الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5252 - وعن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني أحبك . قال : " انظر ما تقول " . فقال : والله إني لأحبك ، ثلاث مرات . قال : " إن كنت صادقا فأعد للفقر تجفافا ، للفقر أسرع إلى من يحبني من السبيل إلى منتهاه " . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث حسن غريب .

التالي السابق


5252 - ( وعن عبد الله بن مغفل ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إني أحبك ) أي : حبا بليغا وإلا فكل مؤمن يحبه ( قال : " انظر ما تقول " ) أي : تفكر فيما تقول ، فإنك تدعي أمرا عظيما جسيما ( فقال : والله إني لأحبك ، ثلاث مرات ) : ظرف لقال ( قال : " إن كنت صادقا " ) أي : في دعوى محبتي وعلى تحمل محنتي ، ولفظ الجامع : إن كنت تحبني ( " فأعد " ) أي : فهيئ ( " للفقر ) أي : بالصبر عليه ، بل بالشكر والميل إليه ( " تجفافا " ) ، بكسر الفوقية وسكون الجيم أي : درعا وجنة ، ففي المغرب ، هو شيء يلبس على الخيل عند الحرب ، كأنه درع تفعال من جف لما فيه من الصلابة واليبوسة انتهى . فتاؤه زائدة على ما صرح به في النهاية ، وفي القاموس : التجفاف بالكسر آلة الحرب يلبسه الفرس والإنسان ليقيه في الحرب ، فمعنى الحديث : إن كنت صادقا في الدعوى ومحقا في المعنى فهيئ آلة تسمعك حال البلوى ، فإن البلاء والولاء متلازمان في الخلا والملا ، ومجمله أنه تهيأ للصبر خصوصا على المقر لتدفع به عن دينك بقوة يقينك ما ينافيه من الجزع والفزع وقلة القناعة وعدم الرضا بالقسمة ، وكنى بالتجفاف عن الصبر لأنه يستر الفقر ، كما يستر التجفاف البدن عن الضر ( " للفقر " ) : بلام مفتوحة وهي لام الابتداء ( " أسرع إلى من يحبني من السيل " ) أي الماء الكثير ( " إلى منتهاه " ) : والمعنى أنه لا بد من وصول الفقر بسرعة إليه ، ومن نزول البلايا والرزايا بكثرة عليه ، فإن أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل خصوصا سيد الأنبياء ، فيكون بلاؤه أشد من بلائهم ، ويكون لأتباعه نصيب على قدر ولائهم ، والمرء مع من أحب فيما يكره ويحب ، وفيه أن الفقر أشد البلايا لاشتماله على جميع المحن والرزايا ، لكنه مع مرارته في الدنيا يورث حلاوة في العقبى بمزيد العطايا . ( رواه الترمذي ) : وكذا أحمد ( وقال ) أي الترمذي ( هذا حديث حسن غريب ) .




الخدمات العلمية