ تَقِيَّةً مِنْهُمْ لَا عَنْ حَقِيقَةٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً يَلْتَجِئُونَ إِلَيْهِ وَيَحْفَظُونَ نُفُوسَهُمْ فِيهِ مِنْكُمْ مِنْ حِصْنٍ أَوْ غَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57أَوْ مَغَارَاتٍ جَمْعُ مَغَارَةٍ ، مِنْ غَارَ يَغِيرُ .
قَالَ
الْأَخْفَشُ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَغَارَ يُغِيرُ ، وَالْمَغَارَاتُ : الْغِيرَانُ وَالسَّرَادِيبُ ، وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَسْتَتِرُ فِيهَا ، وَمِنْهُ غَارَ الْمَاءُ وَغَارَتِ الْعَيْنُ ، وَالْمَعْنَى : لَوْ وَجَدُوا أَمْكِنَةً يُغَيِّبُونَ فِيهَا أَشْخَاصَهُمْ هَرَبًا مِنْكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57أَوْ مُدَّخَلًا مِنَ الدُّخُولِ : أَيْ مَكَانًا يَدْخُلُونَ فِيهِ مِنَ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مَغَارَاتٍ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : الْأَصْلُ فِيهِ مُتْدَخَلٌ قُلِبَتِ التَّاءُ دَالًا ، وَقِيلَ : أَصْلُهُ مُدْتَخَلٌ .
وَقَرَأَ
أُبَيٌّ " مُتَدَخَّلًا " وَرَوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ " مُنْدَخَلًا " بِالنُّونِ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ " أَوْ مَدْخَلًا " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَيُقْرَأُ " أَوْ مُدْخَلًا " بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ .
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57لَوَلَّوْا إِلَيْهِ أَيْ لَالْتَجَئُوا إِلَيْهِ وَأَدْخَلُوا أَنْفُسَهُمْ فِيهِ وَالْحَالُ أَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57وَهُمْ يَجْمَحُونَ أَيْ يُسْرِعُونَ إِسْرَاعًا لَا يَرُدُّهُمْ شَيْءٌ ، مِنْ جَمَحَ الْفَرَسُ : إِذَا لَمْ يَرُدَّهُ اللِّجَامُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
سَبُوحٌ جَمُوحٌ وَإِحْضَارُهَا كَمَعْمَعَةِ السَّعَفِ الْمُوقَدِ
وَالْمَعْنَى : لَوْ وَجَدُوا شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ لَوَلَّوْا إِلَيْهِ مُسْرِعِينَ هَرَبًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : جَعَلَ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا بِالْمَدِينَةِ يُخْبِرُونَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَارَ السَّوْءِ يَقُولُونَ : إِنَّ
مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ قَدْ جُهِدُوا فِي سَفَرِهِمْ وَهَلَكُوا ، فَبَلَغَهُمْ تَكْذِيبُ حَدِيثِهِمْ وَعَافِيَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ ، فَسَاءَهُمْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16061سُنَيْدٌ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ يَقُولُ : إِنْ يُصِبْكَ فِي سَفَرِكَ هَذِهِ الْغَزْوَةَ تَبُوكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ، قَالَ :
الْجَدُّ وَأَصْحَابُهُ ، يَعْنِي
الْجَدَّ بْنَ قَيْسٍ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=51قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا قَالَ : إِلَّا مَا قَضَى اللَّهُ لَنَا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ قَالَ : فَتْحٌ أَوْ شَهَادَةٌ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=52أَوْ بِأَيْدِينَا قَالَ : الْقَتْلُ بِالسُّيُوفِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ
الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ إِنِّي إِذَا رَأَيْتُ النِّسَاءَ لَمْ أَصْبِرْ حَتَّى أَفْتَتِنَ وَلَكِنْ أُعِينُكَ بِمَالِي ، قَالَ : فَفِيهِ نَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=53قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا الْآيَةَ .
وَأَخْرَجَ
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ قَالَ : هَذِهِ مِنْ تَقَادِيمِ الْكَلَامِ ، يَقُولُ : لَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْآخِرَةِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْآخِرَةِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ قَالَ : تَزْهَقُ أَنْفُسُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55وَهُمْ كَافِرُونَ قَالَ : هَذِهِ آيَةٌ فِيهَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ .
وَأَخْرَجَ
أَبُو حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=55فَلَا تُعْجِبْكَ يَقُولُ : لَا يَغُرَّنَّكَ وَتَزْهَقَ قَالَ : تَخْرُجُ أَنْفُسُهُمْ ، قَالَ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ كَافِرُونَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً الْآيَةَ قَالَ : الْمَلْجَأُ الْحِرْزُ فِي الْجِبَالِ ، وَالْمَغَارَاتُ : الْغِيرَانُ ، وَالْمُدَّخَلُ : السِّرْبُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَأَبُو الشَّيْخِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=57وَهُمْ يَجْمَحُونَ قَالَ : يُسْرِعُونَ .