الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
571 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، وأطيعوا ذا أمركم ، تدخلوا جنة ربكم " . رواه أحمد والترمذي .

التالي السابق


571 - ( وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلوا خمسكم : أضاف إليهم ليقابل العمل بالثواب في قوله : جنة ربكم ، ولينعقد البيع والشراء بين العبد والرب كما في قوله تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم الآية . قاله الطيبي . وقال الطيبي : حكمة إضافة هذا وما بعده إليهم إعلامهم بأن ذوات هذه الأعمال بكيفياتها المخصوصة من خصوصياتهم التي امتازوا بها عن سائر الأمم ، وحثهم على المبادرة للامتثال بتذكيرهم بما خوطبوا به ، وتذكيرهم بأن هذه الإضافة العملية يقابلها إضافة فضيلة هي أعلى منها وأتم ، وهي الجنة المضافة إلى وصف الربوبية المشعر بمزيد تربيتهم وتربية نعيمهم ، بما فارقوا به سائر الأمم ( وصوموا شهركم ) : أي : المختص بكم وهو رمضان ، وأبهمه للدلالة على أنه صار من الظهور عندهم إلى حد لا يقبل الشك والتردد ( وأدوا زكاة أموالكم ) : التي هي ملك لكم ، ولعل تأخير الزكاة عن الصوم ; لأنها فرضت بعده ، وأما اقترانهما في غالب الآيات والأحاديث ; لأن الأولى منهما أم العبادات البدنية ، والأخرى أم [ ص: 512 ] الطاعات المالية ، ولم يقل : أدوا زكاتكم ; إيماء إلى أن وجوب الزكاة غير مطلق ، بل متعلق بالأموال النامية الواصلة إلى نصابها السائمة ، مع الإشارة إلى أن زكاة الأموال أشق على النفس ; لأنها جبلت على محبتها محبة مفرطة ، ربما أفضت بكثيرين إلى إيثار بقائها على بقاء النفس ، ولذا مدح الله المؤمنين بقوله : " وآتى المال على حبه " على حد أقوال المفسرين ( وأطيعوا ذا أمركم " ) : أي : الخليفة والسلطان وغيرهما من الأمراء ، أو المراد العلماء ، أو أعم أي : كل من تولى أمرا من أموركم ، سواء كان السلطان ولو جائرا ومتعليا وغيره من أمرائه أو سائر نوابه ، إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولم يقل : أميركم ; إذ هو خاص عرفا ببعض من ذكر ؛ ولأنه أوفق بقوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم . ( تدخلوا جنة ربكم ) : جواب الأوامر السابقة أي : من غير سابقة عذاب ; لأن الغالب من فعل الأشياء المذكورة فهو يكون من الصالحين ، والمراد : تنالوا من درجات الجنة ما يليق بأعمالكم ; لأن الحق أن دخول الجنة بفضل الله والدرجات على حسب الطاعات ( رواه أحمد ، والترمذي ) : وقال : حسن صحيح ، نقله ميرك .




الخدمات العلمية