الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5256 - وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا : من نظر في دينه إلى من هو فوقه ، فاقتدى به ، ونظر في دنياه إلى من هو دونه ، فحمد الله على ما فضله الله عليه ; كتبه الله شاكرا صابرا . ومن نظر في دينه إلى من هو دونه ، ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته منه ، لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا " . رواه الترمذي .

وذكر حديث أبي سعيد : " أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين " في باب بعد فضائل القرآن .

التالي السابق


5256 - ( وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ) أي : ابن عمرو على ما صرح به في الجامع ( عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " خصلتان من كانتا فيه كتبه الله صابرا شاكرا " ) أي : مؤمنا كاملا لقوله تعالى : إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور وفي الحديث : الإيمان نصفان نصفه صبر ونصفه شكر فالصبر عن السيئات والشكر على الطاعات ، وزاد في الجامع : ومن لم تكونا فيه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا ( " من نظر في دينه " ) أي : خصلة من نظر في أمر دينه من الأعمال الصالحة ( " إلى من هو فوقه " ) أي : إلى من هو أكثر منه علما وعبادة وقناعة ورياضة أحياء وأمواتا ( " فاقتدى به " ) أي : في الصبر على ميثاق الطاعات ، وعن ارتكاب السيئات أو تأسف على ما فاته من الكمالات ، ويمكن أن يكون قوله من نظر استئنافا مبينا للصابر والشاكر المتضمن للخصلتين المبهمتين إحداها هذه ، والثانية مبينة بقوله : ( " ونظر في دنياه إلى من هو دونه " ) أي : إلى من هو أفقر منه وأقل منه مالا وجاها ، ( " فحمد الله على ما فضله الله عليه " ) أي : فشكره على ما زاده عليه من فضله . وفي رواية الجامع فحمد الله على ما فضله به .

( " كتبه الله شاكرا " ) أي : للخصلة الثانية ( " صابرا " ) . أي : للخصلة السابقة ففيه لف ونشر مشوش اعتمادا على فهم ذوي العقول بالنسبة إلى الفذلكة وإن كان مرتبا باعتبار المقدمة ، ولما كان المفهوم قد يعتبر وقد لا يعتبر ، ومع اعتباره المنطوق أقوى أيضا صرح بما علم ضمنا حيث قال : ( " ومن نظر في دينه إلى من هو دونه " ) أي : في الأعمال الصالحة وأنتجه الغرور والعجب والخيلاء ( " ونظر في دنياه إلى من هو فوقه " ) أي : من أصحاب المال والجاه وأورثه الحرص والأمل والرياء ( " فأسف " ) : بكسر السين أي : حزن ( " على ما فاته منه " ) أي : من المال وغيره بعدم وجوده أو بحصول فقده ، وقد قال تعالى : لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم وروي عنه صلى الله تعالى عليه وسلم : " من أسف على دنيا فاتته اقترب من النار مسيرة ألف سنة ، ومن أسف على آخرة فاتته اقترب من الجنة مسيرة ألفي سنة ( لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا ) ، لعدم صدور واحد منه ، بل قام بضديهما من الكفران والجزع والفزع باللسان والجنان . ( رواه الترمذي ) .

( وذكر حديث أبي سعيد ) أي : في ضمن حديث طويل صدره يناسب باب القراءة ( " أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين " ) . أي : بالفوز التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم وذلك خمسمائة سنة . رواه أبو داود ( في باب ) أي : بغير عنوان ( بعد فضائل القرآن ) . أي : بعد كتاب فضائل القرآن .




الخدمات العلمية