nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28988_31770_31771_31772وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا .
لما ذكر سبحانه أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - كان في بلية عظيمة من قومه ومحنة شديدة أراد أن يبين أن جميع الأنبياء كانوا كذلك ، حتى أن هذه عادة قديمة سنها إبليس اللعين ، وأيضا لما ذكر أن الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ، أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ، ذكر هاهنا ما يحقق ذلك فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم هذه القصة قد ذكرها الله سبحانه في سبعة مواضع : في البقرة ، والأعراف ، والحجر ، وهذه السورة ، والكهف ، وطه ، وص ، وقد تقدم تفسيرها مبسوطا ، فلنقتصر هاهنا على تفسير ما لم يتقدم ذكره من الألفاظ ، فقوله : طينا ، منتصب بنزع
[ ص: 832 ] الخافض أي : من طين ، أو على الحال .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى لمن خلقته طينا ، وهو منصوب على الحال .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62أرأيتك أي : أخبرني عن هذا الذي فضلته علي لم فضلته ؟ وقد
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12خلقتني من نار وخلقته من طين [ الأعراف : 12 ] فحذف هذا للعلم به
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62لأحتنكن ذريته أي : لأستولين عليهم بالإغواء والإضلال ، قال
الواحدي : أصله من احتناك الجراد الزرع ، وهو أن تستأصله بأحناكها وتفسده ، هذا هو الأصل ، ثم سمي الاستيلاء على الشيء وأخذه كله احتناكا ، وقيل : معناه : لأسوقنهم حيث شئت ، وأقودنهم حيث أردت ، من قولهم : حنكت الفرس أحنكه حنكا : إذا جعلت في فيه الرسن ، والمعنى الأول أنسب بمعنى هذه الآية ، ومنه قول الشاعر :
أشكو إليك سنة قد أجحفت جهدا إلى جهد بنا وأصعقت
واحتنكت أموالنا واختلفت
أي : استأصلت أموالنا ، واللام في : ( لئن أخرتن ) ، هي الموطئة ، وإنما أقسم اللعين هذا القسم على أنه سيفعل بذرية آدم ما ذكره لعلم قد سبق إليه من سمع استرقه ، أو قاله لما ظنه من قوة نفوذ كيده في بني آدم ، وأنه يجري منهم في مجاري الدم ، وأنهم بحيث يروج عندهم كيده وتنفق لديهم وسوسته إلا من عصم الله ، وهم المرادون بقوله : ( إلا قليلا ) . وفي معنى هذا الاستثناء قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ويؤيد ما ذكرناه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=20ولقد صدق عليهم إبليس ظنه [ سبأ : 20 ] فإنه يفيد أنه قال ما قاله هنا اعتمادا على الظن ، وقيل : إنه استنبط ذلك من قول الملائكة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أتجعل فيها من يفسد فيها [ البقرة : 30 ] ، وقيل : علم ذلك من طبع البشر لما ركب فيهم من الشهوات ، أو ظن ذلك لأنه وسوس
لآدم ، فقبل منه ذلك ولم يجد له عزما ، كما روي ، عن
الحسن .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63قال اذهب فمن تبعك منهم أي : أطاعك
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63فإن جهنم جزاؤكم أي : إبليس ومن أطاعه
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63جزاء موفورا أي : وافرا مكملا ، يقال : وفرته أفره وفرا ، ووفر المال بنفسه يفر وفورا ، فهو وافر ، فهو مصدر ، ومنه قول
زهير :
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لا يتق الشتم يشتم
ثم كرر سبحانه الإمهال لإبليس اللعين فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64واستفزز من استطعت منهم بصوتك أي : استزعج واستخف من استطعت من بني آدم ، يقال : أفزه واستفزه أي : أزعجه واستخفه ، والمعنى : استخفهم بصوتك داعيا لهم إلى معصية الله ، وقيل : هو الغناء واللهو واللعب والمزامير
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وأجلب عليهم بخيلك ورجلك قال
الفراء وأبو عبيدة : أجلب من الجلبة والصياح أي : صح عليهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أي : اجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك .
فالإجلاب الجمع ، والباء في : ( بخيلك ) . زائدة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : الإجلاب الإعانة ، والخيل تقع على الفرسان كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020650يا خيل الله اركبي وتقع على الأفراس ، والرجل بسكون الجيم جمع راجل كتاجر وتجر ، وصاحب وصحب ، وقرأ حفص بكسر الجيم على أنه صفة .
قال
أبو زيد : يقال : رجل ورجل ، بمعنى راجل ، فالخيل والرجل كناية عن جميع مكايد الشيطان ، أو المراد كل راكب وراجل في معصية الله
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وشاركهم في الأموال والأولاد أما المشاركة في الأموال ، فهي كل تصرف فيها يخالف وجه الشرع ، سواء كان أخذا من غير حق ، أو وضعا في غير حق كالغصب والسرقة والربا .
ومن ذلك تبتيك آذان الأنعام وجعلها بحيرة وسائبة ، والمشاركة في الأولاد دعوى الولد بغير سبب شرعي ، وتحصيله بالزنا وتسميتهم بعبد اللات وعبد العزى ، والإساءة في تربيتهم على وجه يألفون فيه خصال الشر وأفعال السوء ، ويدخل فيه ما قتلوا من أولادهم خشية إملاق ، ووأد البنات وتصيير أولادهم على الملة الكفرية التي هم عليها ، ومن ذلك مشاركة الشيطان للمجامع إذا لم يسم ، ثم قال : ( وعدهم ) قال
الفراء : قل لهم لا جنة ولا نار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وعدهم بأنهم لا يبعثون
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أي : باطلا ، وأصل الغرور تزيين الخطأ بما يوهم الصواب ، وقيل : معناه : وعدهم النصرة على من خالفهم ، وهذه الأوامر للشيطان من باب التهديد والوعيد الشديد ، وقيل : هي على طريقة الاستخفاف به وبمن تبعه .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65إن عبادي ليس لك عليهم سلطان يعني عباده المؤمنين كما في غير هذا الموضع من الكتاب العزيز من أن إضافة العباد إليه يراد بها المؤمنون ؛ لما في الإضافة من التشريف ، وقيل : المراد جميع العباد بدليل الاستثناء بقوله في غير هذا الموضع
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إلا من اتبعك من الغاوين [ الحجر : 42 ] ، والمراد بالسلطان التسلط
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65وكفى بربك وكيلا يتوكلون عليه ، فهو الذي يدفع عنهم كيد الشيطان ويعصمهم من إغوائه .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال إبليس : إن
آدم خلق من تراب من طين ، خلق ضعيفا ، وإني خلقت من نار ، والنار تحرق كل شيء
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62لأحتنكن ذريته إلا قليلا فصدق ظنه عليهم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عنه
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62لأحتنكن ذريته قال : لأستولين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر ، عن
مجاهد nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62لأحتنكن ذريته قال : لأحتوينهم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
ابن زيد قال : لأضلنهم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
مجاهد ( موفورا ) قال : وافرا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال : صوته كل داع دعا إلى معصية الله
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وأجلب عليهم بخيلك قال : كل راكب في معصية الله ( ورجلك ) قال : كل راجل في معصية الله
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وشاركهم في الأموال قال : كل مال في معصية الله ( والأولاد ) قال : كل ما قتلوا من أولادهم وأتوا فيهم الحرام .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في الآية قال : كل خيل تسير في معصية الله ، وكل مال أخذ بغير حقه ، وكل ولد زنا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الآية قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64الأموال ) ما كانوا يحرمون من أنعامهم
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64والأولاد أولاد
[ ص: 833 ] الزنا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عنه أيضا قال : ( الأموال ) البحيرة والسائبة والوصيلة لغير الله ( والأولاد ) سموا
عبد الحارث وعبد شمس .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28988_31770_31771_31772وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا .
لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي بَلِيَّةٍ عَظِيمَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَمِحْنَةٍ شَدِيدَةٍ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا كَذَلِكَ ، حَتَّى أَنَّ هَذِهِ عَادَةٌ قَدِيمَةٌ سَنَّهَا إِبْلِيسُ اللَّعِينُ ، وَأَيْضًا لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ، أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ، ذَكَرَ هَاهُنَا مَا يُحَقِّقُ ذَلِكَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=61وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ هَذِهِ الْقِصَّةُ قَدْ ذَكَرَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ : فِي الْبَقَرَةِ ، وَالْأَعْرَافِ ، وَالْحِجْرِ ، وَهَذِهِ السُّورَةِ ، وَالْكَهْفِ ، وَطَه ، وَص ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا مَبْسُوطًا ، فَلْنَقْتَصِرْ هَاهُنَا عَلَى تَفْسِيرِ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ ، فَقَوْلُهُ : طِينًا ، مُنْتَصِبٌ بِنَزْعِ
[ ص: 832 ] الْخَافِضِ أَيْ : مِنْ طِينٍ ، أَوْ عَلَى الْحَالِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى لِمَنْ خَلَقْتُهُ طِينًا ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62أَرَأَيْتَكَ أَيْ : أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الَّذِي فَضَّلْتَهُ عَلَيَّ لِمَ فَضَّلْتَهُ ؟ وَقَدْ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [ الْأَعْرَافِ : 12 ] فَحُذِفَ هَذَا لِلْعِلْمِ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ أَيْ : لَأَسْتَوْلِيَنَّ عَلَيْهِمْ بِالْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ ، قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : أَصْلُهُ مِنِ احْتِنَاكِ الْجَرَادِ الزَّرْعَ ، وَهُوَ أَنْ تَسْتَأْصِلَهُ بِأَحْنَاكِهَا وَتُفْسِدَهُ ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ ، ثُمَّ سُمِّيَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الشَّيْءِ وَأَخْذُهُ كُلَّهُ احْتِنَاكًا ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : لَأَسُوقَنَّهُمْ حَيْثُ شِئْتُ ، وَأَقُودَنَّهُمْ حَيْثُ أَرَدْتُ ، مِنْ قَوْلِهِمْ : حَنَّكْتُ الْفَرَسَ أُحَنِّكُهُ حَنْكًا : إِذَا جَعَلْتَ فِي فِيهِ الرَّسَنَ ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
أَشْكُو إِلَيْكَ سَنَةً قَدْ أَجْحَفَتْ جَهْدًا إِلَى جَهْدٍ بِنَا وَأَصْعَقَتْ
وَاحْتَنَكَتْ أَمْوَالَنَا وَاخْتَلَفَتْ
أَيِ : اسْتَأْصَلَتْ أَمْوَالَنَا ، وَاللَّامُ فِي : ( لَئِنْ أَخَّرْتَنِ ) ، هِيَ الْمُوَطِّئَةُ ، وَإِنَّمَا أَقْسَمَ اللَّعِينُ هَذَا الْقَسَمَ عَلَى أَنَّهُ سَيَفْعَلُ بِذُرِّيَّةِ آدَمَ مَا ذَكَرَهُ لِعِلْمٍ قَدْ سَبَقَ إِلَيْهِ مِنْ سَمْعٍ اسْتَرَقَهُ ، أَوْ قَالَهُ لِمَا ظَنَّهُ مِنْ قُوَّةِ نُفُوذِ كَيْدِهِ فِي بَنِي آدَمَ ، وَأَنَّهُ يَجْرِي مِنْهُمْ فِي مَجَارِي الدَّمِ ، وَأَنَّهُمْ بِحَيْثُ يَرُوجُ عِنْدَهُمْ كَيْدُهُ وَتَنْفَقُ لَدَيْهِمْ وَسْوَسَتُهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ ، وَهُمُ الْمُرَادُونَ بِقَوْلِهِ : ( إِلَّا قَلِيلًا ) . وَفِي مَعْنَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=20وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ [ سَبَأٍ : 20 ] فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ قَالَ مَا قَالَهُ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى الظَّنِّ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ اسْتَنْبَطَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا [ الْبَقَرَةِ : 30 ] ، وَقِيلَ : عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِ الْبَشَرِ لِمَا رُكِّبَ فِيهِمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ ، أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَسَوَسَ
لِآدَمَ ، فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ عَزْمًا ، كَمَا رُوِيَ ، عَنِ
الْحَسَنِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَيْ : أَطَاعَكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ أَيْ : إِبْلِيسَ وَمَنْ أَطَاعَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=63جَزَاءً مَوْفُورًا أَيْ : وَافِرًا مُكَمَّلًا ، يُقَالُ : وَفَرْتُهُ أَفِرُهُ وَفْرًا ، وَوَفَرَ الْمَالُ بِنَفْسِهِ يَفِرُ وُفُورًا ، فَهُوَ وَافِرٌ ، فَهُوَ مَصْدَرٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
زُهَيْرٍ :
وَمَنْ يَجْعَلِ الْمَعْرُوفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ يَفِرْهُ وَمَنْ لَا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ
ثُمَّ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ الْإِمْهَالَ لِإِبْلِيسَ اللَّعِينِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ أَيِ : اسْتَزْعِجْ وَاسْتَخِفَّ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْ بَنِي آدَمَ ، يُقَالُ : أَفَزَّهُ وَاسْتَفَزَّهُ أَيْ : أَزْعَجَهُ وَاسْتَخَفَّهُ ، وَالْمَعْنَى : اسْتَخِفَّهُمْ بِصَوْتِكَ دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَقِيلَ : هُوَ الْغِنَاءُ وَاللَّهْوُ وَاللَّعِبُ وَالْمَزَامِيرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ قَالَ
الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ : أَجْلِبْ مِنَ الْجَلَبَةِ وَالصِّيَاحِ أَيْ : صِحْ عَلَيْهِمْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ أَيِ : اجْمَعْ عَلَيْهِمْ كُلَّ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ مَكَايِدِكَ .
فَالْإِجْلَابُ الْجَمْعُ ، وَالْبَاءُ فِي : ( بِخَيْلِكَ ) . زَائِدَةٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنُ السِّكِّيتِ : الْإِجْلَابُ الْإِعَانَةُ ، وَالْخَيْلُ تَقَعُ عَلَى الْفُرْسَانِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1020650يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي وَتَقَعُ عَلَى الْأَفْرَاسِ ، وَالرَّجْلُ بِسُكُونِ الْجِيمِ جَمْعُ رَاجِلٍ كَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ ، وَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ ، وَقَرَأَ حَفْصٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ .
قَالَ
أَبُو زَيْدٍ : يُقَالُ : رَجِلَ وَرَجُلَ ، بِمَعْنَى رَاجِلٍ ، فَالْخَيْلُ وَالرَّجْلُ كِنَايَةٌ عَنْ جَمِيعِ مَكَايِدِ الشَّيْطَانِ ، أَوِ الْمُرَادُ كُلُّ رَاكِبٍ وَرَاجِلٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ أَمَّا الْمُشَارَكَةُ فِي الْأَمْوَالِ ، فَهِيَ كُلُّ تَصَرُّفٍ فِيهَا يُخَالِفُ وَجْهَ الشَّرْعِ ، سَوَاءٌ كَانَ أَخْذًا مِنْ غَيْرِ حَقٍّ ، أَوْ وَضْعًا فِي غَيْرِ حَقٍّ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالرِّبَا .
وَمِنْ ذَلِكَ تَبْتِيكُ آذَانِ الْأَنْعَامِ وَجَعْلُهَا بَحِيرَةً وَسَائِبَةً ، وَالْمُشَارَكَةُ فِي الْأَوْلَادِ دَعْوَى الْوَلَدِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ ، وَتَحْصِيلُهُ بِالزِّنَا وَتَسْمِيَتُهُمْ بِعَبْدِ اللَّاتَ وَعَبْدِ الْعُزَّى ، وَالْإِسَاءَةُ فِي تَرْبِيَتِهِمْ عَلَى وَجْهٍ يَأْلَفُونَ فِيهِ خِصَالَ الشَّرِّ وَأَفْعَالَ السُّوءِ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا قَتَلُوا مِنْ أَوْلَادِهِمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ، وَوَأْدُ الْبَنَاتِ وَتَصْيِيرُ أَوْلَادِهِمْ عَلَى الْمِلَّةِ الْكُفْرِيَّةِ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا ، وَمِنْ ذَلِكَ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لِلْمُجَامِعِ إِذَا لَمْ يُسَمِّ ، ثُمَّ قَالَ : ( وَعِدْهُمْ ) قَالَ
الْفَرَّاءُ : قُلْ لَهُمْ لَا جَنَّةٌ وَلَا نَارٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَعَدَهُمْ بِأَنَّهُمْ لَا يُبَعَثُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا أَيْ : بَاطِلًا ، وَأَصْلُ الْغُرُورِ تَزْيِينُ الْخَطَأِ بِمَا يُوهِمُ الصَّوَابَ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : وَعِدْهُمُ النُّصْرَةَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ ، وَهَذِهِ الْأَوَامِرُ لِلشَّيْطَانِ مِنْ بَابِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ ، وَقِيلَ : هِيَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِخْفَافِ بِهِ وَبِمَنْ تَبِعَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ يَعْنِي عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنْ أَنَّ إِضَافَةَ الْعِبَادِ إِلَيْهِ يُرَادُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ ؛ لِمَا فِي الْإِضَافَةِ مِنَ التَّشْرِيفِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ جَمِيعُ الْعِبَادِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [ الْحِجْرُ : 42 ] ، وَالْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ التَّسَلُّطُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=65وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا يَتَوَكَّلُونَ عَلَيْهِ ، فَهُوَ الَّذِي يَدْفَعُ عَنْهُمْ كَيْدَ الشَّيْطَانِ وَيَعْصِمُهُمْ مِنْ إِغْوَائِهِ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ إِبْلِيسُ : إِنَّ
آدَمَ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ مِنْ طِينٍ ، خُلِقَ ضَعِيفًا ، وَإِنِّي خُلِقْتُ مِنْ نَارٍ ، وَالنَّارُ تُحْرِقُ كُلَّ شَيْءٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا فَصَدَّقَ ظَنَّهُ عَلَيْهِمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ قَالَ : لَأَسْتَوْلِيَنَّ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ قَالَ : لَأَحْتَوِيَنَّهُمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
ابْنِ زَيْدٍ قَالَ : لَأُضِلَّنَّهُمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ( مَوْفُورًا ) قَالَ : وَافِرًا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قَالَ : صَوْتُهُ كُلُّ دَاعٍ دَعَا إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ قَالَ : كُلُّ رَاكِبٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ( وَرَجِلِكَ ) قَالَ : كُلُّ رَاجِلٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ قَالَ : كُلُّ مَالٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ( وَالْأَوْلَادِ ) قَالَ : كُلُّ مَا قَتَلُوا مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَتَوْا فِيهِمُ الْحَرَامَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14906الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ : كُلُّ خَيْلٍ تَسِيرُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَكُلُّ مَالٍ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقِّهِ ، وَكُلُّ وَلَدِ زِنَا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64الْأَمْوَالِ ) مَا كَانُوا يُحَرِّمُونَ مِنْ أَنْعَامِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَالْأَولَادِ أَوْلَادُ
[ ص: 833 ] الزِّنَا .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ : ( الْأَمْوَالِ ) الْبَحِيرَةُ وَالسَّائِبَةُ وَالْوَصِيلَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ ( وَالْأَوْلَادِ ) سَمَّوْا
عَبْدَ الْحَارِثِ وَعَبْدَ شَمْسٍ .