الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5311 - وعنه ، قال : دخل رجل على أهله ، فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية ، فلما رأت امرأته قامت إلى الرحى فوضعتها ، وإلى التنور ، فسجرته ثم قالت : اللهم ارزقنا ، فنظرت فإذا الجفنة قد امتلأت . قال : وذهبت إلى التنور ، فوجدته ممتلئا . قال : فرجع الزوج ، قال : أصبتم بعدي شيئا ؟ قالت امرأته : نعم ، من ربنا ، وقام إلى الرحى ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " أما إنه لو لم يرفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة " . رواه أحمد .

التالي السابق


5311 - ( وعنه قال : دخل رجل على أهله ) أي : أهل بيته وأصحاب نفقته ( فلما رأى ما بهم من الحاجة ) أي : من الجوع والفاقة ( خرج إلى البرية ) أي : إلى قطعة من الأرض منسوبة إلى البر للتضرع إلى خالق البرية ، ( فلما رأت امرأته ) أي : خلو يد الرجل وإدباره عن الأهل من الحياء والخجل ( قامت إلى الرحى فوضعتها ) ، أي : الطبقة العليا على السفلى ، والمعنى فهيأتها ونظفتها ، ( وإلى التنور فسجرته ) ، بتخفيف الجيم وتشدد أي : أوقدته ( ثم قالت ) : فيه إشارة إلى أن العبد يسعى في طلب الحلال ما أمكنه الوقت ، ويقتضيه الحال ، ثم يستعين في تحصيل أمره إلى الملك المتعال بالدعاء بنحو : ( اللهم ارزقنا ) أي : من عندك فإنك خير الرازقين . وقد انقطع طمعنا عن غيرك ولا نطمع إلا في خيرك ( فنظرت ) أي : إلى الرحى ( فإذا الجفنة ) : وهي القصعة على ما في القاموس أو القصعة الكبيرة على ما في خلاصة اللغة ، والمراد هنا ما يوضع تحت الرحى ليجتمع فيها الدقيق ( قد امتلأت ) أي : من الدقيق ( قال ) أي : الراوي ( وذهبت ) : وفي نسخة صحيحة : فذهبت ( إلى التنور ) أي : لتخبز فيه من الدقيق بعد عجنه ( فوجدته ممتلئا ) أي : من الخبز الملتصق به ( قال ) . أي : الراوي ( فرجع الزوج ) أي : [ ص: 3330 ] راجيا لما قام بأمر الله داعيا ( قال ) أي : الزوج وهو استئناف بيان ( أصبتم ) أي : أكلتم أو حصلتم ( بعدي شيئا ) أي : من الأشياء أو من الإصابة ( قالت امرأته : نعم ) أي : أصبنا ( من ربنا ) أي : من عند ربنا أو من رزقه وما أخطأنا ، وأغرب الطيبي - رحمه الله - في قوله : اللهم ارزقنا حيث قال : دعت أن تصيب زوجها بما تطحنه وتعجنه وتخبزه ، فهيأت الأسباب لذلك ، انتهى . ( وقام ) أي : فتعجب الزوج وقام ( إلى الرحى ) أي : ورفعها ليرى أثرها ( فذكر ) : بصيغة المجهول ، وفي نسخة صحيحة : فذكر أي : هو بنفسه ( ذلك ) أي : ما ذكر من القضية بتمامها ( للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " أما " ) : بالتخفيف للتنبيه ( " إنه " ) أي : الشأن ( " لو لم يرفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة " . رواه أحمد ) .




الخدمات العلمية