جماع أبواب الأفعال المباحة في الصيام مما قد اختلف العلماء في إباحتها
( 81 ) باب الرخصة في
nindex.php?page=treesubj&link=2477المباشرة التي هي دون الجماع للصائم والدليل على أن اسم الواحد قد يقع على فعلين ، أحدهما مباح ، والآخر محظور ، إذ اسم المباشرة قد أوقعه الله في نص كتابه على الجماع ، ودل الكتاب على أن الجماع في الصوم محظور ، قال
المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=992007 " إن nindex.php?page=treesubj&link=2467الجماع يفطر الصائم " ، والنبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قد دل بفعله على أن المباشرة التي هي دون الجماع مباحة في الصوم غير مكروهة .
1998 - حدثنا
محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر - يعني ابن المفضل - ، حدثنا
ابن عون ، عن
إبراهيم ، عن
الأسود قال : انطلقت أنا
ومسروق إلى أم المؤمنين نسألها عن المباشرة ، فاستحيينا قال : قلت : جئنا نسأل حاجة فاستحيينا ، فقالت : ما هي ؟ سلا عما بدا لكما قال : قلنا : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يباشر وهو صائم ؟ قالت : " قد كان يفعل ، ولكنه كان أملك لإربه منكم " .
قال
أبو بكر : إنما خاطب الله جل ثناؤه نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأمته بلغة العرب أوسع اللغات كلها ، التي لا يحيط بعلم جميعها أحد غير نبي ، والعرب في لغاتها توقع اسم الواحد على شيئين ، وعلى أشياء ذوات عدد ، وقد يسمى الشيء
[ ص: 960 ] الواحد بأسماء ، وقد يزجر الله عن الشيء ، ويبيح شيئا آخر غير الشيء المزجور عنه ، ووقع اسم الواحد على الشيئين جميعا : على المباح ، وعلى المحظور ، وكذلك قد يبيح الشيء المزجور عنه ، ووقع اسم الواحد عليهما جميعا ، فيكون اسم الواحد واقعا على الشيئين المختلفين ، أحدهما مباح ، والآخر محظور ، واسمهما واحد ، فلم يفهم هذا من سفه لسان العرب ، وحمل المعنى في ذلك على شيء واحد يوهم أن الأمرين متضادان إذ أبيح فعل مسمى باسم ، وحظر فعل تسمى بذلك الاسم سواء . فمن كان هذا مبلغه من العلم ، لم يحل له تعاطي الفقه ، ولا الفتيا ، ووجب عليه التعلم ، أو السكت ، إلى أن يدرك من العلم ما يجوز معه الفتيا ، وتعاطي العلم ، ومن فهم هذه الصناعة علم أن ما أبيح غير ما حظر ، وإن كان اسم الواحد قد يقع على المباح وعلى المحظور جميعا ، فمن هذا الجنس الذي ذكرت أن الله - عز وجل - دل في كتابه أن مباشرة النساء في نهار الصوم غير جائز بقوله - تبارك وتعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل [ البقرة : 187 ] فأباح الله - عز وجل - مباشرة النساء والأكل والشرب بالليل ، ثم أمرنا بإتمام الصيام إلى الليل ، على أن المباشرة المباحة بالليل المقرونة إلى الأكل والشرب هي الجماع المفطر للصائم ، وأباح الله - عز وجل - بفعل النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - المباشرة التي هي دون الجماع في الصيام ، إذ كان يباشر وهو صائم ، والمباشرة التي ذكر الله في كتابه أنها تفطر الصائم هي غير المباشرة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يباشرها في صيامه .
والمباشرة اسم واحد واقع على فعلين : إحداهما مباحة في نهار الصوم ، والأخرى : محظورة في نهار الصوم ، مفطرة للصائم .
ومن هذا الجنس قوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع [ الجمعة : 9 ] فأمر ربنا - جل وعلا - بالسعي إلى الجمعة ، والنبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=992008إذا أتيتم الصلاة فلا [ ص: 961 ] تأتوها وأنتم تسعون ، ايتوها تمشون وعليكم السكينة " فاسم السعي يقع على الهرولة ، وشدة المشي ، والمضي إلى الموضع ، فالسعي الذي أمر الله به أن يسعى إلى الجمعة ، هو المضي إليها ، والسعي الذي زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه إتيان الصلاة هو الهرولة وسرعة المشي ، فاسم السعي واقع على فعلين : أحدهما مأمور ، والآخر منهي عنه ، وسأبين إن شاء الله تعالى هذا الجنس في كتاب معاني القرآن إن وفق الله لذلك " .
جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ فِي الصِّيَامِ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِبَاحَتِهَا
( 81 ) بَابُ الرُّخْصَةِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=2477الْمُبَاشَرَةِ الَّتِي هِيَ دُونَ الْجِمَاعِ لِلصَّائِمِ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْوَاحِدِ قَدْ يَقَعُ عَلَى فِعْلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا مُبَاحٌ ، وَالْآخَرُ مَحْظُورٌ ، إِذِ اسْمُ الْمُبَاشَرَةِ قَدْ أَوْقَعَهُ اللَّهُ فِي نَصِّ كِتَابِهِ عَلَى الْجِمَاعِ ، وَدَلَّ الْكِتَابُ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ فِي الصَّوْمِ مَحْظُورٌ ، قَالَ
الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=992007 " إِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=2467الْجِمَاعَ يُفْطِرُ الصَّائِمَ " ، وَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ دَلَّ بِفِعْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الَّتِي هِيَ دُونَ الْجِمَاعِ مُبَاحَةٌ فِي الصَّوْمِ غَيْرَ مَكْرُوهَةٍ .
1998 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15535بِشْرٌ - يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ - ، حَدَّثَنَا
ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ
الْأَسْوَدِ قَالَ : انْطَلَقْتُ أَنَا
وَمَسْرُوقٌ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ نَسْأَلُهَا عَنِ الْمُبَاشَرَةِ ، فَاسْتَحْيَيْنَا قَالَ : قُلْتُ : جِئْنَا نَسْأَلُ حَاجَةً فَاسْتَحْيَيْنَا ، فَقَالَتْ : مَا هِيَ ؟ سَلَا عَمَّا بَدَا لَكُمَا قَالَ : قُلْنَا : كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ؟ قَالَتْ : " قَدْ كَانَ يَفْعَلُ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَ لِإِرْبِهِ مِنْكُمْ " .
قَالَ
أَبُو بَكْرٍ : إِنَّمَا خَاطَبَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتَهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ أَوْسَعِ اللُّغَاتِ كُلِّهَا ، الَّتِي لَا يُحِيطُ بِعِلْمِ جَمِيعِهَا أَحَدٌ غَيْرُ نَبِيٍّ ، وَالْعَرَبُ فِي لُغَاتِهَا تُوقِعُ اسْمَ الْوَاحِدِ عَلَى شَيْئَيْنِ ، وَعَلَى أَشْيَاءَ ذَوَاتِ عَدَدٍ ، وَقَدْ يُسَمَّى الشَّيْءُ
[ ص: 960 ] الْوَاحِدُ بِأَسْمَاءَ ، وَقَدْ يَزْجُرُ اللَّهُ عَنِ الشَّيْءِ ، وَيُبِيحُ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ الشَّيْءِ الْمَزْجُورِ عَنْهُ ، وَوَقَعَ اسْمُ الْوَاحِدِ عَلَى الشَّيْئَيْنِ جَمِيعًا : عَلَى الْمُبَاحِ ، وَعَلَى الْمَحْظُورِ ، وَكَذَلِكَ قَدْ يُبِيحُ الشَّيْءَ الْمَزْجُورَ عَنْهُ ، وَوَقَعَ اسْمُ الْوَاحِدِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا ، فَيَكُونُ اسْمُ الْوَاحِدِ وَاقِعًا عَلَى الشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ ، أَحَدُهُمَا مُبَاحٌ ، وَالْآخَرُ مَحْظُورٌ ، وَاسْمُهُمَا وَاحِدٌ ، فَلَمْ يَفْهَمْ هَذَا مَنْ سَفِهَ لِسَانَ الْعَرَبِ ، وَحَمَلَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ يُوهِمُ أَنَّ الْأَمْرَيْنِ مُتَضَادَّانِ إِذْ أُبِيحَ فِعْلٌ مُسَمًّى بِاسْمٍ ، وَحُظِرَ فِعْلٌ تَسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ سَوَاءً . فَمَنْ كَانَ هَذَا مَبْلَغُهُ مِنَ الْعِلْمِ ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ تَعَاطِي الْفِقْهِ ، وَلَا الْفُتْيَا ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ ، أَوِ السَّكْتُ ، إِلَى أَنْ يُدْرِكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا يَجُوزُ مَعَهُ الْفُتْيَا ، وَتَعَاطِي الْعِلْمِ ، وَمَنْ فَهِمَ هَذِهِ الصَّنَاعَةَ عَلِمَ أَنَّ مَا أُبِيحَ غَيْرُ مَا حُظِرَ ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الْوَاحِدِ قَدْ يَقَعُ عَلَى الْمُبَاحِ وَعَلَى الْمَحْظُورِ جَمِيعًا ، فَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - دَلَّ فِي كِتَابِهِ أَنَّ مُبَاشَرَةَ النِّسَاءِ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ غَيْرُ جَائِزٍ بِقَوْلِهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [ الْبَقَرَةِ : 187 ] فَأَبَاحَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مُبَاشَرَةَ النِّسَاءِ وَالْأَكْلَ وَالشُّرْبَ بِاللَّيْلِ ، ثُمَّ أَمَرَنَا بِإِتْمَامِ الصِّيَامِ إِلَى اللَّيْلِ ، عَلَى أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْمُبَاحَةَ بِاللَّيْلِ الْمَقْرُونَةَ إِلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ هِيَ الْجِمَاعُ الْمُفَطِّرُ لِلصَّائِمِ ، وَأَبَاحَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِفِعْلِ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَاشَرَةَ الَّتِي هِيَ دُونَ الْجِمَاعِ فِي الصِّيَامِ ، إِذْ كَانَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَالْمُبَاشَرَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهَا تُفَطِّرُ الصَّائِمَ هِيَ غَيْرُ الْمُبَاشَرَةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَاشِرُهَا فِي صِيَامِهِ .
وَالْمُبَاشَرَةُ اسْمٌ وَاحِدٌ وَاقِعٌ عَلَى فِعْلَيْنِ : إِحْدَاهُمَا مُبَاحَةٌ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ ، وَالْأُخْرَى : مَحْظُورَةٌ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ ، مُفَطِّرَةٌ لِلصَّائِمِ .
وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [ الْجُمُعَةِ : 9 ] فَأَمَرَ رَبُّنَا - جَلَّ وَعَلَا - بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ ، وَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=992008إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا [ ص: 961 ] تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ ، ايتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ " فَاسْمُ السَّعْيِ يَقَعُ عَلَى الْهَرْوَلَةِ ، وَشِدَّةِ الْمَشْيِ ، وَالْمُضِيِّ إِلَى الْمَوْضِعِ ، فَالسَّعْيُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُسْعَى إِلَى الْجُمُعَةِ ، هُوَ الْمُضِيُّ إِلَيْهَا ، وَالسَّعْيُ الَّذِي زَجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ إِتْيَانَ الصَّلَاةِ هُوَ الْهَرْوَلَةُ وَسُرْعَةُ الْمَشْيِ ، فَاسْمُ السَّعْيِ وَاقِعٌ عَلَى فِعْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا مَأْمُورٌ ، وَالْآخَرُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، وَسَأُبَيِّنُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْجِنْسَ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ إِنْ وَفَّقَ اللَّهُ لِذَلِكَ " .