قال الماوردي : كلها في قول الحسن ، وعكرمة ، وجابر ، قال : وقال ، ابن عباس وقتادة : إلا آيتين منها واصبر على ما يقولون والتي تليها .
وقال الثعلبي : إلا قوله : إن ربك يعلم أنك تقوم إلى آخر السورة ، فإنه نزل بالمدينة .
وأخرج ابن الضريس ، وابن مردويه ، ، والبيهقي ، عن قال : ابن عباس ياأيها المزمل بمكة . نزلت
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله .
وأخرج النحاس عن قال : نزلت سورة المزمل ابن عباس بمكة إلا آيتين إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى .
وأخرج البزار ، في الأوسط والطبراني وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال : قريش في دار الندوة ، فقالوا سموا هذا الرجل اسما تصدون الناس عنه ، فقالوا كاهن ، قالوا ليس بكاهن ، قالوا مجنون ، قالوا ليس بمجنون ، قالوا ساحر ، قالوا ليس بساحر ، فتفرق المشركون على ذلك .
فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فتزمل في ثيابه وتدثر فيها ، فأتاه جبريل ، فقال : ياأيها المزمل ياأيها المدثر [ أي سورة المدثر ] . اجتمعت
قال البزار : بعد إخراجه من طريق معلى بن عبد الرحمن : إن معلى قد حدث عنه جماعة من أهل العلم واحتملوا حديثه ، لكنه إذا تفرد بالأحاديث لا يتابع عليها .
وأخرج أبو داود ، والبيهقي في السنن عن قال : ابن عباس ميمونة ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ، فصلى ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر ، فحزرت قيامه في كل ركعة بقدر ( يا أيها المزمل ) . بت عند خالتي
بسم الله الرحمن الرحيم
ياأيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا إن لك في النهار سبحا طويلا واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا السماء منفطر به كان وعده مفعولا
[ ص: 1545 ] ياأيها المزمل أصله المتزمل فأدغمت التاء في الزاي ، والتزمل التلفف في الثوب . قوله :
قرأ الجمهور ( المزمل ) بالإدغام .
وقرأ أبي " المتزمل " على الأصل .
وقرأ عكرمة بتخفيف الزاي ، ومثل هذه القراءة قول امرئ القيس :
كأن ثبيرا في أفانين وبله كبير أناس في لحاد مزمل
وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقد اختلف في معناه .فقال جماعة : إنه كان يتزمل صلى الله عليه وسلم بثيابه في أول ما جاءه جبريل بالوحي فرقا منه حتى أنس به ، وقيل المعنى : يا أيها المزمل بالنبوة والملتزم للرسالة .
وبهذا قال عكرمة وكان يقرأ " يا أيها المزمل " بتخفيف الزاي وفتح الميم مشددة اسم مفعول وقيل المعنى : يا أيها المزمل بالقرآن .
وقال الضحاك : تزمل بثيابه لمنامه ، وقيل : بلغه من المشركين سوء قول ، فتزمل في ثيابه وتدثر ، فنزلت ياأيها المزمل و ياأيها المدثر .
وقد ثبت ، فأتى أهله وقال : زملوني دثروني أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الملك ونظر إليه أخذته الرعدة ، وكان خطابه صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب في أول نزول الوحي .
ثم بعد ذلك خوطب بالنبوة والرسالة .
قم الليل إلا قليلا أي قم للصلاة في الليل .
قرأ الجمهور قم بكسر الميم لالتقاء الساكنين .
وقرأ أبو السماك بضمها اتباعا لضمة القاف .
قال : الغرض بهذه الحركة الهرب من التقاء الساكنين فبأي حركة تحرك فقد وقع الغرض . عثمان بن جني
وانتصاب الليل على الظرفية .
وقيل إن معنى قم صل ، عبر به عنه واستعير له .
واختلف هل كان هذا القيام الذي أمر به فرضا عليه أو نفلا ؟ وسيأتي إن شاء الله ما روي في ذلك .
وقوله : إلا قليلا استثناء من الليل : أي صل الليل كله إلا يسيرا منه ، والقليل من الشيء هو ما دون النصف ، وقيل ما دون السدس ، وقيل ما دون العشر .
وقال مقاتل ، والكلبي : المراد بالقليل هنا الثلث .
وقد أغنانا عن هذا الاختلاف قوله : ( نصفه ) إلخ . وانتصاب ( نصفه ) على أنه بدل من الليل .
قال : نصفه بدل من الليل ، و ( إلا قليلا ) استثناء من النصف ، والضمير في منه وعليه عائد إلى النصف . الزجاج
والمعنى : قم نصف الليل أو انقص من النصف قليلا إلى الثلث ، أو زد عليه قليلا إلى الثلثين ، فكأنه قال : قم ثلثي الليل ، أو نصفه أو ثلثه .
وقيل إن نصفه بدل من قوله قليلا .
فيكون المعنى : قم الليل إلا نصفه أو أقل من نصفه أو أكثر من نصفه ، قال الأخفش : نصفه أي أو نصفه كما يقال : أعطه درهما درهمين ثلاثة ، يريد أو درهمين أو ثلاثة .
قال الواحدي : قال المفسرون : أو انقص من النصف قليلا إلى الثلث ، أو زد على النصف إلى الثلثين ، جعل له سعة في مدة قيامه في الليل وخيره في هذه الساعات للقيام ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة معه يقومون على هذه المقادير ، وشق ذلك عليهم ، فكان الرجل لا يدري كم صلى أو كم بقي من الليل ، فكان يقوم الليل كله حتى خفف الله عنهم ، وقيل الضميران في منه وعليه راجعان للأقل من النصف ، كأنه قال : قم أقل من نصفه أو قم أنقص من ذلك الأقل ، أو أزيد منه قليلا ، وهو بعيد جدا ، والظاهر أن نصفه بدل من قليلا والضميران راجعان إلى النصف المبدل من قليلا .
واختلف في الناسخ لهذا الأمر ، فقيل هو قوله : إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه إلى آخر السورة ، وقيل هو قوله : علم أن لن تحصوه وقيل هو قوله : علم أن سيكون منكم مرضى وقيل هو منسوخ بالصلوات الخمس ، وبهذا قال مقاتل ، ، والشافعي وابن كيسان ، وقيل هو قوله : فاقرءوا ما تيسر منه وذهب الحسن ، إلى أن وابن سيرين فريضة على كل مسلم ولو قدر حلب شاة . صلاة الليل
ورتل القرآن ترتيلا أي اقرأه على مهل مع تدبر .
قال الضحاك : اقرأه حرفا حرفا .
قال : هو أن يبين جميع الحروف ، ويوفي حقها من الإشباع . الزجاج
التنضيد والتنسيق وحسن النظام ، وتأكيد الفعل بالمصدر يدل على المبالغة على وجه لا يلتبس فيه بعض الحروف ببعض ، ولا ينقص من النطق بالحرف من مخرجه المعلوم مع استيفاء حركته المعتبرة . وأصل الترتيل
إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا أي سنوحي إليك القرآن وهو قول ثقيل .
قال قتادة : ثقيل والله فرائضه وحدوده .
قال ، مجاهد ، : حلاله وحرامه .
قال الحسن : العمل به .
قال أبو العالية : ثقيلا بالوعد والوعيد والحلال والحرام .
وقال : ثقيل بمعنى كريم من قولهم فلان ثقيل علي : أي يكرم علي . محمد بن كعب
قال الفراء : ثقيلا رزينا ليس بالخفيف السفساف ؛ لأنه كلام ربنا .
وقال : ثقيلا لا يحمله إلا قلب مؤيد بالتوفيق ونفس مزينة بالتوحيد ، وقيل وصفه بكونه ثقيلا حقيقة لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم الحسين بن الفضل . كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها على الأرض فما تستطيع أن تتحرك حتى يسري عنه
إن ناشئة الليل أي ساعاته وأوقاته ، لأنها تنشأ أولا فأولا . يقال نشأ الشيء ينشأ : إذا ابتدأ وأقبل شيئا بعد شيء فهو ناشئ ، وأنشأه الله فنشأ ، ومنه نشأت السحاب : إذا بدأت ، فناشئة فاعلة من نشأ ينشأ فهي ناشئة .
قال : نائشة الليل كل ما نشأ منه : أي حدث ، فهو ناشئة ، قال الزجاج الواحدي : قال المفسرون : الليل كله ناشئة ، والمراد أن ساعات الليل الناشئة ، فاكتفى بالوصف عن الاسم الموصوف .
وقيل إن ناشئة الليل هي النفس التي تنشأ من مضجعها للعبادة : أي تنهض ، من نشأ من مكانه : إذا نهض .
وقيل : الناشئة بالحبشية قيام الليل ، وقيل : إنما يقال لقيام الليل نائشة : [ ص: 1546 ] إذا كان بعد نوم .
قال : إذا نمت من أول الليل ثم قمت فتلك المنشأة والنشأة ، ومنه ناشئة الليل . ابن الأعرابي
وقيل : وناشئة الليل هي ما بين المغرب والعشاء ؛ لأن معنى نشأ ابتدأ ، ومنه قول نصيب :
ولولا أن يقال صبا نصيب لقلت بنفسي النشء الصغارا
قال عكرمة ، وعطاء : إن ناشئة الليل بدو الليل .
وقال ، مجاهد ، وغيره : هي في الليل كله ؛ لأنه ينشأ بعد النهار ، واختار هذا مالك .
وقال ابن كيسان : هي القيام من آخر الليل .
قال في الصحاح : نائشة الليل أول ساعاته .
وقال الحسن : هي ما بعد العشاء الآخرة إلى الصبح هي أشد وطئا قرأ الجمهور وطئا بفتح الواو وسكون الطاء مقصورة ، واختار هذه القراءة أبو حاتم ، وقرأ أبو العالية ، وابن أبي إسحاق ، ، ومجاهد ، ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحميد ، وابن محيصن ، والمغيرة ، وأبو حيوة بكسر الواو وفتح الطاء ممدودة ، واختار هذه القراءة أبو عبيد فالمعنى على القراءة الأولى أن ؛ لأن الليل للنوم . الصلاة في ناشئة الليل أثقل على المصلي من صلاة النهار
قال ابن قتيبة : المعنى أنها أثقل على المصلي من ساعات النهار ، من قول العرب : اشتدت على القوم وطأ السلطان : إذا ثقل عليهم ما يلزمهم منه ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : والمعنى على القراءة الثانية أنها أشد مواطأة : أي موافقة ، من قولهم : واطأت فلانا على كذا مواطأة ووطاء : إذا وافقته عليه . اللهم اشدد وطأتك على مضر
قال ، مجاهد ، ، : أي أشد موافقة بين السمع والبصر والقلب واللسان لانقطاع الأصوات والحركات فيها ، ومنه : وابن أبي مليكة ليواطئوا عدة ما حرم الله [ التوبة : 37 ] أي ليوافقوا .
وقال الأخفش : أشد قياما .
وقال الفراء : أي أثبت للعمل ، وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة ، والليل وقت الفراغ عن الاشتغال بالمعاش ، فعبادته تدوم ولا تنقطع : وقال الكلبي : أشد نشاطا وأقوم قيلا أي وأشد مقالا وأثبت قراءة لحضور القلب فيها وهدوء الأصوات ، وأشد استقامة واستمرارا على الصواب ؛ لأن الأصوات فيها هادئة والدنيا ساكنة فلا يضطرب على المصلي ما يقرؤه .
قال قتادة ، ومجاهد : أي أصوب للقراءة وأثبت للقول ؛ لأنه زمان التفهم .
قال أبو علي الفارسي : أقوم قيلا : أي أشد استقامة لفراغ البال بالليل .
قال الكلبي : أي أبين قولا بالقرآن .
وقال عكرمة : أي أتم نشاطا وإخلاصا وأكثر بركة .
وقال ابن زيد : أجدر أن يتفقه في القرآن ، وقيل أعجل إجابة للدعاء .
إن لك في النهار سبحا طويلا قرأ الجمهور سبحا بالحاء المهملة : أي تصرفا في حوائجك وإقبالا وإدبارا وذهابا ومجيئا ، والسبح : الجري والدوران ، ومنه السباحة في الماء لتقلبه ببدنه ورجليه ، وفرس سابح : أي شديد الجري .
وقيل السبح الفراغ : أي إن لك فراغا بالنهار للحاجات ، فصل بالليل .
قال ابن قتيبة : أي تصرفا وإقبالا وإدبارا في حوائجك وأشغالك .
وقال الخليل : إن لك في النهار سبحا : أي نوما ، والتسبح التمدد .
قال : المعنى إن فاتك في الليل شيء فلك في النهار فراغ للاستدراك . الزجاج
وقرأ ، يحيى بن يعمر وأبو وائل ، " سبخا " بالخاء المعجمة ، قيل ومعنى هذه القراءة : الخفة والسعة والاستراحة . وابن أبي عبلة
قال : يقال سبخ الله عنك الحمى : أي خففها ، وسبخ الحر فتر وخف ، ومنه قول الشاعر : الأصمعي
فسبخ عليك الهم واعلم بأنه إذا قدر الرحمن شيئا فكائن
والتسبيخ من القطن ما ينسج بعد الندف ، ومنه قول الأخطل :
فأرسلوهن يذرين التراب كما تذري سبائخ قطن ندف أوتار
وقال أبو عمرو : السبخ النوم والفراغ .
واذكر اسم ربك أي ادعه بأسمائه الحسنى ، وقيل اقرأ باسم ربك في ابتداء صلاتك ، وقيل اذكر اسم ربك في وعده ووعيده لتوفر على طاعته وتبعد عن معصيته ، وقيل المعنى : دم على ذكر ربك ليلا ونهارا واستكثر من ذلك .
وقال الكلبي : المعنى صل لربك وتبتل إليه تبتيلا أي انقطع إليه انقطاعا بالاشتغال بعبادته ، والتبتل الانقطاع ، يقال بتلت الشيء : أي قطعته وميزته من غيره ، وصدقة بتلة : أي منقطعة من مال صاحبها ، ويقال للراهب : متبتل لانقطاعه عن الناس ، ومنه قول الشاعر :
تضيء الظلام بالعشاء كأنها منارة ممسى راهب متبتل
قال الواحدي : والتبتل رفض الدنيا وما فيها والتماس ما عند الله .
رب المشرق والمغرب قرأ حمزة ، ، والكسائي وأبو بكر ، وابن عامر بجر رب على النعت لربك أو البدل منه أو البيان له .
وقرأ الباقون برفعه على أنه مبتدأ وخبره لا إله إلا هو أو على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي هو رب المشرق .
وقرأ بنصبه على المدح . زيد بن علي
وقرأ الجمهور المشرق والمغرب مفردين ، وقرأ ، ابن مسعود " المشارق والمغارب " على الجمع ، وقد قدمنا تفسير المشرق والمغرب ، والمشرقين والمغربين والمشارق والمغارب وابن عباس فاتخذه وكيلا أي إذا عرفت أنه المختص بالربوية فاتخذه وكيلا : أي قائما بأمورك ، وعول عليه في جميعها ، وقيل كفيلا بما وعدك من الجزاء والنصر .
واصبر على ما يقولون من الأذى والسب والاستهزاء ولا تجزع من ذلك واهجرهم هجرا جميلا أي لا تتعرض لهم ولا تشتغل بمكافأتهم ، وقيل الهجر الجميل الذي لا جزع فيه ، وهذا كان قبل الأمر بالقتال .
وذرني والمكذبين أي دعني وإياهم ولا تهتم بهم فإني أكفيك أمرهم وأنتقم لك منهم .
قيل نزلت في المطعمين يوم بدر ، وهم عشرة وقد تقدم ذكرهم .
وقال : هم يحيى بن سلام بنو المغيرة .
وقال : أخبرت أنهم اثنا عشر سعيد بن جبير أولي النعمة أي أرباب الغنى والسعة والترفه واللذة في الدنيا ومهلهم قليلا أي تمهيلا قليلا على أنه نعت لمصدر محذوف ، أو زمانا قليلا [ ص: 1547 ] على أنه صفة لزمان محذوف ، والمعنى أمهلهم إلى انقضاء آجالهم ، وقيل إلى نزول عقوبة الدنيا بهم كيوم بدر .
والأول أولى لقوله : إن لدينا أنكالا وما بعده فإنه وعيد لهم بعذاب الآخرة ، والأنكال جمع نكل وهو القيد ، كذا قال الحسن ، ومجاهد وغيرهما وقال الكلبي : الأنكال : الأغلال ، والأول أعرف في اللغة ، ومنه قول الخنساء :
أتوك فقطعت أنكالهم وقد كن قبلك لا تقطع
وقال : هي قيود لا تحل وجحيما أي نار مؤججة . أبو عمران الجوني
وطعاما ذا غصة أي لا يسوغ في الحلق بل ينشب فيه ، فلا ينزل ولا يخرج .
قال ، مجاهد ، : هو الزقوم .
وقال ، ، : هو الضريع كما قال : الزجاج ليس لهم طعام إلا من ضريع [ الغاشية : 6 ] قال : وهو شوك العوسج .
قال عكرمة هو شوك يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج ، والغصة : الشجا في الحلق ، وهو ما ينشب فيه من عظم أو غيره وجمعها غصص وعذابا أليما أي ونوعا آخر من العذاب غير ما ذكر .
يوم ترجف الأرض والجبال انتصاب الظرف إما بـ ( ذرني ) أو بالاستقرار المتعلق به لدينا أو هو صفة ل ( عذابا ) فيتعلق بمحذوف : أي عذابا واقعا يوم ترجف ، أو متعلق بـ ( أليما ) .
قرأ الجمهور ترجف بفتح التاء وضم الجيم مبنيا للفاعل ، وقرأ على البناء للمفعول ، مأخوذ من أرجفها ، والمعنى : تتحرك وتضطرب بمن عليها ، والرجفة : الزلزلة والرعدة الشديدة زيد بن علي وكانت الجبال كثيبا مهيلا أي وتكون الجبال ، وإنما عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه ، والكثيب : الرمل المجتمع ، والمهيل : الذي يمر تحت الأرجل .
قال الواحدي : أي رملا سائلا : يقال لكل شيء أرسلته إرسالا من تراب أو طعام : أهلته هيلا .
قال الضحاك ، والكلبي : المهيل : الذي إذا وطئته بالقدم زل من تحتها ، وإذا أخذت أسفله انهال ، ومنه قول حسان :
عرفت ديار زينب بالكثيب كخط الوحي في الورق القشيب
فعصى فرعون الرسول الذي أرسلناه إليه وكذبه ولم يؤمن بما جاء به ، ومحل الكاف النصب على أنها نعت لمصدر محذوف ، والمعنى : إنا أرسلنا إليكم رسولا فعصيتموه كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصاه فأخذناه أخذا وبيلا أي شديدا ثقيلا غليظا ، والمعنى : عاقبنا فرعون عقوبة شديدة غليظة بالغرق ، وفيه تخويف لأهل مكة أنه سينزل بهم من العقوبة مثل ما نزل به وإن اختلف نوع العقوبة .
قال : أي ثقيلا غليظا ، ومنه قيل للمطر وابل . الزجاج
وقال الأخفش : شديدا ، والمعنى متقارب ، ومنه طعام وبيل : إذا كان لا يستمرأ ، ومنه قول الخنساء :
لقد أكلت بجيلة يوم لاقت فوارس مالك أكلا وبيلا
قال الحسن : أي كيف تتقون يوما يجعل الولدان شيبا إن كفرتم ، وكذا قرأ ، ابن مسعود وعطية ، ويوما مفعول به لتتقون .
قال : ومنهم من نصب اليوم بكفرتم ، وهذا قبيح ، والولدان الصبيان . ابن الأنباري
ثم زاد في فقال : وصف ذلك اليوم بالشدة السماء منفطر به أي متشققة به لشدته وعظيم هوله ، والجملة صفة أخرى ليوم ، والباء سببية ، وقيل هي بمعنى " في " : أي منفطر فيه ، وقيل بمعنى اللام : أي منفطر له ، وإنما قال منفطر ولم يقل منفطرة لتنزيل السماء منزلة شيء لكونها قد تغيرت ، ولم يبق منها إلا ما يعبر عنه بالشيء .
وقال : لم يقل منفطرة ؛ لأن مجازها السقف ، كما قال الشاعر : أبو عمرو بن العلاء
فلو رفع السماء إليه قوما لحقنا بالسماء وبالسحاب
وقال أبو علي الفارسي : هو من باب الجراد المنتشر والشجر الأخضر ، و أعجاز نخل منقعر [ القمر : 20 ] قال أيضا : أي السماء ذات انفطار كقولهم : امرأة مرضع : أي ذات إرضاع على طريق النسب ، وانفطارها لنزول الملائكة كما قال : إذا السماء انفطرت [ الانفطار : 1 ] وقوله : تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن وقيل منفطر به : أي بالله والمراد بأمره ، والأول أولى كان وعده مفعولا أي وكان وعد الله بما وعد به من البعث والحساب وغير ذلك كائنا لا محالة ، والمصدر مضاف إلى فاعله ، أو وكان وعد اليوم مفعولا ، فالمصدر مضاف إلى مفعوله .
وقال مقاتل : كان وعده أن يظهر دينه على الدين كله .
وقد أخرج أحمد ، ومسلم ، وأبو داود ، ، والنسائي ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، والبيهقي في سننه عن سعد بن هشام قال : لعائشة : أنبئيني عن قيام رسول الله ، قالت : ألست تقرأ هذه السورة ياأيها المزمل ؟ قلت : بلى ، قالت : فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم ، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا ، ثم أنزل التخفيف في آخر هذه السورة ، فصار قيام الليل تطوعا من بعد فرضه . قلت
وقد روي هذا الحديث عنها من طرق .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر ، ، والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن قال : لما نزلت أول المزمل كانوا [ ص: 1548 ] يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها ، وكان بين أولها وآخرها نحو من سنة . ابن عباس
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن نصر عن قال : لما نزلت يا أيها المزمل قاموا حولا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت أبي عبد الرحمن السلمي فاقرءوا ما تيسر منه فاستراح الناس .
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن نصر ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه من طريق عكرمة عن قال : في المزمل ابن عباس قم الليل إلا قليلا نصفه نسختها الآية التي فيها علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن وناشئة الليل أوله كان صلاتهم أول الليل ، يقول هذا أجدر أن تحصوا ما فرض الله عليكم من قيام الليل ، وذلك أن الإنسان إذا نام لم يدر متى يستيقظ ، وقوله : أقوم قيلا هو أجدر أن يفقه قراءة القرآن ، وقوله : إن لك في النهار سبحا طويلا يقول فراغا طويلا .
وأخرج الحاكم وصححه عنه في قوله : ياأيها المزمل قال : زملت هذا الأمر فقم به .
وأخرج ابن المنذر عنه في الآية أيضا قال : يتزمل بالثياب .
وأخرج عن الفريابي أبي صالح عنه أيضا ورتل القرآن ترتيلا قال : تقرأ آيتين ثلاثا ثم تقطع لا تهدر .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد وابن منيع في مسنده وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر عنه أيضا ورتل القرآن ترتيلا قال : بينه تبيينا .
وأخرج العسكري في المواعظ عن مرفوعا نحوه . علي بن أبي طالب
وأخرج أحمد ، ، وعبد بن حميد ، وابن جرير وابن نصر ، والحاكم وصححه عن عائشة إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا . أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها ، فما تستطيع أن تتحرك حتى يسري عنه ، وتلت
وأخرج ، ، سعيد بن منصور ، ، وعبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر ، وابن نصر ، والبيهقي في سننه عن في قوله : ابن عباس إن ناشئة الليل قال : قيام الليل بلسان الحبشة إذا قام الرجل قالوا : نشأ .
وأخرج البيهقي عنه قال : ناشئة الليل أوله .
وأخرج ابن المنذر ، وابن نصر عنه أيضا قال : الليل كله ناشئة .
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن قال : ابن مسعود ناشئة الليل بالحبشة قيام الليل .
وأخرج في المصنف ابن أبي شيبة وابن نصر ، والبيهقي في سننه عن قال أنس بن مالك ناشئة الليل ما بين المغرب والعشاء .
وأخرج ، عبد بن حميد وابن نصر ، وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى عن في ابن عباس إن لك في النهار سبحا طويلا قال : السبح : الفراغ للحاجة والنوم . قوله :
وأخرج أبو يعلى ، ، وابن جرير وابن المنذر ، والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت : لما نزلت وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا لم يكن إلا يسيرا حتى كانت وقعة بدر .
وأخرج عن عبد بن حميد ابن مسعود إن لدينا أنكالا قال : قيودا .
وأخرج ، عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن جرير وابن المنذر ، والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس وطعاما ذا غصة قال : شجرة الزقوم .
وأخرج الحاكم وصححه عنه في قوله : كثيبا مهيلا قال : المهيل الذي إذا أخذت منه شيئا تبعك آخره .
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، عنه أيضا وابن أبي حاتم كثيبا مهيلا قال : الرمل السائل ، وفي قوله : أخذا وبيلا قال : شديدا .
وأخرج ، الطبراني وابن مردويه عنه أيضا يجعل الولدان شيبا قال : ذلك يوم القيامة ، وذلك يوم يقول الله لآدم : قم فابعث من ذريتك بعثا إلى النار ، قال : من كم يا رب ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون وينجو واحد ، فاشتد ذلك على المسلمين ، فقال حين أبصر ذلك في وجوههم : إن بني آدم كثير ، وإن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ، إنه لا يموت رجل منهم حتى يرثه لصلبه ألف رجل ، ففيهم وفي أشباههم جنة لكم . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ
وأخرج ابن المنذر عن نحوه بأخصر منه . ابن مسعود
وأخرج ، الفريابي ، وابن جرير من طريق وابن أبي حاتم عكرمة عن في قوله : ابن عباس السماء منفطر به قال : ممتلئة بلسان الحبشة .
وأخرج عنه قال : مثقلة : موقرة . ابن أبي حاتم
وأخرج عنه أيضا في الآية قال : يعني تشقق السماء . ابن أبي حاتم