ثم ذكر بقية الفاتحة مالك يوم الدين    قرئ ملك ومالك وملك بسكون اللام وملك بصيغة الفعل .  
وقد اختلف العلماء أيهما أبلغ ( ملك ) أو ( مالك ) ؟ فقيل : إن ملك أعم وأبلغ من مالك ، إذ كل ملك مالك ، وليس كل مالك ملكا ، ولأن أمر الملك نافذ على المالك في ملكه حتى لا ينصرف إلا عن تدبير الملك ، قاله أبو عبيد   والمبرد  ورجحه  الزمخشري     . 
وقيل : مالك أبلغ لأنه يكون مالكا للناس وغيرهم ، فالمالك أبلغ تصرفا وأعظم .  
وقال أبو حاتم     : إن مالكا أبلغ في مدح الخالق من ملك ، وملك أبلغ في مدح المخلوقين من مالك ، لأن المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك ، وإذا كان الله تعالى مالكا كان ملكا .  
واختار هذا  القاضي أبو بكر بن العربي     . 
والحق أن لكل واحد من الوصفين نوع أخصية لا يوجد في الآخر ، فالمالك يقدر على ما لا يقدر عليه الملك من التصرفات بما     [ ص: 18 ] هو مالك له بالبيع والهبة والعتق ونحوها ، والملك يقدر على ما لا يقدر عليه المالك من التصرفات العائدة إلى تدبير الملك وحياطته ورعاية مصالح الرعية ، فالمالك أقوى من الملك في بعض الأمور ، والملك أقوى من المالك في بعض الأمور .  
والفرق بين الوصفين بالنسبة إلى الرب سبحانه أن الملك صفة لذاته ، والمالك صفة لفعله .  
و ( يوم الدين ) : يوم الجزاء من الرب سبحانه لعباده كما قال :  وما أدراك ما يوم الدين  ثم ما أدراك ما يوم الدين  يوم لا تملك نفس لنفس شيئا  والأمر يومئذ لله     [ الانفطار : 17 - 19 ] وهذه الإضافة إلى الظرف على طريق الاتساع كقولهم : يا سارق الليلة أهل الدار ، و (  يوم الدين     ) وإن كان متأخرا فقد يضاف اسم الفاعل وما في معناه إلى المستقبل كقولك : هذا ضارب  زيدا  غدا . 
وقد أخرج الترمذي  عن  أم سلمة     " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ " ( ملك ) بغير ألف "     . 
وأخرج نحوه  ابن الأنباري  عن أنس     . 
وأخرج أحمد   والترمذي  عن أنس  أيضا :   " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  وأبا بكر  وعمر  وعثمان  كانوا يقرءون ( مالك ) بالألف "    . 
وأخرج نحوه  سعيد بن منصور  عن  ابن عمر  مرفوعا . 
وأخرج نحوه أيضا  وكيع  في تفسيره  وعبد بن حميد  وأبو داود  عن  الزهري  يرفعه مرسلا . 
وأخرجه أيضا عبد الرزاق  في تفسيره  وعبد بن حميد  وأبو داود  عن  ابن المسيب  مرفوعا مرسلا . 
وقد روي هذا من طرق كثيرة ، فهو أرجح من الأول .  
وأخرج الحاكم  وصححه عن  أبي هريرة     :   " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ  مالك يوم الدين     " وكذا رواه  الطبراني  في الكبير عن  ابن مسعود  مرفوعا . 
وأخرج  ابن جرير  والحاكم  وصححه عن  ابن مسعود  وناس من الصحابة أنهم فسروا يوم الدين بيوم الحساب .  
وكذا رواه  ابن جرير   وابن أبي حاتم  عن  ابن عباس     . 
وأخرج عبد الرزاق   وعبد بن حميد   وابن جرير  عن قتادة  قال : ( يوم الدين ) : يوم يدين الله العباد بأعمالهم     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					