قوله : فإذا مس الإنسان المراد بالإنسان هنا الجنس باعتبار بعض أفراده أو غالبها ، وقيل : المراد به الكفار فقط والأول أولى ، ولا يمنع من حمله على الجنس خصوص [ ص: 1287 ] سببه ؛ لأن الاعتبار بعموم اللفظ وفاء بحق النظم القرآني ووفاء بمدلوله ، والمعنى : أن شأن غالب نوع الإنسان أنه إذا مسه ضر من مرض أو فقر أو غيرهما دعا الله وتضرع إليه في رفعه ودفعه ثم إذا خولناه نعمة منا أي : أعطيناه نعمة كائنة من عندنا قال إنما أوتيته على علم مني بوجوه المكاسب ، أو على خير عندي ، أو على علم من الله بفضلي .
وقال الحسن : على علم علمني الله إياه ، وقيل : قد علمت أني إذا أوتيت هذا في الدنيا أن لي عند الله منزلة وجاء بالضمير في أوتيته مذكرا مع كونه راجعا إلى النعمة لأنها بمعنى الإنعام .
وقيل : إن الضمير عائد إلى ما ، وهي موصولة ، والأول أولى بل هي فتنة هذا رد لما قاله أي : ليس ذلك الذي أعطيناك لما ذكرت ، بل هو محنة لك واختبار لحالك أتشكر أم تكفر ؟ قال الفراء : أنث الضمير في قوله هي لتأنيث الفتنة ، ولو قال بل هو فتنة لجاز . وقال النحاس : بل عطيته فتنة . وقيل : تأنيث الضمير باعتبار لفظ الفتنة ، وتذكير الأول في قوله أوتيته باعتبار معناها ولكن أكثرهم لا يعلمون أن ذلك استدراج لهم من الله وامتحان لما عندهم من الشكر أو الكفر .
قد قالها الذين من قبلهم أي : قال هذه الكلمة التي قالوها وهي قولهم : إنما أوتيته على علم ، الذين من قبلهم كقارون وغيره ، فإن قارون قال : إنما أوتيته على علم عندي [ القصص : 78 ] ، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون يجوز أن تكون ما هذه نافية أي : لم يغن عنهم ما كسبوا من متاع الدنيا شيئا ، وأن تكون استفهامية أي : أي شيء أغنى عنهم ذلك .
فأصابهم سيئات ما كسبوا أي : جزاء سيئات كسبهم ، أو أصابهم سيئات هي جزاء كسبهم ، وسمي الجزاء سيئات لوقوعها في مقابلة سيئاتهم ، فيكون ذلك من باب المشاكلة كقوله : وجزاء سيئة سيئة مثلها [ الشورى : 40 ] ، ثم أوعد - سبحانه - الكفار في عصره فقال : والذين ظلموا من هؤلاء الموجودين من الكفار سيصيبهم سيئات ما كسبوا كما أصاب من قبلهم ، وقد أصابهم في الدنيا ما أصابهم من القحط والقتل والأسر والقهر وما هم بمعجزين أي : بفائتين على الله بل مرجعهم إليه يصنع بهم ما شاء من العقوبة .
أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء أي : يوسع الرزق لمن يشاء أن يوسعه له ويقدر أي : يقبضه لمن يشاء أن يقبضه ويضيقه عليه .
قال مقاتل : وعظهم الله ليعتبروا في توحيده ، وذلك حين مطروا بعد سبع سنين ، فقال : أولم يعلموا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء ويقتر على من يشاء إن في ذلك لآيات أي : في ذلك المذكور لدلالات عظيمة وعلامات جليلة لقوم يؤمنون وخص المؤمنين ; لأنهم المنتفعون بالآيات المتفكرون فيها ثم لما ذكر - سبحانه - ما ذكره من الوعيد عقبه بذكر سعة رحمته وعظيم مغفرته .
وأمر رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يبشرهم بذلك فقال : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله المراد بالإسراف الإفراط في المعاصي والاستكثار منها .
ومعنى لا تقنطوا : لا تيأسوا من رحمة الله من مغفرته .
ثم لما نهاهم عن القنوط أخبرهم بما يدفع ذلك ويرفعه ويجعل الرجاء مكان القنوط فقال : إن الله يغفر الذنوب جميعا .
واعلم أن هذه الآية أرجى آية في كتاب الله - سبحانه - لاشتمالها على أعظم بشارة ، فإنه أولا أضاف العباد إلى نفسه لقصد تشريفهم ومزيد تبشيرهم ، ثم وصفهم بالإسراف في المعاصي والاستكثار من الذنوب ، ثم عقب ذلك بالنهي عن لهؤلاء المستكثرين من الذنوب ، فالنهي عن القنوط للمذنبين غير المسرفين من باب الأولى وبفحوى الخطاب ، ثم جاء بما لا يبقي بعده شك ولا يتخالج القلب عند سماعه ظن ، فقال : القنوط من الرحمة إن الله يغفر الذنوب فالألف واللام قد صيرت الجمع الذي دخلت عليه للجنس الذي يستلزم استغراق أفراده ، فهو في قوة إن الله يغفر كل ذنب كائنا ما كان ، إلا ما أخرجه النص القرآني وهو الشرك إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ النساء : 48 ، 116 ] ثم لم يكتف بما أخبر عباده به من مغفرة كل ذنب ، بل أكد ذلك بقوله : جميعا فيا لها من بشارة ترتاح لها قلوب المؤمنين المحسنين ظنهم بربهم الصادقين في رجائه . الخالعين لثياب القنوط الرافضين لسوء الظن بمن لا يتعاظمه ذنب ، ولا يبخل بمغفرته ورحمته على عباده المتوجهين إليه في طلب العفو الملتجئين به في مغفرة ذنوبهم وما أحسن ما علل - سبحانه - به هذا الكلام قائلا إنه هو الغفور الرحيم .
أي : كثير المغفرة والرحمة عظيمهما بليغهما واسعهما ، فمن أبى هذا التفضل العظيم والعطاء الجسيم ، وظن أن تقنيط عباد الله وتأييسهم من رحمته أولى بهم مما بشرهم الله به ، فقد ركب أعظم الشطط وغلط أقبح الغلط ، فإن التبشير وعدم التقنيط الذي جاءت به مواعيد الله في كتابه العزيز ، والمسلك الذي سلكه رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - كما صح عنه من قوله . يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا
وإذا تقرر لك هذا فاعلم أن الجمع بين هذه الآية وبين قوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ النساء : 116 ، 48 ] وهو أن كل ذنب كائنا ما كان ما عدا الشرك بالله مغفور لمن شاء الله أن يغفر له ، على أنه يمكن أن يقال : إن إخباره لنا بأنه يغفر الذنوب جميعا يدل على أنه يشاء غفرانها جميعا ، وذلك يستلزم أنه يشاء المغفرة لكل المذنبين من المسلمين فلم يبق بين الآيتين تعارض من هذه الحيثية .
وأما ما يزعمه جماعة من المفسرين من تقييد هذه الآية بالتوبة وأنها لا تغفر إلا ذنوب التائبين ، وزعموا أنهم قالوا ذلك للجمع بين الآيات .
فهو جمع بين الضب والنون ، وبين الملاح والحادي ، وعلى نفسها براقش تجني ، ولو كانت هذه البشارة العظيمة مقيدة بالتوبة لم يكن لها كثير موقع ، فإن يغفر الله له بها ما فعله من الشرك بإجماع المسلمين ، وقد قال التوبة من المشرك إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ النساء : 116 ، 48 ] [ ص: 1288 ] فلو كانت التوبة قيدا في المغفرة لم يكن للتنصيص على الشرك فائدة ، وقد قال - سبحانه - : وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم [ الرعد : 6 ] قال الواحدي : المفسرون كلهم قالوا : إن هذه الآية في قوم خافوا إن أسلموا أن لا يغفر لهم ما جنوا من الذنوب العظام ، كالشرك وقتل النفس ومعاداة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .
قلت : هب أنها في هؤلاء القوم ، فكان ماذا ؟ فإن الاعتبار بما اشتملت عليه من العموم لا بخصوص السبب كما هو متفق عليه بين أهل العلم ، ولو كانت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مقيدة بأسبابها غير متجاوزة لها لارتفعت أكثر التكاليف عن الأمة إن لم ترتفع كلها ، واللازم باطل بالإجماع ، فالملزوم مثله .
وفي السنة المطهرة من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما في هذا الباب ما إن عرفه المطلع عليه حق معرفته وقدره حق قدره علم صحة ما ذكرناه وعرف حقيقة ما حررناه .
قرأ الجمهور " يا عبادي " بإثبات الياء وصلا ووقفا ، وروى أبو بكر عن عاصم : أنه يقف بغير ياء . وقرأ الجمهور تقنطوا بفتح النون ، وقرأ أبو عمرو بكسرها . والكسائي
وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون أي : ارجعوا إليه بالطاعة . لما بشرهم - سبحانه - بأنه يغفر الذنوب جميعا ، أمرهم بالرجوع إليه بفعل الطاعات واجتناب المعاصي ، وليس في هذا ما يدل على تقييد الآية الأولى بالتوبة لا بمطابقة ولا تضمن ولا التزام ، بل غاية ما فيها أنه بشرهم بتلك البشارة العظمى ، ثم دعاهم إلى الخير وخوفهم من الشر ، على أنه يمكن أن يقال : إن هذه الجملة مستأنفة خطابا للكفار الذين لم يسلموا بدليل قوله : وأسلموا له جاء بها لتحذير الكفار وإنذارهم بعد ترغيب المسلمين بالآية الأولى وتبشيرهم ، وهذا وإن كان بعيدا ولكنه يمكن أن يقال به ، والمعنى على ما هو الظاهر : أن الله جمع لعباده بين التبشير العظيم ، والأمر بالإنابة إليه والإخلاص له والاستسلام لأمره والخضوع لحكمه ، وقوله : من قبل أن يأتيكم العذاب أي : عذاب الدنيا كما يفيده قوله : من قبل أن يأتيكم فليس في ذلك ما يدل على ما زعمه الزاعمون وتمسك به القانطون المقنطون والحمد لله رب العالمين .
واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم يعني القرآن ، يقول : أحلوا حلاله وحرموا حرامه ، والقرآن كله حسن . قال الحسن : التزموا طاعته واجتنبوا معاصيه . وقال : الأحسن ما أمر الله به في كتابه . السدي
وقال ابن زيد : يعني المحكمات وكلوا علم المتشابه إلى عالمه .
وقيل : الناسخ دون المنسوخ . وقيل : العفو دون الانتقام بما يحق فيه الانتقام ، وقيل : أحسن ما أنزل إليكم من أخبار الأمم الماضية من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون أي : من قبل أن يفاجئكم العذاب وأنتم غافلون عنه لا تشعرون به ، وقيل : أراد أنهم يموتون بغتة فيقعون في العذاب .
والأول أولى لأن الذي يأتيهم بغتة هو العذاب في الدنيا بالقتل والأسر والقهر والخوف والجدب ، لا عذاب الآخرة ولا الموت ؛ لأنه لم يسند الإتيان إليه .
أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله قال البصريون : أي : حذرا أن تقول . وقال الكوفيون : لئلا تقول . قال : بادروا خوف أن تقول ، أو حذرا من أن تقول نفس . وقال المبرد : خوف أن تصيروا إلى حال تقولون فيها : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ، قيل : والمراد بالنفس هنا النفس الكافرة ، وقيل : المراد به التكثير كما في قوله : الزجاج علمت نفس ما أحضرت [ التكوير : 14 ] .
قرأ الجمهور ياحسرتا بالألف بدلا من الياء المضاف إليها ، والأصل : يا حسرتي ، وقرأ ابن كثير " يا حسرتاه " بهاء السكت وقفا ، وقرأ أبو جعفر " يا حسرتي " بالياء على الأصل .
والحسرة : الندامة ، ومعنى على ما فرطت في جنب الله على ما فرطت في طاعة الله ، قاله الحسن .
وقال الضحاك : على ما فرطت في ذكر الله ، ويعني به : القرآن والعمل به .
وقال أبو عبيدة في جنب الله أي : في ثواب الله .
وقال الفراء : الجنب : القرب والجوار أي : في قرب الله وجواره ، ومنه قوله : والصاحب بالجنب [ النساء : 36 ] والمعنى على هذا القول ، على ما فرطت في طلب جنب الله أي : في طلب جواره وقربه وهو الجنة ، وبه قال وقال ابن الأعرابي أي : فرطت في الطريق الذي هو طريق الله من توحيده والإقرار بنبوة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلى هذا فالجنب بمعنى الجانب أي : قصرت في الجانب الذي يؤدي إلى رضا الله ، ومنه قول الشاعر : الزجاج
للناس جنب والأمير جنب
أي : الناس من جانب والأمير من جانب وإن كنت لمن الساخرين أي : وما كنت إلا من المستهزئين بدين الله في الدنيا ، ومحل الجملة النصب على الحال .
قال قتادة : لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها .
أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أي : لو أن الله أرشدني إلى دينه لكنت ممن يتقي الشرك والمعاصي ، وهذا من جملة ما يحتج به المشركون من الحجج الزائفة ، ويتعللون به من العلل الباطلة كما في قوله : سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا [ الأنعام : 148 ] فهي كلمة حق يريدون بها باطلا .
ثم ذكر - سبحانه - مقالة أخرى مما قالوا فقال : أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة أي : رجعة إلى الدنيا فأكون من المحسنين المؤمنين بالله الموحدين له ، المحسنين في أعمالهم ، وانتصاب أكون إما لكونه معطوفا على كرة فإنها مصدر ، وأكون في تأويل المصدر : كما في قول الشاعر :
للبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
وأنشد الفراء على هذا :
فما لك منها غير ذكرى وخشية وتسأل عن ركبانها أين يمموا
وإما لكونه جواب التمني المفهوم من قوله : لو أن لي كرة .
ثم ذكر - سبحانه - جوابه على هذه النفوس المتمنية [ ص: 1289 ] المتعللة بغير علة فقال : بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين .
المراد بالآيات هي الآيات التنزيلية وهو القرآن .
ومعنى التكذيب بها قوله : إنها ليس من عند الله ، وتكبر عن الإيمان بها ، وكان مع ذلك التكذيب والاستكبار من الكافرين بالله .
وجاء - سبحانه - بخطاب المذكر في قوله : جاءتك وكذبت واستكبرت وكنت ؛ لأن النفس تطلق على المذكر والمؤنث .
قال : تقول العرب : نفس واحد أي : إنسان واحد ، وبفتح التاء في هذه المواضع قرأ الجمهور . المبرد
وقرأ الجحدري ، وأبو حيوة بكسرها في جميعها ، وهي قراءة ويحيى بن يعمر أبي بكر وابنته عائشة ، ورويت عن وأم سلمة ابن كثير .
ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أي : ترى الذين كذبوا على الله بأن له شركاء وصاحبة وولدا وجوههم مسودة لما أحاط بهم من العذاب ، وشاهدوه من غضب الله ونقمته ، وجملة وجوههم مسودة في محل نصب على الحال .
قال الأخفش : ترى غير عامل في وجوههم مسودة ، إنما هو مبتدأ وخبر ، والأولى أن ترى إن كانت من الرؤية البصرية ، فجملة وجوههم مسودة حالية ، وإن كانت قلبية فهي في محل نصب على أنها المفعول الثاني لترى ، والاستفهام في قوله : أليس في جهنم مثوى للمتكبرين للتقرير أي : ليس فيها مقام للمتكبرين عن طاعة الله ، والكبر هو بطر الحق وغمط الناس كما ثبت في الحديث الصحيح .
وينجي الله الذين اتقوا أي : اتقوا الشرك ومعاصي الله ، والباء في بمفازتهم متعلقة بمحذوف هو حال من الموصول أي : ملتبسين بمفازتهم .
قرأ الجمهور بمفازتهم بالإفراد على أنها مصدر ميمي ، والفوز : الظفر بالخير والنجاة من الشر .
قال : المفازة مفعلة من الفوز وهو السعادة ، وإن جمع فحسن : كقولك السعادة والسعادات . المبرد
والمعنى : ينجيهم الله بفوزهم أي : بنجاتهم من النار وفوزهم بالجنة .
وقرأ حمزة ، والكسائي وأبو بكر " بمفازاتهم " جمع مفازة ، وجمعها مع كونها مصدرا لاختلاف الأنواع ، وجملة لا يمسهم السوء في محل نصب على الحال من الموصول ، وكذلك جملة ولا هم يحزنون في محل نصب على الحال أي : ينفي السوء والحزن عنهم ، ويجوز أن تكون الباء في " بمفازتهم " للسببية أي : بسبب فوزهم مع انتفاء مساس السوء لهم وعدم وصول الحزن إلى قلوبهم لأنهم رضوا بثواب الله وأمنوا من عقابه .
وقد أخرج قال ابن أبي حاتم السيوطي بسند صحيح ، وابن مردويه عن قال : أنزلت ابن عباس قل ياعبادي الذين أسرفوا الآية في مشركي أهل مكة .
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، والطبراني والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن قال : كنا نقول ليس لمفتتن توبة وما الله بقابل منه شيئا ، عرفوا الله وآمنوا به وصدقوا رسوله ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم ، وكانوا يقولونه لأنفسهم ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ابن عمر المدينة أنزل الله فيهم ياعبادي الذين أسرفوا الآيات ، قال : فكتبتها بيدي ، ثم بعثت بها إلى ابن عمر . هشام بن العاصي
وأخرج ، ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد قال : لما أسلم وحشي أنزل الله والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق [ الفرقان : 68 ] قال وحشي وأصحابه : قد ارتكبنا هذا كله ، فأنزل الله قل ياعبادي الذين أسرفوا الآية .
وأخرج في الأدب المفرد عن البخاري قال : " أبي هريرة محمد لم تقنط عبادي فرجع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : أبشروا وسددوا وقاربوا . خرج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على رهط من أصحابه وهم يضحكون ويتحدثون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، ثم انصرف وأبكى القوم ، وأوحى الله إليه : يا
وأخرج ابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن أنها نزلت فيمن أفتن . عمر بن الخطاب
وأخرج ، ابن جرير وابن مردويه عن أنها نزلت في مشركي ابن عباس مكة لما قالوا : إن الله لا يغفر لهم ما قد اقترفوه من الشرك وقتل الأنفس وغير ذلك .
وأخرج أحمد ، ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ثوبان ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم إلى آخر الآية ، فقال رجل ومن أشرك ؟ فسكت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ألا ، ومن أشرك ثلاث مرات " . ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود ، وحسنه ، والترمذي وابن المنذر ، في المصاحف وابن الأنباري والحاكم ، وابن مردويه عن : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقرأ " أسماء بنت يزيد " . يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد في حسن الظن بالله ، وابن أبي الدنيا ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني والبيهقي في الشعب عن أنه مر على قاض يذكر الناس فقال : يا مذكر الناس لا تقنط الناس ، ثم قرأ ابن مسعود ياعبادي الذين أسرفوا الآية .
وأخرج عن ابن جرير قال : قال ابن سيرين علي : أي آية أوسع ؟ فجعلوا يذكرون آيات من القرآن ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه [ النساء : 11 ] الآية ونحوها ، فقال علي : ما في القرآن أوسع من يا عبادي الآية .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن في قوله : ابن عباس ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الآية قال : قد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح ابن الله ، ومن زعم أن عزيرا ابن الله ، ومن زعم أن الله فقير ، ومن زعم أن يد الله مغلولة ، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة يقول لهؤلاء أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم [ المائدة : 74 ] ثم دعا إلى توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء من فقال أنا ربكم الأعلى [ النازعات : 24 ] وقال ما علمت لكم من إله غيري [ القصص : 38 ] قال : ومن ابن عباس بعد هذا فقد جحد كتاب الله ، ولكن لا يقدر العبد أن [ ص: 1290 ] يتوب حتى يتوب الله عليه . آيس العباد من التوبة
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، ، عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس أن تقول نفس قال : أخبر الله ما العباد قائلون قبل أن يقولوا ، وعلمهم قبل أن يعلموا .