الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5254 - وعن أبي طلحة - رضي الله عنه - قال : شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجوع ، فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر ، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه عن حجرين . رواه الترمذي وقال : هذا حديث غريب .

التالي السابق


5254 - ( وعن أبي طلحة قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ) : وفي نسخة إلى النبي ( الجوع ، فرفعنا عن بطوننا ) أي : فكشفنا ثيابنا عنها كشفا صادرا ( عن حجر حجر ) ، أي : لكل منا حجر واحد ورفع عنه ، فالتكرير باعتبار تعداد المخبر عنهم بذلك ( فرفع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن بطنه عن حجرين ) . قال الطيبي رحمه الله : " عن " الأولى متعلقة برفعنا على تضمين الكشف ، والثانية صفة مصدر محذوف أي : كشفنا عن بطوننا كشفا صادرا عن حجر ، ويجوز أن يحتمل التنكير في حجر على النوع أي : عن حجر مشدود على بطوننا ، فيكون بدلا ، وعادة من اشتد جوعه وخمص بطنه أن يشد على بطنه حجرا ليقوم به صلبه انتهى . وتوضيحه أن تعلق حرفي جر بمعنى العامل في مرتبة واحدة غير جائز ، أما تعلق الثاني بعد تقييد الأول فجائز كما تتقرر في محله ، فكونه صفة مصدر محذوف ظاهر لا غبار عليه ، وأما تجويز البدل على أنه بدل اشتمال بإعادة الجار مع أن بدل الاشتمال لا يخلو عن ضمير البدل ، فمبني على أن يراد بالحجر النوع ، والتقدير عن حجر مشدود عليها ، وكلام الطيبي رحمه الله يوهم أن القول بالبدل كلامه ، وقد نقل ميرك عن زين العرب أنه قال : بدل اشتمال كما تقول : زيد كشف عن وجهه عن حسن خارق ، وقيل : فائدة شد الحجر على البطن أن لا يدخل النفخ في الأمعاء الخالية ، وأن نفس شد الأمعاء إعانة على شد الصلب ، وقال : إنما ربط الحجر على البطن لئلا يسترخي البطن وينزل المعى فيشك التحرك ، فإذا ربط حجرا على بطنه يشتد بطنه وظهره فيسهل عليه الحركة ، وإذا اشتد الجوع يربط حجرين ، فكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أكثرهم جوعا أكثرهم رياضة فربط على بطنه حجرين . قال صاحب المظهر : وهذا عادة أصحاب الرياضة . وقال ابن حجر رحمه الله : هذا عادة العرب أو أهل المدينة . وقال صاحب الأزهار : في ربط الحجر على البطن أقوال أحدها : أن ذلك أحجار بالمدينة تسمى المشبعة كانوا إذا جاع أحدهم يربط على بطنه حجرا من ذلك ، وكان الله تعالى خلق فيه برودة تسكن الجوع والحرارة . وقال بعضهم : يقال لمن يؤمر بالصبر اربط على قلبك حجرا ، فكأنه صلى الله تعالى عليه وسلم أمر بالصبر وأمر أمته بالصبر قالا وحالا ، والله تعالى أعلم . ( رواه الترمذي ) . أي : في جامعه ( وقال : هذا حديث غريب ) . وهو ما يتفرد بروايته عدل ضابط من رجال النقل ، فإن كان المنفرد برواية متنه فهو غريب متنا أو بروايته عن غير المعروف عند من كان يعرف الحديث عن صحابي فيرويه عدل وحده عن صحابي آخر فهو غريب إسنادا ، وهذا هو الذي يقول فيه الترمذي غريب من هذا الوجه ، وقد صرح في الشمائل بقوله : هذا حديث غريب من حديث أبي طلحة ولا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى .

فغرابته ناشئة عن طريق أبي طلحة لا من سائر الطرق مع أنه قال ميرك : رواته ثقات .




الخدمات العلمية