وأجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار ، فيما علمت ، على ، وإيجاب العمل به إذا ثبت ، ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع ، على هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا إلا قبول خبر الواحد العدل الخوارج ، وطوائف من أهل البدع ، شرذمة لا تعد خلافا .
وقد أجمع المسلمون على جواز قبول الواحد السائل المستفتي لما يخبره به العالم الواحد إذا استفتاه فيما لا يعلمه ، وقبول خبر الواحد العدل فيما يخبر به مثله ، وقد ذكر الحجة عليهم في ردهم أخبار الآحاد جماعة من أئمة الجماعة ، وعلماء المسلمين .
وقد أفردت لذلك كتابا موعبا كافيا ، والحمد لله .
[ ص: 3 ] ولأئمة فقهاء الأمصار في إنفاذ الحكم بخبر الواحد العدل مذاهب متقاربة ، بعد إجماعهم على ما ذكرت لك من قبوله ، وإيجاب العمل به دون القطع على مغيبه ، فجملة مذهب مالك في ذلك إيجاب العمل بمسنده ومرسله ما لم يعترضه العمل الظاهر ببلده ، ولا يبالي في ذلك من خالفه في سائر الأمصار ، ألا ترى إلى إيجابه العمل بحديث التغليس ، وحديث المصراة ، وحديث أبي القعيس في لبن الفحل ، وقد خالفه في ذلك بالمدينة وغيرها جماعة من العلماء ، وكذلك عنده سواء ، ألا تراه يرسل حديث الشفعة ويعمل به ، ويرسل حديث اليمين مع الشاهد ويوجب القول به ، ويرسل حديث ناقة المرسل في جنايات المواشي ، ويرى العمل به ، ولا يرى العمل بحديث خيار المتبايعين ، ولا بنجاسة ولوغ الكلب ، ولم يدر ما حقيقة ذلك كله ; لما اعترضهما عنده من العمل . البراء بن عازب
ولتلخيص القول في ذلك موضع غير هذا .