الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

5754 - عن خباب بن الأرت ، رضي الله عنه ، قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة ، فأطالها . قالوا : يا رسول الله أصليت صلاة لم تكن تصليها ، قال : ( أجل ، إنها صلاة رغبة ورهبة ، وإني سألت الله فيها ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة ، سألته أن لا يهلك أمتي بسنة فأعطانيها ، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، فأعطانيها وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها " رواه الترمذي والنسائي .

التالي السابق


الفصل الثاني

5754 - ( عن خباب ) : بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة الأولى ( ابن الأرت ) : بفتح الهمزة والراء وتشديد الفوقية صحابي مشهور ( قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة فأطالها ) ، أي : فجعلها طويلة باعتبار أركانها أو بالدعاء فيها ( قالوا : يا رسول الله ! صليت صلاة ) أي : عظيمة ( لم تكن تصليها ) ، أي : عادة ( قال : ( أجل ) أي : نعم ( إنها صلاة رغبة ) أي : رجاء ( ورهبة ) أي : خوف . قال شارح أي : صلاة فيها رجاء للثواب ورغبة إلى الله وخوف منه تعالى . قلت : الأظهر أن يقال المراد به أن هذه صلاة جامعة بين قصد رجاء الثواب ، وخوف العقاب ، بخلاف سائر الصلوات ، إذ قد يغلب فيها أحد الباعثين على أدائها . قالوا : وفي قوله تعالى : يدعون ربهم خوفا وطمعا بمعنى أو لمانعة الخلو ، ثم لما كان سبب صلاته الدعاء لأمته وهو كان بين رجاء الإجابة وخوف الرد طولها ، ولذا قال : ( وإني سألت الله فيها ثلاثا ) ، أي : ثلاث مسائل ( فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة ) ، تصريح بما علم ضمنا ( سألته أن لا يهلك أمتي بسنة ) أي : بقحط عام ، وفي معناه الوباء ، والمقصود أن لا يهلكوا بالاستئصال ( فأعطانيها ، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ) : وهم الكفار ، لأن العدو من أنفسهم أهون ، ولا يحصل به الهلاك الكلي ولا إعلاء كلمته السفلى .

[ ص: 3682 ] ( فأعطانيها ، وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض ) أي : حربهم وقتلهم وعذابهم ( فمنعنيها ) . أي : لما سبق من الحكمة .

قال الطيبي - رحمه الله : هو من قوله تعالى : أو يلبسكم شيعا أي : يجعل كل فرقة منكم متابعة لإمام ، وينشب القتال بينكم ، وتختلطوا وتشتبكوا في ملاحم القتال ، يضرب بعضكم رقاب بعض ، ويذيق بعضكم بأس بعض . المعنى : يخلطكم فرقا مختلفين على أهواء شتى اه .

وفي المعالم ذكر بإسناده المتصل إلى البخاري مسندا إلى جابر قال : لما نزلت هذه الآية : قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم قال : أعوذ بوجهك أو من تحت أرجلكم قال : أعوذ بوجهك أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( هذا أهون أو هذا أيسر . رواه الترمذي والنسائي ) .




الخدمات العلمية