الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5605 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن رجلين ممن دخل النار اشتد صياحهما ، فقال الرب تعالى : أخرجوهما . فقال لهما : لأي شيء اشتد صياحكما ؟ قالا : فعلنا ذلك لترحمنا . قال : ( فإن رحمتي لكما أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار ، فيلقي أحدهما نفسه ، فيجعلها الله عليه بردا وسلاما ، ويقوم الآخر فلا يلقي نفسه ، فيقول له الرب تعالى : ما منعك أن تلقي نفسك كما ألقى صاحبك ؟ فيقول : رب إني لأرجو أن لا تعيدني فيها بعد ما أخرجتني منها . فيقول له الرب تعالى : لك رجاؤك . فيدخلان جميعا الجنة برحمة الله " . رواه الترمذي .

التالي السابق


5605 - ( وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال : إن رجلين ممن دخل النار اشتد صياحهما ) أي : بكاؤهما وتضرعهما واستغاثتهما ( فقال الرب تعالى ) أي : للزبانية ( أخرجوهما . فقال لهما : لأي شيء اشتد صياحكما ) ؟ أي : بعدما كنتما ساكتين خامدين ( قالا : فعلنا ذلك ) أي : اشتداد الصياح لترحمنا أي : فإنك تحب من يتضرع إليك ( قال : فإن رحمتي لكما أن تنطلقا ) أي : تذهبا ( فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار ) : فيه إيماء إلى أن مجرد التضرع الظاهري لا يفيد الرحمة بدون الانقياد الباطني ; ولذا قال تعالى : إن رحمة الله قريب من المحسنين ، قال الطيبي - رحمه الله : قوله : أن تنطلقا فتلقيا خبران ، فإن قلت : كيف يجوز حمل الانطلاق إلى النار وإلقاء النفس فيها على الرحمة ؟ قلت : هذا من حمل السبب على المسبب ، وتحقيقه أنهما لما فرطا في جنب الله ، وقصرا في العاجلة في امتثال أمره ، أمر هنالك بالامتثال في إلقاء أنفسهما في النار ; إيذانا بأن الرحمة إنما هي مترتبة على امتثال أمر الله عز وجل . ( فيلقي أحدهما نفسه ) أي : في النار ( فيجعلها الله عليه بردا وسلاما ) أي : كما جعلها بردا وسلاما على إبراهيم ، ( ويقوم الآخر ) أي : يقف ( فلا يلقي نفسه ، فيقول له الرب تعالى : ما منعك أن تلقي نفسك ) أي : من إلقائها في النار ( كما ألقى صاحبك ) ؟ أي كإلقائه فيها ؟ ( فيقول : رب إني لأرجو أن لا تعيدني فيها بعدما أخرجتني منها ) ، فالأول امتثل بالخوف والعمل ، والثاني عمل بالعلم والأمل ، ( فيقول له الرب تعالى : لك رجاؤك ) أي : مقتضاه ونتيجته ، كما أن لصاحبك خوفه وعمله بموجبه ، ( فيدخلان ) : بصيغة المفعول ، أي : فيدخلهما الله ( جميعا الجنة برحمة الله ) أي : المترتبة على العمل والمعرفة . ( رواه الترمذي ) .




الخدمات العلمية