الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
738 [ ص: 124 ] [ ص: 125 ] حديث تاسع وأربعون لنافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر
مالك ، عن عبد الله بن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=1014240أن nindex.php?page=treesubj&link=3405_3426تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال : وقال عبد الله بن عمر : يزيد فيها لبيك لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير بيديك والرغباء والعمل .
يقال : إنه لم يسمع nindex.php?page=showalam&ids=14430أبو الربيع الزهراني من هذا الحديث ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن قاسم ، حدثنا أبو حذيفة أحمد بن محمد بن علي الدينوري ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13890عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، وحدثنا خلف ، حدثنا محمد بن عبد الله القاضي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17182موسى بن هارون الحمال قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14430سليمان بن داود أبو الربيع الزهراني ، حدثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن [ ص: 126 ] عمر قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014241كانت تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك .
هكذا روى هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=14430أبو الربيع الزهراني لم يذكر زيادة nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وكل من روى الموطأ ذكرها فيه ، وذكرها أيضا جماعة من غير رواة الموطأ :
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن قاسم ، حدثنا علي بن الحسن بن غيلان ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14430أبو الربيع الزهراني nindex.php?page=showalam&ids=16300وعبد الأعلى بن حماد النرسي ، قال أبو الربيع ، حدثنا مالك ، وقال عبد الأعلى قرأت على nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=1014242أن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وزاد عبد الأعلى ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك ، والخير في يديك والرغباء إليك والعمل .
هكذا رواه جماعة الرواة ، عن مالك ، وكذلك رواه أصحاب نافع أيضا ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي - عليه السلام - مثله سواء .
[ ص: 127 ] ورواه عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن النبي - عليه السلام - ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله ، عن النبي - عليه السلام - مثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا في تلبيته - صلى الله عليه وسلم - سواء دون زيادة ابن عمر من قوله : وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة زيادة لبيك إله الحق ، ومن حديث عمرو بن معدي كرب ، قال : لقد رأيتنا ونحن إذا حججنا نقول :
لبيك تعظيما إليك عذرا هذي زبيد قد أتتك قسرا تعدو بها مضمرات شزرا يقطعن خبتا وجبالا وعرا
قد خلفوا الأوثان خلوا صفرا
ونحن نقول اليوم كما علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر التلبية على حسبما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، واختلفت الرواية في فتح إن في قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014244إن الحمد والنعمة لك ، وأهل العربية يختارون في ذلك الكسر ، وأجمع العلماء على القول بهذه التلبية ، واختلفوا في الزيادة فيها ، فقال [ ص: 128 ] مالك : أكره أن يزيد على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقد روي عن مالك أنه لا بأس أن يزاد فيها ما كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يزيده في هذا الحديث .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا أحب أن يزيد على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يرى شيئا يعجبه فيقول لبيك إن العيش عيش الآخرة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور لا بأس بالزيادة في التلبية على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد فيها ما شاء .
قال أبو عمر : من حجة من ذهب إلى هذا ما حدثناه عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، حدثنا جعفر يعني ابن محمد ، قال : حدثني أبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014245أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر التلبية بمثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : والناس يزيدون لبيك ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي - عليه السلام - يسمع ، فلا يقول لهم شيئا .
[ ص: 129 ] ، واحتجوا أيضا بأن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يزيد فيها ما ذكر مالك ، وغيره ، عن نافع في هذا الحديث ، وما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه كان يقول بعد التلبية لبيك ذا النعماء والفضل الحسن لبيك مرهونا منك ومرغوبا إليك .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أنه كان يقول في تلبيته :
لبيك حقا حقا تعبدا وزقا
ومن كره nindex.php?page=treesubj&link=3406_3405الزيادة في التلبية احتج بأن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أنكر على من سمعه يزيد في التلبية ما لم يعرفه ، وقال : ما كنا نقول هذا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وحديث سعد في ذلك حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17000ابن عجلان قال : حدثني عبد الله بن أبي سلمة أن سعدا سمع رجلا يقول لبيك ذا المعارج ، فقال : إنه لذو المعارج ولكن لم يكن يقول هذا ونحن مع نبينا - صلى الله عليه وسلم - .
قال أبو عمر : من زاد في التلبية ما يجمل ويحسن من الذكر ، فلا بأس ، ومن اقتصر على تلبية رسول الله - صلى الله [ ص: 130 ] عليه وسلم - ، فهو أفضل - عندي - ، وكل ذلك حسن - إن شاء الله عز وجل - ، وسنذكر ما للعلماء في رفع الصوت بالتلبية في باب عبد الله بن أبي بكر من كتابنا هذا - إن شاء الله - .
nindex.php?page=treesubj&link=3402ومعنى التلبية إجابة الله فيما فرض عليهم من حج بيته والإقامة على طاعته فالمحرم بتلبيته مستجيب لدعاء الله ، إياه في إيجاب الحج عليه ، ومن أجل الاستجابة - والله أعلم - لبى ، لأن من دعي ، فقال : لبيك فقد استجاب ، وقد قيل إن nindex.php?page=treesubj&link=3402أصل التلبية الإقامة على الطاعة يقال : منه ألب فلان بالمكان إذا أقام به .
وأنشد nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري في ذلك :
محل الهجر أنت به مقيم ملب ما تزول ولا تريم
وقال آخر :
لب بأرض ما تخطاها النعم
قال : وإلى هذا المعنى كان يذهب الخليل والأحمر .
قال أبو عمر : وقال جماعة من أهل العلم : إن معنى التلبية إجابة إبراهيم - عليه السلام - حين أذن بالحج في الناس ، ذكر سنيد ، قال : حدثنا جرير ، عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه [ ص: 131 ] ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قيل له : أذن في الناس بالحج ، قال : رب ، وما يبلغ صوتي ؟ قال : أذن ، وعلي البلاغ فنادى إبراهيم ، أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق ، قال : فسمعه ما بين السماء والأرض أفلا ترون الناس يجيبون من أقطار البلاد يلبون ؟ قال : وحدثنا حجاج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=27وأذن في الناس بالحج ، قال : قام إبراهيم على مقامه ، فقال : يا أيها الناس أجيبوا ربكم ، فقالوا : لبيك اللهم لبيك ، فمن حج اليوم ، فهو ممن أجاب إبراهيم يومئذ .
قال أبو عمر : معنى لبيك اللهم لبيك عند العلماء ، أي إجابتي إياك إجابة بعد إجابة ومعنى قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وغيره لبيك وسعديك ، أي أسعدنا سعادة بعد سعادة وإسعادا بعد إسعاد ، وقد قيل معنى سعديك مساعدة لك .
وأما قولهم لبيك إن الحمد والنعمة لك فيروى بفتح الهمزة وكسرها ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=15611أحمد بن يحيى ثعلب يقول : الكسر [ ص: 132 ] في ذلك أحب إلي ، لأن الذي يكسرها يذهب إلى أن الحمد والنعمة لك على كل حال والذي يفتح يذهب إلى أن المعنى لبيك ، لأن الحمد لك ، أي لبيك لهذا السبب .
قال أبو عمر : المعنى - عندي - واحد لأنه يحتمل أن يكون من فتح الهمزة أراد لبيك ، لأن الحمد لك على كل حال والملك لك والنعمة وحدك دون غيرك حقيقة لا شريك لك ، واستحب الجميع أن يكون ابتداء المحرم بالتلبية بإثر صلاة يصليها نافلة ، أو فريضة من ميقاته إذا كانت صلاة لا يتنفل بعدها ، فإن كان وقت صلاة لم يبرح حتى يحل وقت صلاة فيصلي ثم يحرم إذا استوت به راحلته ، وإن كان ممن يمشي ، فإذا خرج من المسجد أحرم ، وقال أهل العلم بتأويل القرآن في قول الله - عز وجل - : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197فمن فرض فيهن الحج قالوا : الفرض التلبية كذلك قال عطاء ، وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، وغيرهم ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الفرض الإهلال ، وهو ذلك بعينه والإهلال التلبية ، وقد ذكرنا معنى الإهلال في اللغة في باب nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة من كتابنا هذا بما يغني عن إعادته هاهنا ، وذكرنا هناك مسألة من معاني هذا الباب يجب الوقوف عليها .
[ ص: 133 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : الفرض الإحرام ، وهو ذلك المعنى أيضا ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، وقالت : عائشة لا إحرام إلا لمن أهل ولبى ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : الفرض الإحرام ، قال : والإحرام التلبية ، قال : والتلبية في الحج مثل التكبير في الصلاة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأصحابه : إن كبر ، أو هلل ، أو سبح ينوي بذلك الإحرام ، فهو محرم فعلى هذا القول التلبية عند nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ركن من أركان الحج والحج إليها مفتقر ، ولا يجزئ منها شيء عندهم غيرها ، ولم أجد في هذه المسألة عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصوله تدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=3404التلبية ليست من أركان الحج عنده .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : تكفي nindex.php?page=treesubj&link=3393النية في الإحرام بالحج من أن يسمى حجا ، أو عمرة ، قال : وإن لبى بحج يريد عمرة فهي عمرة ، وإن لبى بعمرة يريد حجا ، فهو حج ، وإن لبى لا يريد حجا ، ولا عمرة ، فليس بحج ، ولا عمرة ، وإن لبى ينوي الإحرام ، ولا ينوي حجا ، ولا عمرة فله الخيار يجعله أينما شاء ، وإن لبى [ ص: 134 ] فقد نوى أحدهما فنسي ، فهو قارن لا يجزيه غير ذلك ، هذا كله قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - .
وذكر ابن خواز بنداد ، قال : قال مالك : النية بالإحرام في الحج تجزئ ، وإن نسي ، قال : وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه إن نوى فكبر ولم يسم حجا ولا عمرة أجزته النية غير أن الإحرام عنده من شرطه التلبية ، ولا يصح عنده إلا بتلبية ، قال : وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، قال : وقال الحسن بن حي ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : التلبية إن فعلها فحسن ، وإن تركها ، فلا شيء عليه .
قال أبو عمر : وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق ، عن أبي ثابت ، قال : قيل لابن القاسم أرأيت المحرم من مسجد ذي الحليفة إذا توجه من فناء المسجد بعد أن صلى فتوجه وهو ناس ، أيكون في توجهه محرما ؟ فقال ابن القاسم : أراه محرما فإن ذكر من قريب لبى ، ولا شيء عليه ، وإن تطاول ذلك عليه ، ولم يذكر حتى خرج من حجه رأيت أن يهريق دما قال nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق : وهذا يدل من قوله على أن الإهلال للإحرام ليس عنده بمنزلة التكبير للدخول في الصلاة ، لأن [ ص: 135 ] الرجل لا يكون داخلا في الصلاة إلا بالتكبير ويكون داخلا في الإحرام بالتلبية وبغير التلبية من الأعمال التي توجب الإحرام بها على نفسه مثل أن يقول قد أحرمت بالحج والعمرة ، أو يشعر الهدي ، وهو يريد بإشعاره الإحرام ، أو يتوجه نحو البيت ، وهو يريد بتوجهه الإحرام فيكون بذلك كله وما أشبهه محرما ، وقد مضى القول في الحين الذي يقطع فيه التلبية الحاج والمعتمر ، وإلى أين تنتهي تلبيته في باب محمد بن أبي بكر - والحمد لله - .