الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5734 - وعنه ، قال : أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال : " خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجرة يوم الاثنين ، وخلق المكورة يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق وآخر ساعة من النهار فيما بين العصر إلى الليل . رواه مسلم .

التالي السابق


5734 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة ( قال : أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي ) : إشارة إلى كمال قربه ، ودلالة على تمام حفظه ، ولعل في أخذ يده ، إيماء إلى تعداد أعداد الخمسة مع قطع النظر عن خلق آدم عليه الصلاة والسلام بعد الجمعة ، فإنه بمنزلة العلة الغائبة والفذلكة الإيمانية ، ( فقال : " خلق الله التربة " ) أي : التراب وهو الأرض ( يوم السبت ) ، وكان المراد به آخر يومه المسمى بعشية الأحد فلها حكمه ، فلا ينافي قوله تعالى : ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ( وخلق فيها الجبال يوم الأحد ) ، وهذا معنى قوله تعالى : قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها ( وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه ) أي : جنسه ( يوم الثلاثاء ) ، بالمد قال عز وجل : وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام أي في بقية الأربعة ( وخلق النور ) : بالراء ، وفي نسخة بالنون في آخره . قال الأكمل : هو بالراء كما لمسلم ولغيره بالنون وهو الحوت ، ويجوز خلقهما في الأربعاء ، والنور هو الظاهر بنفسه المظهر لغيره اه . والظاهر أن المراد بالنور هو نفسه ، وما فيه ظهوره فيناسب قوله تعالى : ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم

[ ص: 3667 ] ( يوم الأربعاء ) بفتح الهمزة وكسر الموحدة الممدودة . وفي القاموس مثلثة الباء ممدودة ، واعلم أن لفظ النور كذا في النسخ المصححة والأصول المعتمدة . ( وبث فيها الدواب ) أي : فرقها في الأرض بعد خلق أصولها ( يوم الخميس ) ، وهو لا ينافي ما سبق من أن قضاء سبع سماوات وخلقهن في يومين ( وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق ) أي : لكونه الفذلكة الإيمانية ، وبمنزلة العلة الغائبة ( وآخر ساعة من النهار ) أي : وفي آخر ساعة من نهار الجمعة ، ورواية الجامع : في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة ( فيما بين العصر إلى الليل ) ، وهي الساعة المرجوة للإجابة في يوم الجمعة عند جماعة من الأئمة . ( رواه مسلم ) . وكذا أحمد في مسنده مرفوعا ، لكن قال ابن كثير في تفسيره ما ملخصه : هو أن هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم ، وقد تكلم فيه البخاري وغيره ، وجعلوه من كلام كعب الأحبار ، وأن أبا هريرة إنما جمعه من كعب ، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعا والله أعلم .




الخدمات العلمية