الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة أنها قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017275إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي الصبح ، فينصرف النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس .
في هذا الحديث nindex.php?page=treesubj&link=851_855التغليس بصلاة الصبح ، وهو الأفضل عندنا ; لأنها كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر ، وعمر ، ألا ترى إلى كتاب عمر إلى عماله أن صلوا الصبح والنجوم بادية مشتبكة .
وإلى هذا ذهب مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وعامة فقهاء الحجاز ، وإليه ذهب داود بن علي ، وقد روينا : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر ، وعمر كانوا يغلسون بالصبح ، فلما قتل عمر أسفر بها عثمان .
ومن nindex.php?page=treesubj&link=855حجة من ذهب إلى أن التغليس أفضل من الصبح حديث أم فروة : ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر العمري ، عن القاسم بن غنام ، عن بعض أمهاته أو جداته ، عن أم فروة ، وكانت قد بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017277سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=treesubj&link=30476_24589أي الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة لأول وقتها .
[ ص: 386 ] وذكر أبو داود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي ، ومحمد بن عبد الله الخزاعي جميعا ، عن العمري ، عن القاسم بن غنام ، عن بعض أمهاته ، عن أم فروة قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017278سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=30476أي الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة في أول وقتها .
وذهب العراقيون قديما وحديثا إلى الإسفار بها ، وقالوا : nindex.php?page=treesubj&link=856الإسفار بها أفضل .
واحتج من ذهب مذهبهم بحديث nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017279أسفروا بالفجر ، فإنه أعظم للأجر .
وبعضهم يزيد في هذا الحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011319أسفروا بالفجر ، فكلما أسفرتم ، فهو أعظم للأجر .
حدثنا أحمد بن قاسم حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14060الحارث بن أبي أسامة حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=17000ابن عجلان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011319أسفروا بالفجر ، فكلما أسفرتم ، فهو أعظم للأجر .
قال أبو عمر : هذا الحديث إنما يدور على nindex.php?page=showalam&ids=16277عاصم بن عمر ، وليس بالقوي ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17000محمد بن عجلان ، عن عاصم [ ص: 387 ] بن عمر بن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017280أسفروا بصلاة الغداة ، فإنه أعظم لأجركم .
وذكره أبو داود ، عن إسحاق بن إسماعيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة - بإسناده مثله - إلا أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017281أصبحوا بالصبح ، فإنه أعظم لأجوركم .
وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11994أبو خالد الأحمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17000محمد بن عجلان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017282أسفروا بالفجر ، فإنه كلما أسفرتم كان أعظم للأجر .
وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011319أسفروا بالفجر ، فكلما أسفرتم ، فهو أعظم للأجر .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق - أيضا - ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن سعيد بن عبيد الطائي ، عن علي بن ربيعة قال : سمعت عليا يقول لمؤذنه : أسفر ، أسفر يعني بصلاة الصبح .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : كان عبد الله يسفر بصلاة الغداة .
[ ص: 388 ] .
قال أبو عمر : على مذهب علي ، وعبد الله في هذا الباب - جماعة أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وإلى ذلك ذهب فقهاء الكوفيين ، وقد يحتمل أن يكون nindex.php?page=treesubj&link=856الإسفار المذكور في حديث nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج ، وفي هذا الحديث عن علي ، وعبد الله يراد به وضوح الفجر وبيانه ، فإذا انكشف الفجر ، فذلك الإسفار المراد ، - والله أعلم - .
من ذلك قول العرب : أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته ، وذلك أن من كان شأنه التغليس جدا لم يومن عليه الصلاة قبل الوقت ، فلهذا قيل لهم : أسفروا أي تبينوا ، وإلى هذا التأويل في الإسفار ذهب جماعة من أهل العلم منهم أحمد ، وإسحاق ، وداود .
حدثنا عبيد بن محمد ، وأحمد بن محمد قالا : حدثنا الحسن بن سلمة قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12644عبد الله بن الجارود قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بن حنبل : ما الإسفار ؟ فقال : الإسفار أن يتضح الفجر ، فلا تشك فيه أنه قد طلع الفجر ، قال إسحاق كما قال .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13665أبو بكر الأثرم : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل : كان أبو نعيم يقول في حديث nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017283أسفروا بالفجر [ ص: 389 ] وكلما أسفرتم بها ، فهو أعظم للأجر فقال : نعم كله سواء ، إنما هو إذا تبين الفجر ، فقد أسفر .
قال أبو عمر : على هذا التأويل ينتفي التعارض والتدافع في الأحاديث في هذا الباب ، وهو أولى ما حملت عليه ، والأحاديث في التغليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أثبت من جهة النقل ، وعليها فقهاء الحجاز في صلاة الصبح عند أول الفجر الآخر .
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قلت لعطاء : أي حين أحب إليك أن أصلي الصبح إماما وخلوا ؟ قال : حين ينفجر الفجر الآخر ، ثم يطول في القراءة والركوع والسجود حتى ينصرف منها وقد تبلج النهار وتتآم الناس قال : ولقد بلغني عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه كان يصليها حين ينفجر الفجر الآخر ، وكان يقرأ في إحدى الركعتين بسورة يوسف .
قال أبو عمر : إنما ذكرنا هاهنا مذاهب العلماء في الأفضل من التغليس بالصبح والإسفار بها ، وقد ذكرنا أوقات الصلوات مجملة ومفسرة في باب nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، وجرى ذكر وقت صلاة الصبح في مواضع من هذا الكتاب ، والحمد لله .
[ ص: 390 ] وفي هذا الحديث nindex.php?page=treesubj&link=1615شهود النساء في الصلوات في الجماعة ، ويؤكد ذلك قوله : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله .
وسيأتي هذا المعنى مبسوطا ممهدا في باب يحيى ، عن عمرة ، عن عائشة قولها : لو أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أحدث النساء بعده لمنعهن المسجد - إن شاء الله .
وأما قوله : متلففات بالفاء ، فهي رواية يحيى ، وتابعه جماعة ، ورواه كثير منهم متلفعات بالعين ، والمعنى واحد .
والمروط : أكسية الصوف ، وقد قيل : المرط : كساء صوف مربع سداه شعر .
وفي انصراف النساء من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح ، وهن لا يعرفن من الغلس دليل على أن nindex.php?page=treesubj&link=857قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الصبح لم تكن بالسور الطوال جدا ; لأنه لو كان ذلك كذلك لم ينصرف إلا مع الإسفار .
وقد أجمع العلماء على أن لا توقيت في القراءة في الصلوات الخمس ، إلا أنهم يستحبون أن يكون nindex.php?page=treesubj&link=857_868الصبح والظهر أطول قراءة من غيرهما ، والغلس بقية الليل عند أهل اللغة ، ومن ذهب إلى هذا جعل آخر الليل طلوع الشمس ، وضوء الفجر من الشمس ، - والله أعلم - .
والغبش بالشين المنقوطة والباء : النور المختلط بالظلمة ، والغلس والغبش سواء ، إلا أنه لا يكون الغلس إلا في آخر الليل ، وقد يكون الغبش في أول الليل وفي آخره .