الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5273 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10366249nindex.php?page=treesubj&link=29498_27209لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب " . متفق عليه .
5273 - ( وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو كان لابن آدم " ) أي : فرضا وتقديرا ( " واديان من مال " ) : وفي رواية : من ذهب ( " لابتغى " ) أي : لطلب ( ثالثا ) ، أي : واديا آخر أعظم منهما ذخرا وهلم جرا كما يشير إليه بقوله : ( " ولا يملأ جوف ابن آدم " ) أي : بطنه أو وسط عينه ( " إلا التراب " ) ، أي : تراب الفقر ، ففيه تنبيه نبيه على أن البخل المورث للحرص مركوز في جبلة الإنسان ، كما أخبر الله تعالى عنه سبحانه في القرآن حيث قال أبلغ من هذا الحديث والمقال : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=100قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا فهذا يدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=29498_18911حرص ابن آدم وخوفه من الفقر الباعث له على البخل حتى على نفسه أقوى من الطير الذي يموت عطشا على ساحل البحر خوفا من نفاده ، ومن الدودة التي قوتها التراب وتموت جوعا خشية من فراغه ، لأن ما ذكر من الماء والتراب في جنب خزائن رحمة رب الأرباب كقطرة من السحاب . ( " ويتوب الله " ) أي : يرجع بالرحمة ( " على من تاب " ) . أي : رجع إليه بطلب العصمة أو يتفضل الله بتوفيق التوبة وتحقيق استعاذة العقبى على من تاب أي : من محبة الدنيا والغفلة عن حضرة المولى .
قال النووي رحمه الله : معناه أنه لا يزال حريصا على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قبره ، وهذا الحديث خرج على حكم غالب بني آدم في الحرص على الدنيا ويؤيده قوله : ويتوب الله على من تاب ، وهو متعلق بما قبله ، ومعناه أن الله يقبل التوبة من الحرص المذموم وغيره من المذمومات .
قال الطيبي رحمه الله : ويمكن أن يقال معناه إن بني آدم كلهم مجبولون على حب المال والسعي في طلبه ، وأن لا يشبع منه إلا من عصمه الله تعالى ووفقه لإزالة هذه الجبلة عن نفسه وقليل ما هم ، فوضع ويتوب الله على من تاب موضعه إشعارا بأن هذه الجبلة المركوزة فيه مذمومة جارية مجرى الذنب ، وأن إزالتها ممكنة ، ولكن بتوفيق الله وتسديده ونحوه قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون أضاف الشح إلى النفس دلالة على أنها غزيرة فيها وبين إزالته لقوله : يوق ، ورتب عليه قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9فأولئك هم المفلحون ) ، وههنا نكتة دقيقة فإنه ذكر ابن آدم تلويحا إلى أنه مخلوق من التراب ، ومن طبيعته القبض واليبس ، فيمكن إزالته بأن يمطر الله عليه السحائب من عمائم توفيقه ، فيثمر حينئذ الخصال الذكية والشمائل الرضية ، كما قال تعالى جل جلاله : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا فمن لم يتداركه التوفيق وتركه وحرصه لم يزدد إلا حرصا وتهالكا على جمع المال ، وموقع قوله : ولا يملأ جوف ابن آدم موقع ركوز الجبلة ونيط له حكم أشمل وأعم ، كأنه قيل : ولا يشبع من خلق من التراب إلا بالتراب ، وموقع ويتوب الله على من تاب موقع الرجوع يعني : أن ذلك العسير صعب ، ولكن يسير على من يسر الله تعالى عليه ، فحقيق أن لا يكون هذا من كلام البشر ، بل هو من كلام خالق القوى والقدر .
روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10366250إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ عليه nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا وقرأ فيها : إن الدين عند الله الحنيفية المسلمية لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية ، ومن يعمل خيرا فلن يكفر ، وقرأ عليه : لو أن لابن آدم واديا من مال لابتغى إليه ثانيا ولو أن له ثانيا لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب . انتهى ( رواه البخاري ) [ ص: 3300 ] قال ميرك ناقلا عن التصحيح حديث : " لو كان لابن آدم واديان " إلى آخره رواه البخاري بهذا اللفظ من حديث ابن عباس ، وبمعناه من حديث أنس ومسلم بهذا اللفظ ، وبمعناه من حديث ابن عباس رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي أيضا ، وقد ثبت في الحديث أن هذا كان قرآنا فنسخ خطه . رواه أحمد وغيره . وفي رواية لابن عباس وأنس : فلا ندري أشيء أنزل أم شيء كان يقوله ؟ ولأنس عن أبي قال : كنا نرى هذا من القرآن حتى نزل : nindex.php?page=tafseer&surano=102&ayano=1ألهاكم التكاثر أخرجه البخاري انتهى . في الجامع " nindex.php?page=hadith&LINKID=10366251لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانيا ، ولو أن له واديان لابتغى لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب " رواه أحمد والشيخان nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن أنس ، وأحمد والشيخان عن ابن عباس ، والبخاري عن ابن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وأحمد عن أبي واقد ، والبخاري في تاريخه والبزار عن بريدة ، ورواه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان عن جابر ولفظه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10366252لو كان لابن آدم واد من نخل لتمنى مثله ثم تمنى مثله حتى يتمنى أودية ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب " .