nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188nindex.php?page=treesubj&link=28973_25438ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون
هذا يعم جميع الأمة وجميع الأموال ، لا يخرج عن ذلك إلا ما ورد دليل الشرع بأنه يجوز أخذه ، فإنه مأخوذ بالحق لا بالباطل ، ومأكول بالحل لا بالإثم ، وإن كان صاحبه كارها كقضاء الدين إذا امتنع منه من هو عليه ، وتسليم ما أوجبه الله من الزكاة ونحوها ، ونفقة من أوجب الشرع نفقته .
والحاصل أن
nindex.php?page=treesubj&link=25438ما لم يبح الشرع أخذه من مالكه ، فهو مأكول بالباطل وإن طابت به نفس مالكه : كمهر البغي وحلوان الكاهن ، وثمن الخمر .
والباطل في اللغة : الذاهب الزائل .
قوله : وتدلوا مجزوم عطفا على تأكلوا فهو من جملة النهي عنه ، يقال : أدلى الرجل بحجته أو بالأمر الذي يرجو النجاح به تشبيها بالذي يرسل الدلو في البئر ، يقال أدلى دلوه : أرسلها ، والمعنى أنكم لا تجمعوا بين أكل الأموال بالباطل وبين الإدلاء بها إلى الحكام بالحجج الباطلة ، وفي هذه الآية دليل أن
nindex.php?page=treesubj&link=15161حكم الحاكم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال من غير فرق بين الأموال والفروج ، فمن يحكم له القاضي بشيء مستندا في حكمه إلى شهادة زور أو يمين فجور فلا يحل له أكله ، فإن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل ، وهكذا إذا أرشى الحاكم فحكم له بغير الحق فإنه من أكل أموال الناس بالباطل ، ولا خلاف بين أهل العلم أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام ولا يحرم الحلال .
وقد روي عن
أبي حنيفة ما يخالف ذلك ، وهو مردود بكتاب الله تعالى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019550إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار وهو في الصحيحين وغيرهما .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188فريقا أي قطعة أو جزءا أو طائفة ، فعبر بالفريق عن ذلك ، وأصل الفريق : القطعة من الغنم تشذ عن معظمها .
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : لتأكلوا أموال فريق من الناس بالإثم ، وسمي الظلم والعدوان إثما باعتبار تعلقه بفاعله .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وأنتم تعلمون أي حال كونكم عالمين أن ذلك باطل ليس من الحق في شيء ، وهذا أشد لعقابهم وأعظم لجرمهم .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم الآية ، قال : هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه بينة ، فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد عن
مجاهد قال : معناها لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم .
وأخرج
ابن المنذر عن
قتادة نحوه .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أن
امرأ القيس بن عابس وعبدان بن أشوع الحضرمي اختصما في أرض ، وأراد
امرؤ القيس أن يحلف ، فنزلت :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم الآية .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188nindex.php?page=treesubj&link=28973_25438وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
هَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأُمَّةِ وَجَمِيعَ الْأَمْوَالِ ، لَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا وَرَدَ دَلِيلُ الشَّرْعِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهُ ، فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالْحَقِّ لَا بِالْبَاطِلِ ، وَمَأْكُولٌ بِالْحِلِّ لَا بِالْإِثْمِ ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ كَارِهًا كَقَضَاءِ الدَّيْنِ إِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ ، وَتَسْلِيمُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا ، وَنَفَقَةُ مَنْ أَوْجَبَ الشَّرْعُ نَفَقَتَهُ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25438مَا لَمْ يُبِحِ الشَّرْعُ أَخْذَهُ مِنْ مَالِكِهِ ، فَهُوَ مَأْكُولٌ بِالْبَاطِلِ وَإِنْ طَابَتْ بِهِ نَفْسُ مَالِكِهِ : كَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ ، وَثَمَنِ الْخَمْرِ .
وَالْبَاطِلُ فِي اللُّغَةِ : الذَّاهِبُ الزَّائِلُ .
قَوْلُهُ : وَتُدْلُوا مَجْزُومٌ عَطْفًا عَلَى تَأْكُلُوا فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ النَّهْيِ عَنْهُ ، يُقَالُ : أَدْلَى الرَّجُلُ بِحُجَّتِهِ أَوْ بِالْأَمْرِ الَّذِي يَرْجُو النَّجَاحَ بِهِ تَشْبِيهًا بِالَّذِي يُرْسِلُ الدَّلْوَ فِي الْبِئْرِ ، يُقَالُ أَدْلَى دَلْوَهُ : أَرْسَلَهَا ، وَالْمَعْنَى أَنَّكُمْ لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ أَكْلِ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ وَبَيْنَ الْإِدْلَاءِ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ بِالْحُجَجِ الْبَاطِلَةِ ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=15161حُكْمَ الْحَاكِمُ لَا يُحَلِّلُ الْحَرَامَ وَلَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْأَمْوَالِ وَالْفُرُوجِ ، فَمَنْ يَحْكُمُ لَهُ الْقَاضِي بِشَيْءٍ مُسْتَنِدًا فِي حُكْمِهِ إِلَى شَهَادَةِ زُورٍ أَوْ يَمِينِ فُجُورٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، وَهَكَذَا إِذَا أَرْشَى الْحَاكِمَ فَحَكَمَ لَهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحَلِّلُ الْحَرَامَ وَلَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=54أَمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019550إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188فَرِيقًا أَيْ قِطْعَةً أَوْ جُزْءًا أَوْ طَائِفَةً ، فَعَبَّرَ بِالْفَرِيقِ عَنْ ذَلِكَ ، وَأَصْلُ الْفَرِيقِ : الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَشِذُّ عَنْ مُعْظَمِهَا .
وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : لِتَأْكُلُوا أَمْوَالَ فَرِيقٍ مِنَ النَّاسِ بِالْإِثْمِ ، وَسُمِّيَ الظُّلْمُ وَالْعُدْوَانُ إِثْمًا بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ بِفَاعِلِهِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَيْ حَالَ كَوْنِكُمْ عَالِمِينَ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ ، وَهَذَا أَشَدُّ لِعِقَابِهِمْ وَأَعْظَمُ لِجُرْمِهِمْ .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ الْآيَةَ ، قَالَ : هَذَا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ مَالٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ، فَيَجْحَدُ الْمَالَ وَيُخَاصِمُ إِلَى الْحُكَّامِ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : مَعْنَاهَا لَا تُخَاصِمْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ ظَالِمٌ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ
قَتَادَةَ نَحْوَهُ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ
امْرَأَ الْقَيْسِ بْنَ عَابِسٍ وَعَبْدَانَ بْنَ أَشْوَعَ الْحَضْرَمِيَّ اخْتَصَمَا فِي أَرْضٍ ، وَأَرَادَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ أَنْ يَحْلِفَ ، فَنَزَلَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ الْآيَةَ .