الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5658 - وعن أبي رزين العقيلي - رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله ! أكلنا يرى ربه مخليا به يوم القيامة ؟

قال : " بلى " . قال : قلت : وما آية ذلك في خلقه ؟ قال : " يا أبا رزين ، أليس كلكم يرى القمر ليلة بدر مخليا به ؟ " قال : بلى . قال : " فإنما هو خلق من خلق الله ، والله أجل وأعظم
" . رواه أبو داود .

التالي السابق


5658 - ( وعن أبي رزين العقيلي ) مصغرا ( قال : قلت : يا رسول الله ، أكلنا ) أي أجميعنا معاشر المؤمنين ( يرى ربه ) أي يبصرونه ، والإفراد من يرى باعتبار لفظ " كل " ( مخليا به ) . بميم مضمومة فخاء معجمة ساكنة فلام مكسورة فتحتية مخففة أي خاليا بربه بحيث لا يزاحمه شيء في الرؤية ( يوم القيامة ) ؟ وقيل : بفتح

[ ص: 3604 ] ميم وتشديد تحتية ، وأصله مخلوي ، كذا ذكره الجزري - رحمه الله - واقتصر ابن الملك على الثاني ، والمعنى : منفردا به ، ففي النهاية يقال : خلوت به ومعه وإليه اختليت به ، إذا انفردت به ، أي كلكم يراه منفردا بنفسه كقوله : " لا تضارون في رؤيته " . ( قال : " بلى ) أي نعم كلنا يرى ربه ( قال ) أي أبو رزين ( قلت ) وهو موجود في أكثر النسخ المصححة ، والمعنى عليه ( وما آية ذلك ؟ ) أي ما علامة رؤية كلنا ربه بحيث لا يزاحمه شيء ، والمعنى مثل لنا ذلك ( في خلقه ) ؟ أي مخلوقاته نظيرا لذلك ، فإن الله تعالى جعل في الدنيا أنموذجا لجميع ما في العقبى . ( قال : " يا أبا رزين ، أليس كلكم يرى القمر ليلة البدر مخليا به ؟ " قال : بلى ) أي قلت : بلى ( قال : " فإنما هو ) أي القمر ( خلق من خلق الله ) أي ويراه كلنا ( والله أجل ) أي أكمل مرتبة ( وأعظم ) أي أفضل منقبة وأعلى قدرة ؛ لأنه واجد الوجود ، فهو أولى في نظر العقل بالشهود . قال الطيبي - رحمه الله - : قاس القائل رؤية الله تعالى على ما في المتعارف ، فإن الجم الغفير إذا رأوا شيئا يتفاوتون في الرؤية ، لا سيما شيئا له نوع خفاء ، فيهيم بعضهم ببعض بالازدحام ، فمن راء يرى رؤية كاملة وراء دونها ، فالمراد بقوله : مخليا إثبات كمالها ، ولذا طابق الجواب بالتشبيه بالقمر ليلة البدر ، لا بالهلال . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية