الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3697 ] 5777 - وعن أبي موسى الأشعري ، رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمي لنا نفسه أسماء ، فقال : " أنا محمد ، وأحمد ، والمقفي ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة " رواه مسلم .

التالي السابق


5777 - ( وعن أبي موسى الأشعري ، رضي الله عنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمي لنا نفسه أسماء ، فقال : " أنا محمد أنا أحمد ، والمقفي " ) ، بكسر الفاء المشددة في جميع الأصول المصححة أي المتبع من قفا أثره إذا تبعه يعني أنه آخر الأنبياء الآتي على أثرهم ، لا نبي بعده ، وقيل : المتبع لآثارهم امتثالا لقوله تعالى : فبهداهم اقتده وفي معناه العاقب ، وفي بعض نسخ الشمائل بفتح الفاء المشددة لأنه قفي به قال الطيبي : قيل : هو على صيغة الفاعل وهو المولي الذاهب ، يقال : قفى عليه أي ذهب به ، فكان المعنى هو آخر الأنبياء ، فإذا قفى فلا نبي بعده ، فمعنى المقفي والعاقب واحد ، لأنه تبع الأنبياء ، أو هو المقفي لأنه المتبع للنبيين ، وكل شيء تبع شيئا فقد قفاه ، يقال : هو يقفو أثر فلان أي يتبعه قال تعالى : ثم قفينا على آثارهم برسلنا هذا أحد الوجهين ، والوجه الآخر أن يكون المقفي بفتح القاف ، ويكون مأخوذا من القفي ، والقفي الكريم والضيف والقفاوة البر واللطف ، فكأنه سمي المقفي لكرمه وجوده وفضله ، والوجه الأول أحسن وأوضح أقول : والظاهر أن هذا الوجه الثاني لا وجه له ، بل هو تصحيف لمخالفته أصول المشكاة والشمائل والشفاء ، ( " والحاشر ، ونبي التوبة " ) ، لأنه تواب كثير الرجوع إلى الله تعالى لقوله - صلى الله عليه وسلم : " إني أستغفر الله في اليوم سبعين مرة أو مائة مرة " ، أو لأنه قبل من أمته التوبة بمجرد الاستغفار بخلاف الأمم السالفة . قال تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ولما كان هذا المعنى مختصا به سمي نبي التوبة ( " ونبي الرحمة " ) . قال تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وقال - صلى الله عليه وسلم : " إنما أنا رحمة مهداة " والرحمة العطف والرأفة والإشفاق ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رءوف رحيم ، ولذا كانت أمته أمة مرحومة ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يرحم إلا من رحمة الله ( رواه مسلم ) وكذا أحمد على ما ذكره السيوطي عنهما ، ولكن بلفظ المرحمة ثم قال : وزاد الطبراني في الكبير ونبي الملحمة .




الخدمات العلمية