الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5589 - وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان له في الدنيا . رواه البخاري .

التالي السابق


5589 - ( وعن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ) ، فذكر من الأربعة واحدا وحكم عليه بالنجاة ، وترك الثلاثة اعتمادا على المذكور ; لأن العلة متحدة في الإخراج من النار والنجاة منها ; ولأن الكافر لا خروج له ألبتة ، فيدخل مرة أخرى ; لهذا قال : ( حتى إذا هذبوا ونقوا ، أذن لهم في دخول الجنة ) ، قال : ونحوه في الأسلوب - وهو أن يراد أشياء ويذكر بعضها ويترك بعضها - قوله تعالى : فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا : جمع الآيات وفصلها بآيتين : أحدهما قوله مقام إبراهيم ، وثانيهما : ومن دخله كان آمنا ، الكشاف : ذكر هاتين الآيتين ، وطوى عن ذكر غيرها دلالة على تكاثر الآيات ، ونحوه في طي الذكر قول جرير :


كانت حنيفة أثلاثا فثلثهم من العبيد وثلث من مواليها



هذا وضبط قوله : ( يخلص المؤمنون ) بصيغة المجهول مخففا من الإخلاص ، وفي نسخة بالتشديد من التخلص ، وفي أخرى بفتح الياء وضم اللام من الخلاص ، ففي النهاية : خلص سلم ونجا ، ثم المراد بالقنطرة الصراط الممدود ، والمظالم جمع مظلمة بكسر اللام ، وهي ما تطلبه عند الظالم مما أخذه منك ، وقوله : ونقوا من التنقية عطف تفسير لهذبوا بصيغة المجهول من التهذيب ، ( فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم ) أي : من أهل الجنة ( أهدى بمنزله ) أي :

[ ص: 3563 ] إليه ، فإن الباء بمعنى ( إلى ) على ما في القاموس كقوله تعالى : ( وقد أحسن بي ) أي : إلي ، فالمعنى : أعرف وأكثر هداية إلى منزله ( في الجنة منه بمنزله كان له في الدنيا ) ، وقال الطيبي - رحمه الله : هدى لا يهدي بالباء ، بل باللام وإلى ، فالوجه أن يضمن مدى اللصوق ، أي : ألصق بمنزله هاديا إليه ، وفي معناه قوله تعالى : يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار أي : يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة ، فجعل تجري من تحتهم الأنهار بيانا له وتفسيرا ; لأن التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها . ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية