الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5811 - وعنه ، قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا لعانا ولا سبابا كان يقول عند المعتبة ما له ترب جبينه . رواه البخاري .

التالي السابق


5811 - ( وعنه ) أي : عن أنس ( قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ) أي : آتيا بالفحش من الفعل ( ولا لعانا ولا سبابا ) ، المقصود منهما نفي اللعن والسب ، وكل ما يكون من قبيل الفحش القولي ، لا نفي المبالغة فيهما ، وكأنه نظر إلى أن المعتاد هو المبالغة فيهما ، فنفاهما على صيغة المبالغة ، والمقصود نفيهما مطلقا كما يدل عليه آخر كلامه . قال الطيبي ، فإن قلت : بناء فعال للتكثير أو للمبالغة ، ونفيه لا يستلزم نفي اللعن والسب مطلقا . قلت : المفهوم ها هنا غير معتبر ، لأنه وارد في مدحه - صلى الله عليه وسلم - فإن أريد التكثير فيعتبر الكثرة فيمن يستحقه من الكفار والمنافقين ، أي : ليس بلاعن واحد واحد منهم ، وإن أريد المبالغة كان المعنى أن اللعن بلغ في العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان اللاعن بمثله لعانا بليغ اللعن نحو قوله تعالى : وأن الله ليس بظلام للعبيد قلت : الأظهر في معنى الآية والحديث أن يقال : فعال للنسبة كتمار ولبان أي : ليس الله بذي ظلم مطلقا ولا رسوله بصاحب لعن ولا سب لمن لم يكن مستحقا من الكفار أو الفجار ، لكونه في الرحمة ، ولذا استأنف الراوي بقوله : ( كان يقول عند المعتبة ) : بفتح التاء ، وقيل بكسرها أيضا بمعنى الملامة والعتاب على ما في القاموس ، واختاره ابن الملك وبمعنى الغضب كما في النهاية ، واختاره شارح والمعنى غاية ما يقوله عند المعاتبة ، أو المخاصمة هذه الكلمة معرضا عنه غير مخاطب له ( " ما له ترب جبينه ) ؟ وهي أيضا ذات وجهين ، إذ يحتمل أن يكون دعاء على المقول له بمعنى رغم أنفك ، وأن يكون دعاء له بمعنى سجد لله وجهك . ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية