الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5374 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10366427nindex.php?page=treesubj&link=30229_30231أمتي هذه أمة مرحومة ، ليس عليها عذاب في الآخرة ، عذابها في الدنيا : الفتن والزلازل والقتل " . رواه أبو داود .
5374 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى ) أي : الأشعري رضي الله عنه ( قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " أمتي هذه " ) أي : أمة الإجابة الموجودة ذهنا المعهودة معنى ، كأنها المذكورة حسا ( أمة مرحومة ) أي : رحمة زائدة على سائر الأمم ; لكون نبيهم رحمة للعالمين ، بل مسمى بنبي الرحمة وهم خير أمة ( ليس عليها عذاب ) أي : شديد ( في الآخرة ) بل غالب عذابهم أنهم مجزيون بأعمالهم في الدنيا بالمحن ، والأمراض ، وأنواع البلايا ، كما حقق في قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=123من يعمل سوءا يجز به على ما تقدم ، والله تعالى أعلم ، ويؤيد قوله : ( عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل ) أي : بغير حق ، وقيل : الحديث خاص بجماعة لم تأت كبيرة ، ويمكن أن تكون الإشارة إلى جماعة خاصة من الأمة ، وهم المشاهدون من الصحابة ، أو المشيئة مقدرة لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقال المظهر : هذا حديث مشكل ; لأن مفهومه أن لا يعذب أحد من أمته - صلى الله تعالى عليه وسلم - سواء فيه من ارتكب الكبائر وغيره ، فقد وردت الأحاديث nindex.php?page=treesubj&link=28652بتعذيب مرتكب الكبيرة ، اللهم إلا أن يؤول المراد بالأمة هنا من اقتدى به - صلى الله تعالى عليه وسلم - كما ينبغي ، ويمتثل بما أمر الله وينتهي عما نهاه .
[ ص: 3373 ] وقال الطيبي - رحمه الله : الحديث وارد في مدح أمته - صلى الله تعالى عليه وسلم - واختصاصهم من بين سائر الأمم بعناية الله تعالى ورحمته عليهم ، وأنهم إن أصيبوا بمصيبة في الدنيا ، حتى الشوكة يشاكها ، فإن الله يكفر بها في الآخرة ذنبا من ذنوبهم ، وليست هذه الخاصية لسائر الأمم ، ويؤيده ذكر هذه وتعقيبها بقوله ( مرحومة ) فإنه يدل على مزية تمييزهم بعناية الله تعالى ورحمته ، والذهاب إلى المفهوم في مثل هذا المقام ، وهذه الرحمة هي المشار إليها بقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ، إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=157الذين يتبعون الرسول النبي الأمي ، انتهى . ولا يخفى عليك أن هذا كله مما لا يدفع الإشكال ، فإنه لا شك عند أرباب الحال أن رحمة هذه الأمة إنما هي على وجه الكمال ، وإنما الكلام في أن هذا الحديث بظاهره يدل على أن أحدا منهم لا يعذب في الآخرة ، وقد تواترت الأحاديث في أن جماعة هذه الأمة من أهل الكبائر يعذبون في النار ، ثم يخرجون إما بالشفاعة ، وإما بعفو الملك الغفار ، وهذا منطوق الحديث ومعناه المأخوذ من ألفاظه ومبناه ، وليس بمفهومه المتعارف المختلف في اعتباره حتى يصح قوله : أن هذا المفهوم مهجور ، بل المراد بمفهومه في كلام المظهر المعلوم في العبارة ، ثم قول الطيبي - رحمه الله : وليست هذه الخاصية وهي كفارة الذنوب بالبلية لسائر الأمم تحتاج إلى دليل مثبت ، ولا عبرة بما فهم من المفهوم من قوله عذابها في الدنيا الفتن ، إلى آخره ، فإنه قابل للتقييد بكون وقوع عذابها بها غالبا . ( رواه أبو داود ) ، وكذا الحاكم في مستدركه .
وصححه وأقره الذهبي ذكره ميرك ، وفي الجامع بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10366428أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب ، إنما عذابها في الدنيا الفتن ، والزلازل ، والقتل ، والبلايا " . رواه أبو داود ، والطبراني ، والحاكم ، والبيهقي عن أبي موسى ، ورواه الحاكم في الكنى عن أنس : nindex.php?page=hadith&LINKID=10366429أمتي أمة مرحومة مغفور لها متاب عليها ، أي يتوب الله عليها ولا يتركها مصرة على الذنوب ، ففيه دليل على أن المراد به خواص هذه الأمة ، والله تعالى أعلم .