9727 عن معمر قال : أخبرني أيوب ، عن عكرمة : أبا سفيان ، أقبل من الشام في عير لقريش ، وخرج المشركون مغوثين لعيرهم ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم يريد أبا سفيان وأصحابه ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه عينا طليعة ، ينظران بأي ماء هو ، فانطلقا حتى إذا علما علمه ، وخبرا خبره ، جاءا سريعين فأخبرا النبي صلى الله عليه وسلم ، وجاء أبو سفيان حتى نزل على الماء الذي كان به
[ ص: 349 ] الرجلان ، فقال لأهل الماء : هل أحسستم أحدا من أهل يثرب ؟ قال : فهل مر بكم أحد ؟ قالوا : ما رأينا إلا رجلين من أهل كذا وكذا ، قال أبو سفيان : فأين كان مناخهما ؟ فدلوه عليه ، فانطلق حتى أتى بعرا لهما ففته ، فإذا فيه النوى فقال : أنى لبني فلان هذا النوى ؟ هذي نواضح أهل يثرب ، فترك الطريق ، وأخذ سيف البحر ، وجاء الرجلان فأخبرا النبي صلى الله عليه وسلم خبره فقال : " " أيكم أخذ هذه الطريق ؟ " " قال أبو بكر رحمه الله : أنا ، هو بماء كذا وكذا ، ونحن بماء كذا وكذا ، فيرتحل فينزل بماء كذا وكذا ، وننزل بماء كذا وكذا ، ثم ينزل بماء كذا وكذا ، وننزل بماء كذا وكذا ، ثم نلتقي بماء كذا وكذا ، كأنا فرسا رهان ، فسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل بدرا فوجد على ماء بدر بعض رقيق قريش ممن خرج يغيث أبا سفيان فأخذهم أصحابه ، فجعلوا يسألونهم ، فإذا صدقوهم ضربوهم ، وإذا كذبوهم تركوهم ، فمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يفعلون ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " " إن صدقوكم ضربتموهم ، وإذا كذبوكم تركتموهم " " ، ثم دعا واحدا منهم فقال : " " من يطعم القوم ؟ " " قال : فلان وفلان فعد رجالا يطعمهم كل رجل منهم يوما قال : " " فكم ينحر لهم ؟ " " قال : عشرا من الجزور ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " " الجزور بمائة " " وهم بين الألف
[ ص: 350 ] والتسعمائة قال : فلما جاء المشركون وصافوهم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد استشار قبل ذلك في قتالهم ، فقام أبو بكر يشير عليه ، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم ثم استشار ، فقام عمر يشير عليه فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم استشارهم ، فقام فقال : يا نبي الله لكأنك تعرض بنا اليوم لتعلم ما في نفوسنا ، والذي نفسي بيده لو ضربت أكبادها حتى سعد بن عبادة برك الغماد من ذي يمن لكنا معك ، فوطن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على الصبر والقتال ، وسر بذلك منهم ، فلما التقوا سار في قريش عتبة بن ربيعة فقال : أي قومي أطيعوني ولا تقاتلوا محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنكم إن قاتلتموهم لم يزل بينكم إحنة ما بقيتم ، وفساد لا يزال الرجل منكم ينظر إلى قاتل أخيه ، وإلى قاتل ابن عمه ، فإن يكن ملكا أكلتم في ملك أخيكم ، وإن يك نبيا فأنتم أسعد الناس به ، وإن يك كاذبا كفتكموه ذوبان العرب ، فأبوا أن يسمعوا مقالته ، وأبوا أن يطيعوه فقال : أنشدكم الله في هذه الوجوه التي كأنها المصابيح أن تجعلوها أندادا لهذه الوجوه ، التي كأنها عيون الحيات فقال أبو جهل : لقد ملأت سحرك رعبا [ ص: 351 ] ثم سار في قريش ، ثم قال : إن عتبة بن ربيعة إنما يشير عليكم بهذا لأن ابنه مع محمد صلى الله عليه وسلم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ابن عمه ، فهو يكره أن يقتل ابنه وابن عمه ، فغضب عتبة بن ربيعة فقال : أي مصفر استه ستعلم أينا أجبن وألأم ، وأفشل لقومه اليوم ، ثم نزل ونزل معه أخوه شيبة بن ربيعة وابنه فقالوا : أبرز إلينا أكفاءنا ، فثار ناس من الوليد بن عتبة بني الخزرج ، فأجلسهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام علي ، وحمزة ، ، فاختلف كل رجل منهم وقرينه ضربتين فقتل كل واحد منهم صاحبه ، وأعان وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف حمزة عليا على صاحبه فقتله ، وقطعت رجل عبيدة فمات بعد ذلك ، وكان أول قتيل قتل من المسلمين مهجع مولى عمر ، ثم أنزل الله نصره ، وهزم عدوه ، وقتل أبو جهل بن هشام ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " " أفعلتم ؟ " " قالوا : نعم يا نبي الله فسر بذلك وقال : " " إن عهدي به في ركبتيه حور فاذهبوا فانظروا هل ترون ذلك ؟ " " قال : فنظروا ، فرأوه قال : [ ص: 352 ] وأسر يومئذ ناس من قريش ثم ، ثم أشرف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقتلى ، فجروا حتى ألقوا في قليب عتبة بن ربيعة أي أمية بن خلف فجعل يسميهم بأسمائهم رجلا رجلا هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ " " قالوا : يا نبي الله ويسمعون ما تقول ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " " ما أنتم بأعلم بما أقول منهم " " أي إنهم قد رأوا أعمالهم ، قال معمر : وسمعت يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث يومئذ هشام بن عروة بشيرا يبشر أهل زيد بن حارثة المدينة ، فجعل ناس لا يصدقونه ويقولون : والله ما رجع هذا إلا فارا ، وجعل يخبرهم بالأسارى ، ويخبرهم بمن قتل ، فلم يصدقوه حتى جيء بالأسارى ، مقرنين في قد ، ثم فاداهم النبي صلى الله عليه وسلم . أن