الكتاب : التوراة ، والتقفية : الإتباع والإرداف ، مأخوذة من القفا وهو مؤخر العنق ، تقول : استقفيته : إذا جئت من خلفه ، ومنه سميت قافية الشعر لأنها تتلو سائر الكلام .
والمراد أن الله سبحانه أرسل على أثره رسلا جعلهم تابعين له وهم أنبياء بني إسرائيل المبعوثون من بعده .
و البينات الأدلة التي ذكرها الله في آل عمران والمائدة .
والتأييد : التقوية .
وقرأ مجاهد وابن محيصن " وآيدناه " بالمد وهما لغتان .
وروح القدس من إضافة الموصوف إلى الصفة : أي الروح المقدسة .
والقدس : الطهارة ، والمقدس : المطهر ، وقيل : هو جبريل أيد الله به عيسى ، ومنه قول حسان :
وجبريل أمين الله فينا وروح القدس ليس به خفاء
قال النحاس : وسمي جبريل روحا وأضيف إلى القدس لأنه كان بتكوين الله له من غير ولادة . وقيل : القدس هو الله عز وجل ، وروحه جبريل ، وقيل : المراد بروح القدس : الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى ، وقيل : المراد به الإنجيل ، وقيل : المراد به الروح المنفوخ فيه ، أيده الله به لما فيه من القوة .وقوله : بما لا تهوى أنفسكم أي بما لا يوافقها ويلائمها ، وأصل الهوى : الميل إلى الشيء .
قال الجوهري : وسمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه إلى النار .
وبخهم الله سبحانه بهذا الكلام المعنون بهمزة التوبيخ فقال : أفكلما جاءكم رسول منكم بما لا يوافق ما تهوونه استكبرتم عن إجابته احتقارا للرسل واستبعادا للرسالة ، والفاء في قوله : أفكلما للعطف على مقدر أي آتيناكم يا بني إسرائيل من الأنبياء ما آتيناكم أفكلما جاءكم رسول .
و ( فريقا ) منصوب بالفعل الذي بعده والفاء للتفصيل ، ومن الفريق المكذبين عيسى ومحمد ، ومن الفريق المقتولين يحيى وزكريا .
والغلف جمع أغلف ، المراد به هنا : الذي عليه غشاوة تمنع من وصول الكلام إليه ، ومنه غلفت السيف ، أي جعلت له غلافا .
قال في الكشاف : هو مستعار من الأغلف الذي لم يختن كقوله : قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وقيل : إن الغلف جمع غلاف مثل حمار وحمر ، أي قلوبنا أوعية للعلم فما بالها لا تفهم عنك ، وقد وعينا علما كثيرا ، فرد الله عليهم ما قالوه فقال : بل لعنهم الله بكفرهم وأصل اللعن في كلام العرب الطرد والإبعاد ، ومنه قول الشماخ :
ذعرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب كالرجل اللعين
والمعنى : أبعدهم الله من رحمته ، و قليلا نعت لمصدر محذوف ، أي إيمانا قليلا ما يؤمنون و ( ما ) زائدة ، وصف إيمانهم بالقلة لأنهم الذين قص الله علينا من عنادهم وعجرفتهم وشدة لجاجهم ، وبعدهم عن إجابة الرسل ما قصه ، ومن جملة ذلك أنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض .
وقال معمر : المعنى لا يؤمنون إلا قليلا مما في أيديهم ويكفرون بأكثره ، وعلى هذا يكون ( قليلا ) منصوبا بنزع الخافض .
وقال الواقدي : معناه لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا .
قال الكسائي : تقول العرب مررنا بأرض قل ما تنبت الكراث والبصل أي لا تنبت شيئا .
وقد أخرج ابن عساكر عن ابن عباس في قوله : ولقد آتينا موسى الكتاب يعني به التوراة جملة واحدة مفصلة محكمة وقفينا من بعده بالرسل يعني رسولا يدعى أشمويل بن بابل ، ورسولا يدعى منشابيل ، ورسولا يدعى شعياء ، ورسولا يدعى حزقيل ، ورسولا يدعى أرمياء وهو الخضر ، ورسولا يدعى داود وهو أبو سليمان ورسولا يدعى المسيح عيسى ابن مريم ، فهؤلاء الرسل ابتعثهم الله وانتخبهم من الأمة بعد موسى فأخذنا عليهم ميثاقا غليظا أن يؤدوا إلى أمتهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم وصفة أمته .
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله : وآتينا عيسى ابن مريم البينات قال : هي الآيات التي وضع على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير ، وإبراء الأسقام والخبر بكثير من الغيوب ، وما ورد عليهم من التوراة والإنجيل الذي أحدث الله إليه .
وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله : وأيدناه قال : قويناه .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال : روح من القدس الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : القدس الله تعالى .
وأخرج عن الربيع بن أنس مثله .
وأخرج عن ابن عباس قال : القدس الطهر .
وأخرج عن السدي قال : القدس البركة .
وأخرج عن إسماعيل بن أبي خالد أن روح القدس جبريل .
وأخرج عن ابن مسعود مثله .
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : روح القدس جبريل .
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم أيد حسان بروح القدس .
وأخرج [ ص: 75 ] ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فريقا قال : طائفة .
وأخرج عن ابن عباس قال : إنما سمي القلب لتقلبه .
وأخرج الطبراني في الأوسط عنه أنه كان يقرأ " قلوبنا غلف " مثقلة ، أي كيف نتعلم وقلوبنا غلف للحكمة ، أي أوعية للحكمة .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله : وقالوا قلوبنا غلف مملوءة علما لا تحتاج إلى علم محمد ولا غيره .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله : قلوبنا غلف قال : في غطاء ، وروى ابن إسحاق وابن جرير عنه أنه قال : في أكنة .
وأخرج ابن جرير عنه أنه قال : هي القلوب المطبوع عليها .
وأخرج وكيع عن عكرمة وابن جرير عن مجاهد نحوه .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : هي التي لا تفقه .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص وابن جرير عن حذيفة قال : القلوب أربعة : قلب أغلف فذلك قلب الكافر ، وقلب مصفح فذلك قلب المنافق ، وقلب أجرد فيه مثل السراج فذلك قلب المؤمن ، وقلب فيه إيمان ونفاق ، فمثل الإيمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب ، ومثل المنافق كمثل قرحة يمدها القيح والدم .
وأخرج أحمد بسند جيد عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القلوب أربعة : قلب أجرد فيه مثل السراج يزهى ، وقلب أغلف مربوط على غلافه ، وقلب منكوس ، وقلب مصفح ، فأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره ، وأما القلب الأغلف فقلب الكافر ، وأما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم أنكر ، وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ، فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح ، فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه .
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمان الفارسي مثله سواء موقوفا .
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله : فقليلا ما يؤمنون قال : لا يؤمن منهم إلا قليل .


