الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
746 [ ص: 95 ] حديث ثان لأبي الأسود . مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير أنه أخبره عن عائشة أم المؤمنين قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بالحج وحده ، وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج ، فأما من أهل بعمرة فحل ، وأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر .

التالي السابق


قال أبو عمر : هذا حديث ثابت صحيح ، وقد روي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع ، خرج إلى الحج ، فمن أصحابه من أهل بحج ، ومنهم من جمع الحج والعمرة ، ومنهم من أهل بعمرة ، فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحل ، وأما من كان أهل بعمرة فحل . [ ص: 96 ] وهذا الحديث المرسل داخل في مسند أبي الأسود عن عروة عن عائشة . هذا ، وفيه خروج النساء في سفر الحج مع أزواجهن ، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء . واختلفوا في المرأة لا يكون لها زوج ، ولا ذو محرم منها هل تخرج إلى الحج دون ذلك مع النساء أم لا ؟ وهل المحرم من الاستطاعة أم لا ؟ وسنذكر الاختلاف في ذلك ( إن شاء الله ) في باب سعيد ( بن أبي سعيد ) المقبري من كتابنا هذا عند قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها رواه مالك عن أبي سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفي هذا الحديث أيضا أعني الحديث المذكور في هذا الباب عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة إباحة التمتع بالعمرة إلى الحج ، وإباحة القران ، وهو جمع الحج والعمرة ، وهذا ما لا خلاف بين العلماء فيه ، وإنما اختلفوا في الأفضل في ذلك ، وكذلك اختلفوا فيما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به محرما ( في خاصته ) عام حجة الوداع ، وقد ذكرنا ذلك كله ، وذكرنا الآثار الموجبة لاختلافهم فيه ، وأوضحنا ذلك بما فيه كفاية في باب حديث ابن شهاب [ ص: 97 ] عن عروة من كتابنا هذا ، وفي باب ابن شهاب ، عن محمد بن الحارث بن نوفل ، والحمد لله . وفيه أن من كان قارنا أو مفردا لا يحل دون يوم النحر ، وهذا معناه بطواف الإفاضة فهو الحل كله لمن رمى جمرة العقبة قبل ذلك يوم النحر ضحى ، ثم طاف الطواف المذكور ، وهذا أيضا لا خلاف فيه .



الخدمات العلمية