الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5433 - وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يا أنس ! إن الناس يمصرون أمصارا ، وإن مصرا منها يقال له : البصرة ؛ فإن أنت مررت بها أو دخلتها ، فإياك وسباخها وكلأها وسوقها وباب أمرائها ، وعليك بضواحيها ، فإنه يكون بها خسف وقذف ورجف وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير " . رواه أبو داود عن طريق لم يجزم بها الراوي بل قال : لا أعلمه إلا ذكره عن موسى بن أنس عن أنس بن مالك .

التالي السابق


5433 - ( وعن أنس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يا أنس إن الناس يمصرون " ) بتشديد الصاد ( " أمصارا " ) : بفتح الهمزة جمع مصر ، أي : يتخذون بلادا ، والتمصر اتخاذ المصر على ما ذكره الطيبي - رحمه الله - فالتقدير يتخذون أمصارا ففيه تجريد ، وقال شارح : أي : يضعون أساس مصر وبناءه ( " وإن مصرا منها " ) أي : من الأمصار ( ويقال له : البصرة ، فإن أنت مررت بها أو دخلتها " ) ( أو ) : للتنويع لا للشك ، ( " إياك وسباخها " ) أي : فاحذر سباخها وهو بكسر السين جمع سبخة بفتح فكسر ، أي : أرض ذات ملح .

وقال الطيبي - رحمه الله : هي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر ، ( " وكلاءها " ) : بفتح الكاف وتشديد اللام ممدودا موضع بالبصرة ، وقال شارح : هو شط النهر ، وهو موضع حبس السفينة ، وقيل : هو موضع الرعي ، ويؤيده ما في بعض النسخ بالتخفيف والقصر ، وقد اقتصر عليه نسخة السيد جمال الدين - رحمه الله - هذا وقوم يجعلون كلاء البصرة اسما من كل على فعلاء ولا يصرفونه ، والمعنى أنه موضع تكل فيه الريح عن عملها في غير هذا الموضع ، فكان الحذر عنها لعفونة هواه ، ( " ونخيلها " ) : إما لشبهة فيها ، أو لخوف غرة بها ( " وسوقها " ) : إما لحصول الغفلة فيها ، أو لكثرة اللغو بها ، أو فساد العقود ونحوها ، ( " وباب أمرائها " ) أي : لكثرة الظلم الواقع بها ، ( " وعليك بضواحيها " ) : جمع الضاحية وهي الناحية البارزة للشمس ، وقيل : المراد بها جبالها ، وهذا أمر بالعزلة ، فالمعنى : الزم نواحيها ، ( " فإنه يكون بها " ) ، قيل : الضمير للسباخ ، والصواب للمواضع المذكورة ( خسف ) أي : ذهاب في الأرض وغيبوبة فيها ، ( " وقذف " ) أي : ريح شديدة باردة ، أو قذف الأرض الموتى بعد دفنها ، أو رمي أهلها بالحجارة بأن تمطر عليهم ، ( " ورجف " ) أي : زلزلة شديدة ( " وقوم يبيتون " ) أي : أهل ذلك المصر قوم يبيتون بحذف المبتدأ ، أو فيها قوم بحذف الخبر ، كذا قاله الشارح ، والظاهر أن ( قوم ) عطف على خسف ، أي : يكون بها قوم يمسون طيبين ( " ويصبحون قردة " ) أي : شبابهم ( " وخنازير " ) أي : شيوخهم . قال الطيبي - رحمه الله : المراد به المسخ ، وعبر عنه بما هو أشنع اهـ . وقيل : في هذا إشارة إلى أن بها قدرية ; لأن الخسف والمسخ إنما يكون في هذه الأمة للمكذبين بالقدر . ( رواه أبو داود ) ، هنا بياض في الأصل ، وقال الجزري : رواه أبو داود من طريق لم يجزم بها الراوي ، بل قال : لا أعلمه إلا عن عيسى بن أنس عن أنس بن مالك .




الخدمات العلمية