مالك ، عن ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة ، أن حمران مولى عثمان بن عفان جلس على المقاعد فجاء المؤذن فآذنه بصلاة العصر ، فدعا بماء فتوضأ ثم قال : والله لأحدثنكم حديثا لولا أنه في كتاب الله ما حدثتكموه ، ثم قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : عثمان بن عفان قال ما من امرئ يتوضأ فيحسن [ ص: 211 ] وضوءه ، ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها مالك : أراه يريد هذه الآية : ( ذلك ذكرى للذاكرين وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) .
، وهو ابن عم وحمران مولى عثمان هو حمران بن أعين بن خالد بن عبد عمرو بن عقيل بن كعب بن سعد بن جندلة بن مسلم بن أوس بن زيد مناة بن النمر بن قاسط ، يلتقي هو صهيب بن سنان وصهيب في خالد بن عبد عمرو ، وكان حمران من سبي عين النمر ، وهو أول سبي دخل المدينة في خلافة ، سباه أبي بكر الصديق فرآه غلاما أحمر مختونا كيسا فتوجه به إلى خالد بن الوليد عثمان - رضي الله عنه - فأعتقه ، ودار حمران بالبصرة مشرفة على رحبة المسجد الجامع ، وكان عثمان أقطعه إياها وأقطعه أيضا أرضا على فراسخ من الأيلة فيما يلي البحر ، ذكر ذلك أهل السير والعلم بالخبر ، قالوا : وكان حمران أحد العلماء الجلة أهل الوداعة والرأي والشرف بولائه ونسبه ، وهو أحد الشاهدين على بشرب الخمر فجلده بشهادته الوليد بن عقبة علي ، جعل ذلك إليه عثمان ، وتولى ضرب الوليد بيده بأمر عبد الله بن جعفر علي له بذلك ، وكان جلده له أربعين جلدة .
وهكذا روى هذا الحديث عن مالك جماعة رواة الموطأ وغيره ، وليس فيه صفة الوضوء ثلاثا ولا اثنتين ، وقد رواه جماعة ، عن بإسناده ، عن [ ص: 212 ] هشام بن عروة ، عن عروة حمران ، عن عثمان ، فذكروا فيه ؛ المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه واليدين ثلاثا ثلاثا ، واختلفوا في ألفاظه ، منهم صفة الوضوء شعبة وأبو أسامة وجماعة ، ورواه عن وابن عيينة جماعة أيضا منهم عروة أبو الزناد وأبو الأسود وعبد الله بن أبي بكر ، وفي حديثهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا ثلاثا .
حدثنا قال : حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ محمد بن إسماعيل الترمذي قال : حدثنا قال : حدثنا الحميدي سفيان قال : حدثنا ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة حمدان قال : على المقاعد ثلاثا ثلاثا وقال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ عثمان بن عفان ، ثم قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : توضأ ما من رجل يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها .
ففي هذا الحديث - والحمد لله - أن ، وهو تأويل قول الله - عز وجل - : ( الصلاة تكفر الذنوب إن الحسنات يذهبن السيئات ) على حسبما نزع به مالك - رحمه الله - والقول في هذا عندي كالقول في حديثه - صلى الله عليه وسلم - : الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما فسبحان المتفضل المنعم المحسن هو الله وحده لا شريك له .
وقد روى هذا الحديث - أعني حديث الوضوء - عن حمران جماعة كثيرة من الجلة ومن دونهم ، منهم ، عروة وعطاء بن يزيد الليثي ، ، وجامع بن شداد أبو صخرة ، ومعبد الجهني ، وشقيق بن سلمة أبو وائل ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ومسلم بن يسار ، ، ومحمد بن كعب القرظي ، وموسى بن طلحة وزيد [ ص: 213 ] بن أسلم ، ، ومحمد بن المنكدر ، ومجاهد بن جبير ومعاذ بن عبد الرحمن ، وغيرهم ، كلهم ، عن وعبد الملك بن عمير حمران ، عن عثمان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن ألفاظهم عن حمران مختلفة ، ولكنها متقاربة المعنى .
وأما قوله : لولا أن في كتاب الله ، فاختلف في هذه اللفظة ، فطائفة روت " لولا أنه في كتاب الله " بالنون وهاء الضمير ، وطائفة روت " لولا آية في كتاب الله " بالياء وتاء التأنيث ، وقد روي عن أن الآية قوله : ( عروة إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ) الآية ، وروى آخرون كما قال مالك : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) الآية ، وعلى هذا المعنى ينبغي أن تكون الرواية " لولا أنه " بالنون وهاء الضمير ، والله أعلم .
وقول مالك أراه يريد هذه الآية يحتمل الوجهين جميعا أيضا .
وأما قوله : ، فقيل : هي الدكاكين كانت عند باب دار على المقاعد عثمان كانوا يجلسون عليها فسميت المقاعد ، والله أعلم .
وقوله : آذنه بصلاة العصر ، يريد أعلمه بحضورها ، ومن هذا قول الحارث بن حلزة :
آذنتنا ببينها أسماء
حدثنا قال : حدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا الحسن بن رشيق إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال : حدثنا أحمد بن سليمان بن نوفل المعمري قال : حدثنا مالك بن يحيى بن عمرو بن مالك البكري ، عن أبيه ، عن جده ، عن ، عن أبي الجوزاء ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ابن عباس لم أر شيئا أحسن طلبا ولا أحسن إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم ، ثم قرأ : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) .