nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=29005قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ( 22 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ( 23 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ( 24 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=25قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون ( 25 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ( 26 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم ( 27 )
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله هذا أمر للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يقول لكفار
قريش أو للكفار على الإطلاق هذا القول ، ومفعولا زعمتم محذوفان أي : زعمتموهم آلهة لدلالة السياق عليهما .
قال
مقاتل : يقول ادعوهم ليكشفوا عنكم الضر الذي نزل بكم في سنين الجوع .
ثم أجاب - سبحانه - عنهم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض أي : ليس لهم قدرة على خير ولا شر ، ولا على جلب نفع ولا دفع ضرر في أمر من الأمور ، وذكر السماوات والأرض لقصد التعميم لكونهما ظرفا للموجودات الخارجية وما لهم فيهما من شرك أي : ليس للآلهة في السماوات والأرض مشاركة لا بالخلق ولا بالملك ولا بالتصرف
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22وما له منهم من ظهير أي : وما لله - سبحانه - من تلك الآلهة من معين يعينه على شيء من أمر السماوات والأرض ومن فيهما .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23ولا تنفع الشفاعة عنده أي : شفاعة من يشفع عنده من الملائكة وغيرهم ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23إلا لمن أذن له استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي : لا تنفع الشفاعة في حال من الأحوال إلا كائنة لمن أذن له أن يشفع من الملائكة والنبيين ونحوهم من أهل العلم والعمل ، ومعلوم أن هؤلاء لا يشفعون إلا لمن يستحق الشفاعة ، لا للكافرين ، ويجوز أن يكون المعنى : لا تنفع الشفاعة من الشفعاء المتأهلين لها في حال من الأحوال إلا كائنة لمن أذن له أي : لأجله وفي شأنه من
nindex.php?page=treesubj&link=30377المستحقين للشفاعة لهم ، لا من عداهم من غير المستحقين لها ، واللام في لمن يجوز أن تتعلق بنفس الشفاعة .
قال
أبو البقاء : كما تقول : شفعت له ، ويجوز أن تتعلق بـ تنفع ، والأولى أنها متعلقة بالمحذوف كما ذكرنا .
قيل : والمراد بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=109لا تنفع الشفاعة أنها لا توجد أصلا إلا لمن أذن له ، وإنما علق النفي بنفعها لا بوقوعها تصريحا بنفي ما هو غرضهم من وقوعها .
قرأ الجمهور أذن بفتح الهمزة أي : أذن له الله - سبحانه - ، لأن اسمه - سبحانه - مذكور قبل هذا ، وقرأ
أبو عمرو ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بضمها على البناء للمفعول ، والآذن هو الله - سبحانه - ، ومثل هذه الآية قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه [ البقرة : 255 ] : وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=28ولا يشفعون إلا لمن ارتضى [ الأنبياء : 28 ] ثم أخبر - سبحانه - عن خوف هؤلاء الشفعاء والمشفوع لهم ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23حتى إذا فزع عن قلوبهم قرأ الجمهور فزع مبنيا للمفعول ، والفاعل هو الله ، والقائم مقام الفاعل هو الجار والمجرور ، وقرأ
ابن عامر " فزع " مبينا للفاعل ، وفاعله ضمير يرجع إلى الله - سبحانه - ، وكلا القراءتين بتشديد الزاي ، وفعل معناه السلب ، فالتفزيع إزالة الفزع .
وقرأ
الحسن مثل قراءة الجمهور إلا أنه خفف الزاي .
قال
قطرب : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23فزع عن قلوبهم : أخرج ما فيها من الفزع ، وهو الخوف .
وقال
مجاهد : كشف عن قلوبهم الغطاء يوم القيامة .
والمعنى : أن الشفاعة لا تكون من أحد من هؤلاء
[ ص: 1197 ] المعبودين من الله من الملائكة والأنبياء والأصنام ، إلا أن الله - سبحانه - يأذن للملائكة والأنبياء ونحوهم في الشفاعة لمن يستحقها ، وهم على غاية الفزع من الله كما قال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=28وهم من خشيته مشفقون [ الأنبياء : 28 ] فإذا أذن لهم في الشفاعة فزعوا لما يقترن بتلك الحالة من الأمر الهائل ، والخوف الشديد من أن يحدث شيء من أقدار الله ، فإذا سري عليهم قالوا للملائكة فوقهم ، وهم الذين يوردون عليهم الوحي بالإذن
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23ماذا قال ربكم أي : ماذا أمر به ، فيقولون لهم : قال القول الحق وهو : قبول شفاعتكم للمستحقين لها دون غيرهم وهو العلي الكبير فله أن يحكم في عباده بما يشاء ، ويفعل ما يريد ، وقيل : هذا الفزع يكون للملائكة في كل أمر يأمر به الرب .
والمعنى : لا تنفع الشفاعة إلا من الملائكة الذين هم فزعون اليوم مطيعون لله ، دون الجمادات والشياطين ، وقيل : إن الذين يقولون : ماذا قال ربكم هم المشفوع لهم ، والذين أجابوهم : هم الشفعاء من الملائكة والأنبياء .
وقال
الحسن ،
وابن زيد ،
ومجاهد : معنى الآية : حتى إذا كشف الفزع عن قلوب المشركين في الآخرة .
قالت لهم الملائكة : ماذا قال ربكم في الدنيا ؟ قالوا الحق ، فأقروا حين لا ينفعهم الإقرار .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
وقتادة : " فرغ " بالراء المهملة والغين المعجمة من الفراغ . والمعنى : فرغ الله قلوبهم أي : كشف عنها الخوف .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " افرنقع " بعد الفاء راء مهملة ، ثم نون ، ثم قاف ، ثم عين مهملة من الافرنقاع وهو التفرق .
ثم أمر الله - سبحانه - رسوله أن يبكت المشركين ويوبخهم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29005_29426قل من يرزقكم من السماوات والأرض أي : من ينعم عليكم بهذه الأرزاق التي تتمتعون بها ، فإن آلهتكم لا يملكون مثقال ذرة ، والرزق من السماء هو المطر وما ينتفع به منها من الشمس ، والقمر ، والنجوم ، والرزق من الأرض هو : النبات والمعادن ونحو ذلك ، ولما كان الكفار لا يقدرون على جواب هذا الاستفهام ، ولم تقبل عقولهم نسبة هذا الرزق إلى آلهتهم ، وربما يتوقفون في نسبته إلى الله مخافة أن تقوم عليهم الحجة ، فأمر الله رسوله بأن يجيب عن ذلك فقال : قل الله أي : هو الذي يرزقكم من السماوات والأرض ، ثم أمره - سبحانه - أن يخبرهم بأنهم على ضلالة ، لكن على وجه الإنصاف في الحجة بعد ما سبق تقرير من هو على الهدى ومن هو على الضلالة ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين والمعنى : أن أحد الفريقين من الذين يوحدون الله الخالق الرازق ويخصونه بالعبادة ، والذين يعبدون الجمادات التي لا تقدر على خلق ، ولا رزق ، ولا نفع ، ولا ضر لعلى أحد الأمرين من الهدى والضلالة ، ومعلوم لكل عاقل أن من عبد الذي يخلق ، ويرزق ، وينفع ، ويضر هو الذي على الهدى ، ومن عبد الذي لا يقدر على خلق ، ولا رزق ، ولا نفع ، ولا ضر هو الذي على الضلالة ، فقد تضمن هذا الكلام بيان فريق الهدى ، وهم المسلمون ، وفريق الضلالة وهم المشركون على وجه أبلغ من التصريح .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد : ومعنى هذا الكلام معنى قول المتبصر في الحجة لصاحبه : أحدنا كاذب .
وقد عرف أنه الصادق المصيب ، وصاحبه الكاذب المخطئ .
قال : و أو عند البصريين على بابها وليست للشك ، لكنها على ما تستعمله العرب في مثل هذا إذا لم يرد المخبر أن يبين وهو عالم بالمعنى .
وقال
أبو عبيدة nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : هي بمعنى الواو ، وتقديره : وإنا على هدى وإياكم لفي ضلال مبين ، ومنه قول
جرير :
أثعلبة الفوارس أو رباحا عدلت بهم طهية والربابا
أي : ثعلبة ورباحا ، وكذا قول الآخر :
فلما اشتد بأس الحرب فينا تأملنا رباحا أو رزاما
أي : ورزاما ، وقوله : أو إياكم معطوف على اسم إن ، وخبرها هو المذكور ، وحذف خبر الثاني للدلالة عليه أي : إنا لعلى هدى أو في ضلال مبين ، وإنكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ، ويجوز العكس : وهو كون المذكور خبر الثاني ، وخبر الأول محذوفا كما تقدم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62والله ورسوله أحق أن يرضوه [ التوبة : 62 ] .
ثم أردف - سبحانه - هذا الكلام المنصف بكلام أبلغ منه في الإنصاف ، وأبعد من الجدل والمشاغبة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=25قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون أي : إنما أدعوكم إلى ما فيه خير لكم ونفع ، ولا ينالني من كفركم وترككم لإجابتي ضرر ، وهذا كقوله - سبحانه - :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6لكم دينكم ولي دين [ الكافرون : 6 ] وفي إسناد الجرم إلى المسلمين ونسبة مطلق العمل إلى المخاطبين ، مع كون أعمال المسلمين من البر الخالص والطاعة المحضة ، وأعمال الكفار من المعصية البينة والإثم الواضح من الإنصاف ما لا يقادر قدره .
والمقصود : المهادنة والمتاركة ، وقد نسخت هذه الآية وأمثالها بآية السيف .
ثم أمره - سبحانه - بأن يهددهم بعذاب الآخرة ، لكن على وجه لا تصريح فيه ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26قل يجمع بيننا ربنا أي : يوم القيامة
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26ثم يفتح بيننا بالحق أي : يحكم ويقضي بيننا بالحق ، فيثيب المطيع ، ويعاقب العاصي وهو الفتاح أي : الحاكم بالحق القاضي بالصواب العليم بما يتعلق بحكمه وقضائه من المصالح .
وهذه أيضا منسوخة بآية السيف .
ثم أمره - سبحانه - أن يورد عليهم حجة أخرى يظهر بها ما هم عليه من الخطأ ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27قل أروني الذين ألحقتم به شركاء أي : أروني الذين ألحقتموهم بالله شركاء له ، وهذه الرؤية هي القلبية ، فيكون شركاء هو المفعول الثالث ، لأن الفعل تعدى بالهمزة إلى ثلاثة ، الأول الياء في أروني ، والثاني الموصول ، والثالث شركاء ، وعائد الموصول محذوف أي : ألحقتموهم ، ويجوز أن تكون هي البصرية ، وتعدى الفعل بالهمزة إلى اثنين : الأول الياء ، والثاني الموصول ، ويكون شركاء منتصبا على الحال .
ثم رد عليهم ما يدعونه من الشركاء وأبطل ذلك فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27كلا بل هو الله العزيز الحكيم أي : ارتدعوا عن دعوى المشاركة ، بل المنفرد بالإلهية ، هو الله العزيز بالقهر والغلبة ، الحكيم بالحكمة الباهرة .
[ ص: 1198 ] وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23فزع عن قلوبهم قال جلي .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه قال :
لما أوحى الجبار إلى محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - دعا الرسول من الملائكة ليبعثه بالوحي ، فسمعت الملائكة صوت الجبار يتكلم بالوحي ، فلما كشف عن قلوبهم سألوه عما قال الله ، فقالوا الحق ، وعلموا أن nindex.php?page=treesubj&link=29688الله لا يقول إلا حقا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وصوت الوحي كصوت الحديد على الصفا ، فلما سمعوا خروا سجدا ، فلما رفعوا رءوسهم قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عنه أيضا قال : ينزل الأمر إلى السماء الدنيا له وقعة كوقعة السلسلة على الصخرة ، فيفزع له جميع أهل السماوات فيقولون : ماذا قال ربكم ؟ ثم يرجعون إلى أنفسهم فيقولون : الحق وهو العلي الكبير .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وغيرهم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021208إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير الحديث ، وفي معناه أحاديث .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
عكرمة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين قال : نحن على هدى ، وإنكم لفي ضلال مبين .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
والبيهقي في الأسماء والصفات عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال الفتاح القاضي .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=29005قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ( 22 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ( 23 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ( 24 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=25قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ( 25 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ( 26 )
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 27 )
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَذَا أَمْرٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَقُولَ لِكُفَّارِ
قُرَيْشٍ أَوْ لِلْكُفَّارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ هَذَا الْقَوْلَ ، وَمَفْعُولَا زَعَمْتُمْ مَحْذُوفَانِ أَيْ : زَعَمْتُمُوهُمْ آلِهَةً لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِمَا .
قَالَ
مُقَاتِلٌ : يَقُولُ ادْعُوهُمْ لِيَكْشِفُوا عَنْكُمُ الضُّرَّ الَّذِي نَزَلَ بِكُمْ فِي سِنِينَ الْجُوعِ .
ثُمَّ أَجَابَ - سُبْحَانَهُ - عَنْهُمْ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ أَيْ : لَيْسَ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى خَيْرٍ وَلَا شَرٍّ ، وَلَا عَلَى جَلْبِ نَفْعٍ وَلَا دَفْعِ ضَرَرٍ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ ، وَذَكَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ لِكَوْنِهِمَا ظَرْفًا لِلْمَوْجُودَاتِ الْخَارِجِيَّةِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ أَيْ : لَيْسَ لِلْآلِهَةِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مُشَارَكَةٌ لَا بِالْخَلْقِ وَلَا بِالْمِلْكِ وَلَا بِالتَّصَرُّفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=22وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ أَيْ : وَمَا لِلَّهِ - سُبْحَانَهُ - مِنْ تِلْكَ الْآلِهَةِ مِنْ مُعِينٍ يُعِينُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِمَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ أَيْ : شَفَاعَةُ مَنْ يَشْفَعُ عِنْدَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الْأَحْوَالِ أَيْ : لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا كَائِنَةً لِمَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الشَّفَاعَةَ ، لَا لِلْكَافِرِينَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ مِنَ الشُّفَعَاءِ الْمُتَأَهِّلِينَ لَهَا فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا كَائِنَةً لِمَنْ أَذِنَ لَهُ أَيْ : لِأَجْلِهِ وَفِي شَأْنِهِ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=30377الْمُسْتَحِقِّينَ لِلشَّفَاعَةِ لَهُمْ ، لَا مَنْ عَدَاهُمْ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا ، وَاللَّامُ فِي لِمَنْ يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِنَفْسِ الشَّفَاعَةِ .
قَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : كَمَا تَقُولُ : شَفَعْتُ لَهُ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِـ تَنْفَعُ ، وَالْأَوْلَى أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَحْذُوفِ كَمَا ذَكَرْنَا .
قِيلَ : وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=109لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ أَنَّهَا لَا تُوجَدُ أَصْلًا إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ النَّفْيَ بِنَفْعِهَا لَا بِوُقُوعِهَا تَصْرِيحًا بِنَفْيِ مَا هُوَ غَرَضُهُمْ مِنْ وُقُوعِهَا .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ أَذِنَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ : أَذِنَ لَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - ، لِأَنَّ اسْمَهُ - سُبْحَانَهُ - مَذْكُورٌ قَبْلَ هَذَا ، وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِضَمِّهَا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ، وَالْآذِنُ هُوَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [ الْبَقَرَةِ : 255 ] : وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=28وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [ الْأَنْبِيَاءِ : 28 ] ثُمَّ أَخْبَرَ - سُبْحَانَهُ - عَنْ خَوْفِ هَؤُلَاءِ الشُّفَعَاءِ وَالْمَشْفُوعِ لَهُمْ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَرَأَ الْجُمْهُورُ فُزِّعَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَالْفَاعِلُ هُوَ اللَّهُ ، وَالْقَائِمُ مَقَامَ الْفَاعِلِ هُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ ، وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ " فَزَّعَ " مَبْيِنًّا لِلْفَاعِلِ ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - ، وَكِلَا الْقِرَاءَتَيْنِ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ ، وَفَعَّلَ مَعْنَاهُ السَّلْبُ ، فَالتَّفْزِيعُ إِزَالَةُ الْفَزَعِ .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ مِثْلَ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ الزَّايَ .
قَالَ
قُطْرُبٌ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ : أُخْرِجَ مَا فِيهَا مِنَ الْفَزَعِ ، وَهُوَ الْخَوْفُ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : كُشِفَ عَنْ قُلُوبِهِمُ الْغِطَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَكُونُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ
[ ص: 1197 ] الْمَعْبُودِينَ مِنَ اللَّهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَصْنَامِ ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - يَأْذَنُ لِلْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَنَحْوِهِمْ فِي الشَّفَاعَةِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا ، وَهُمْ عَلَى غَايَةِ الْفَزَعِ مِنَ اللَّهِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=28وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [ الْأَنْبِيَاءِ : 28 ] فَإِذَا أَذِنَ لَهُمْ فِي الشَّفَاعَةِ فَزِعُوا لِمَا يَقْتَرِنُ بِتِلْكَ الْحَالَةِ مِنَ الْأَمْرِ الْهَائِلِ ، وَالْخَوْفِ الشَّدِيدِ مِنْ أَنْ يَحْدُثَ شَيْءٌ مِنْ أَقْدَارِ اللَّهِ ، فَإِذَا سُرِّيَ عَلَيْهِمْ قَالُوا لِلْمَلَائِكَةِ فَوْقَهُمْ ، وَهُمُ الَّذِينَ يُورِدُونَ عَلَيْهِمُ الْوَحْيَ بِالْإِذْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ أَيْ : مَاذَا أَمَرَ بِهِ ، فَيَقُولُونَ لَهُمْ : قَالَ الْقَوْلَ الْحَقَّ وَهُوَ : قَبُولُ شَفَاعَتِكُمْ لِلْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا دُونَ غَيْرِهِمْ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي عِبَادِهِ بِمَا يَشَاءُ ، وَيَفْعَلَ مَا يُرِيدُ ، وَقِيلَ : هَذَا الْفَزَعُ يَكُونُ لِلْمَلَائِكَةِ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَأْمُرُ بِهِ الرَّبُّ .
وَالْمَعْنَى : لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ فَزِعُونَ الْيَوْمَ مُطِيعُونَ لِلَّهِ ، دُونَ الْجَمَادَاتِ وَالشَّيَاطِينِ ، وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ هُمُ الْمَشْفُوعُ لَهُمْ ، وَالَّذِينَ أَجَابُوهُمْ : هُمُ الشُّفَعَاءُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ ،
وَابْنُ زَيْدٍ ،
وَمُجَاهِدٌ : مَعْنَى الْآيَةِ : حَتَّى إِذَا كُشِفَ الْفَزَعُ عَنْ قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْآخِرَةِ .
قَالَتْ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ فِي الدُّنْيَا ؟ قَالُوا الْحَقَّ ، فَأَقَرُّوا حِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ الْإِقْرَارُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ ،
وَقَتَادَةُ : " فَرَّغَ " بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الْفَرَاغِ . وَالْمَعْنَى : فَرَّغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ أَيْ : كَشَفَ عَنْهَا الْخَوْفَ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ " افْرُنْقِعَ " بَعْدَ الْفَاءِ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ ، ثُمَّ نُونٌ ، ثُمَّ قَافٌ ، ثُمَّ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ مِنَ الِافْرِنْقَاعِ وَهُوَ التَّفَرُّقُ .
ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - رَسُولَهُ أَنْ يُبَكِّتَ الْمُشْرِكِينَ وَيُوَبِّخَهُمْ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29005_29426قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ : مَنْ يُنْعِمُ عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْأَرْزَاقِ الَّتِي تَتَمَتَّعُونَ بِهَا ، فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ، وَالرِّزْقُ مِنَ السَّمَاءِ هُوَ الْمَطَرُ وَمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْهَا مِنَ الشَّمْسِ ، وَالْقَمَرِ ، وَالنُّجُومِ ، وَالرِّزْقُ مِنَ الْأَرْضِ هُوَ : النَّبَاتُ وَالْمَعَادِنُ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَلَمَّا كَانَ الْكُفَّارُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى جَوَابِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ ، وَلَمْ تَقْبَلْ عُقُولُهُمْ نِسْبَةَ هَذَا الرِّزْقِ إِلَى آلِهَتِهِمْ ، وَرُبَّمَا يَتَوَقَّفُونَ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ مَخَافَةَ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ ، فَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : قُلِ اللَّهُ أَيْ : هُوَ الَّذِي يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ - سُبْحَانَهُ - أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّهُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ ، لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْإِنْصَافِ فِي الْحُجَّةِ بَعْدَ مَا سَبَقَ تَقْرِيرُ مَنْ هُوَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ هُوَ عَلَى الضَّلَالَةِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وَالْمَعْنَى : أَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الَّذِينَ يُوَحِّدُونَ اللَّهَ الْخَالِقَ الرَّازِقَ وَيَخُصُّونَهُ بِالْعِبَادَةِ ، وَالَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْجَمَادَاتِ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى خَلْقٍ ، وَلَا رِزْقٍ ، وَلَا نَفْعٍ ، وَلَا ضُرٍّ لَعَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْهُدَى وَالضَّلَالَةِ ، وَمَعْلُومٌ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ مَنْ عَبَدَ الَّذِي يَخْلُقُ ، وَيَرْزُقُ ، وَيَنْفَعُ ، وَيَضُرُّ هُوَ الَّذِي عَلَى الْهُدَى ، وَمَنْ عَبَدَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى خَلْقٍ ، وَلَا رِزْقٍ ، وَلَا نَفْعٍ ، وَلَا ضُرٍّ هُوَ الَّذِي عَلَى الضَّلَالَةِ ، فَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الْكَلَامُ بَيَانَ فَرِيقِ الْهُدَى ، وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ ، وَفَرِيقِ الضَّلَالَةِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى وَجْهٍ أَبْلَغَ مِنَ التَّصْرِيحِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ : وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ مَعْنَى قَوْلِ الْمُتَبَصِّرِ فِي الْحُجَّةِ لِصَاحِبِهِ : أَحَدُنَا كَاذِبٌ .
وَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُ الصَّادِقُ الْمُصِيبُ ، وَصَاحِبَهُ الْكَاذِبُ الْمُخْطِئُ .
قَالَ : وَ أَوْ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ عَلَى بَابِهَا وَلَيْسَتْ لِلشَّكِّ ، لَكِنَّهَا عَلَى مَا تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ فِي مِثْلِ هَذَا إِذَا لَمْ يُرِدِ الْمُخْبِرُ أَنْ يُبَيِّنَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْمَعْنَى .
وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ : هِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ ، وَتَقْدِيرُهُ : وَإِنَّا عَلَى هُدًى وَإِيَّاكُمْ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
جَرِيرٍ :
أَثَعْلَبَةَ الْفَوَارِسِ أَوْ رَبَاحًا عَدَلَتْ بِهِمْ طُهَيَّةَ وَالرَّبَابَا
أَيْ : ثَعْلَبَةَ وَرَبَاحًا ، وَكَذَا قَوْلُ الْآخَرِ :
فَلَمَّا اشْتَدَّ بَأْسُ الْحَرْبِ فِينَا تَأَمَّلْنَا رَبَاحًا أَوْ رِزَامَا
أَيْ : وَرِزَامًا ، وَقَوْلُهُ : أَوْ إِيَّاكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ إِنَّ ، وَخَبَرُهَا هُوَ الْمَذْكُورُ ، وَحُذِفَ خَبَرُ الثَّانِي لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ أَيْ : إِنَّا لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ، وَإِنَّكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ، وَيَجُوزُ الْعَكْسُ : وَهُوَ كَوْنُ الْمَذْكُورِ خَبَرَ الثَّانِي ، وَخَبَرِ الْأَوَّلِ مَحْذُوفًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [ التَّوْبَةِ : 62 ] .
ثُمَّ أَرْدَفَ - سُبْحَانَهُ - هَذَا الْكَلَامَ الْمُنْصِفَ بِكَلَامٍ أَبْلَغَ مِنْهُ فِي الْإِنْصَافِ ، وَأَبْعَدَ مِنَ الْجَدَلِ وَالْمُشَاغَبَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=25قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ أَيْ : إِنَّمَا أَدْعُوكُمْ إِلَى مَا فِيهِ خَيْرٌ لَكُمْ وَنَفْعٌ ، وَلَا يَنَالُنِي مِنْ كُفْرِكُمْ وَتَرْكِكُمْ لِإِجَابَتِي ضَرَرٌ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [ الْكَافِرُونَ : 6 ] وَفِي إِسْنَادِ الْجُرْمِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَنِسْبَةِ مُطْلَقِ الْعَمَلِ إِلَى الْمُخَاطَبِينَ ، مَعَ كَوْنِ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْبِرِّ الْخَالِصِ وَالطَّاعَةِ الْمَحْضَةِ ، وَأَعْمَالِ الْكُفَّارِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْإِثْمِ الْوَاضِحِ مِنَ الْإِنْصَافِ مَا لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ .
وَالْمَقْصُودُ : الْمُهَادَنَةُ وَالْمُتَارَكَةُ ، وَقَدْ نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَأَمْثَالُهَا بِآيَةِ السَّيْفِ .
ثُمَّ أَمَرَهُ - سُبْحَانَهُ - بِأَنْ يُهَدِّدَهُمْ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا تَصْرِيحَ فِيهِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا أَيْ : يَوْمَ الْقِيَامَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=26ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ أَيْ : يَحْكُمُ وَيَقْضِي بَيْنَنَا بِالْحَقِّ ، فَيُثِيبُ الْمُطِيعَ ، وَيُعَاقِبُ الْعَاصِيَ وَهُوَ الْفَتَّاحُ أَيْ : الْحَاكِمُ بِالْحَقِّ الْقَاضِي بِالصَّوَابِ الْعَلِيمُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ وَقَضَائِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ .
وَهَذِهِ أَيْضًا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ .
ثُمَّ أَمَرَهُ - سُبْحَانَهُ - أَنْ يُورِدَ عَلَيْهِمْ حُجَّةً أُخْرَى يُظْهِرُ بِهَا مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ أَيْ : أَرَوْنِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمُوهُمْ بِاللَّهِ شُرَكَاءَ لَهُ ، وَهِذِهِ الرُّؤْيَةُ هِيَ الْقَلْبِيَّةُ ، فَيَكُونُ شُرَكَاءَ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّالِثُ ، لِأَنَّ الْفِعْلَ تَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ إِلَى ثَلَاثَةٍ ، الْأَوَّلُ الْيَاءُ فِي أَرَوْنِيَ ، وَالثَّانِي الْمَوْصُولُ ، وَالثَّالِثُ شُرَكَاءَ ، وَعَائِدُ الْمَوْصُولِ مَحْذُوفٌ أَيْ : أَلْحَقْتُمُوهُمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْبَصَرِيَّةُ ، وَتَعَدَّى الْفِعْلُ بِالْهَمْزَةِ إِلَى اثْنَيْنِ : الْأَوَّلُ الْيَاءُ ، وَالثَّانِي الْمَوْصُولُ ، وَيَكُونُ شُرَكَاءَ مُنْتَصِبًا عَلَى الْحَالِ .
ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ مَا يَدَّعُونَهُ مِنَ الشُّرَكَاءِ وَأَبْطَلَ ذَلِكَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=27كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أَيِ : ارْتَدِعُوا عَنْ دَعْوَى الْمُشَارَكَةِ ، بَلِ الْمُنْفَرِدُ بِالْإِلَهِيَّةِ ، هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ ، الْحَكِيمُ بِالْحِكْمَةِ الْبَاهِرَةِ .
[ ص: 1198 ] وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالَ جُلِّيَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قَالَ :
لَمَّا أَوْحَى الْجَبَّارُ إِلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - دَعَا الرَّسُولَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِيَبْعَثَهُ بِالْوَحْيِ ، فَسَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ صَوْتَ الْجَبَّارِ يَتَكَلَّمُ بِالْوَحْيِ ، فَلَمَّا كَشَفَ عَنْ قُلُوبِهِمْ سَأَلُوهُ عَمَّا قَالَ اللَّهُ ، فَقَالُوا الْحَقَّ ، وَعَلِمُوا أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=29688اللَّهَ لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وَصَوْتُ الْوَحْيِ كَصَوْتِ الْحَدِيدِ عَلَى الصَّفَا ، فَلَمَّا سَمِعُوا خَرُّوا سُجَّدًا ، فَلَمَّا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=23مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْهُ أَيْضًا قَالَ : يَنْزِلُ الْأَمْرُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا لَهُ وَقْعَةٌ كَوَقْعَةِ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّخْرَةِ ، فَيَفْزَعُ لَهُ جَمِيعُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ فَيَقُولُونَ : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَقُولُونَ : الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ،
وَأَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021208إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ الْحَدِيثَ ، وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=24وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قَالَ : نَحْنُ عَلَى هُدًى ، وَإِنَّكُمْ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْفَتَّاحُ الْقَاضِي .